الأحد، 22 محرّم 1446هـ| 2024/07/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ضمن المشروع الكبير لإعادة تشكيل شبه القارة الهندية

الهند تضيف قيمة استراتيجية ضئيلة بامتلاكها منظومة إس-400

 

الخبر:

بعد الاشتباك الحدودي المميت مع الصين، طلبت الهند من روسيا الإسراع في تسليم نظام الدفاع الجوي إس-400. فردت روسيا بالتأكيد على أنها ستوفر بعض المعدات العسكرية مثل الصواريخ والقنابل ليستخدمها سلاح الجو الهندي. وسيتم تسليم المعدات المتبقية في العام المقبل، ومن المتوقع أن تصل منظومة إس-400 إلى القدرة التشغيلية الكاملة بحلول نهاية عام 2021. ويعتقد المسؤولون العسكريون الهنود أن نشر منظومة إس-400 سيثبط العدوان الصيني ويوفر التفوق الجوي ضد باكستان. وعلى الرغم من ذلك فإن بعض النقاد يتكهنون بأن نظام الدفاع الجوي إس-400 سيغير من قواعد اللعبة بالنسبة للهند.

 

التعليق:

 

لاحظ كلاوزفيتز ذات مرة أن الحرب وسيلة لتحقيق غاية سياسية، وهناك ميل بين المسؤولين العسكريين للتركيز أكثر من اللازم على التكتيكات العسكرية وإغفال الأهداف السياسية، ويبدو أن منظومة إس-400 هي أحد الأمثلة على ذلك.

 

لقد تم إدخال نظام الدفاع الجوي إس-400 لأول مرة في الخدمة الروسية في عام 2007، وقد تطور عن نظام إس-300 القديم. ويتنافس نظام إس-400 مع أنظمة الدفاع الجوي ثاد وباك-3 الأمريكية، ويتفوق من نواح عديدة على الأنظمة الأمريكية. وفي عام 2017، أشادت الإيكونوميست بنظام إس-400 ووصفته بأنه "أحد أفضل أنظمة الدفاع الجوي التي يتم تصنيعها حالياً". وكما هو متوقع، تسعى العديد من البلدان لشراء نظام إس-400. ويعتزم الكرملين في عام 2021 إطلاق نظام البرومتري إس-500، وهو نظام صاروخي أرض جو روسي، نظام مضاد للصواريخ الباليستية، سيزيد من قدرات منظومة إس-400، وهذا يشكل تحدياً كبيراً لأنظمة الدفاع الجوي الأمريكية.

 

ويتكون نظام إس-400 من مجموعة متنوعة من المكونات مثل الرادارات وقاذفات الصواريخ وصواريخ اعتراضية، ويعمل بشكل جيد كجزء من الدفاع الجوي المتكامل متعدد الطبقات. ومن المرجح أن تشهد كل من روسيا والصين الفوائد الكاملة لإس-400، حيث إن لديهما أنظمة دفاع جوي متكاملة لأن منظومة إس-400 هي مثل الجوهرة على التاج. ونظراً لعدم وجود تكامل مع أنظمة الدفاع الجوي الحالية الخاصة بهما، فمن المشكوك فيه أن تستفيد تركيا والهند الاستفادة الكاملة من نظام إس-400.

 

لقد طلبت الهند خمس بطاريات من إس-400؛ اثنتين منها سيتم نصبهما بالقرب من الحدود الباكستانية والثلاث الأخرى ستتمركز بالقرب من حدود الهند الطويلة مع الصين، بتكلفة 5.2 مليار دولار. وبالمقابل تمتلك الصين إس-400 مدمجة في نظام الدفاع الجوي المتطور، ولن يعيقها امتلاك الهند إس-400. إلى جانب ذلك، فإن الصين مجهزة بشكل أفضل ومستعدة لأبعاد أخرى للحرب مثل القتال على الأرض والفضاء الإلكتروني والفضاء. بالإضافة إلى ذلك، تمتلك الصين وحدة قيادة متفوقة، وتكنولوجيا حوسبة واستخبارات أفضل من الهند. وتعتمد معظم التكنولوجيا المهمة في الهند على البنية التحتية التكنولوجية الصينية، وهي عرضة بسهولة للهجوم الإلكتروني من جيش التحرير الشعبي.

 

إنّ المنصات العسكرية الهندية أضعف بكثير من المنصات الصينية، وهذا يرجع أساساً إلى انتقال الهند من المعدات العسكرية الروسية إلى الأجهزة العسكرية الأمريكية، ويعتبر التشغيل البيني قضية رئيسية. ومما يزيد من تعقيد ذلك قرار الهند بشراء إس-400 من روسيا واستبدال طائرات مقاتلة فرنسية من نوع رافال بطائراتها القديمة. إنّ المجموعة الواسعة من المعدات تهدد المنصات العسكرية الدفاعية والهجومية في الهند بشكل كبير. كما يشكك في اندماج الهند في البنية الأمنية الرباعية لأمريكا، والتي تضم (اليابان وأستراليا والولايات المتحدة والهند) التي تمتد عبر المحيط الهندي ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ. وبخيبة أمل، فقد هدد الأمريكيون في مناسبات عدة الهند بفرض عقوبات على شراء إس-400.

 

وعلاوة على ذلك، فقد عملت الصين بلا كلل أو ملل للحد من نفوذ الهند بين أقمارها الصناعية، حيث شجّعت المواجهة الصينية مع الهند، شجعت نيبال على إرسال قوات مجاورة لحدودها مع الهند. كما أن الصين هي الشريك التجاري الأول لبنغلادش منذ عام 2005، وتنازلت مؤخراً عن الرسوم الجمركية على 97٪ من السلع البنغالية التي تدخل السوق الصينية. كما تبني الصين أيضاً قاعدة غواصة في كوكس بازار على الشاطئ البنغالي، وتدير موانئ في سريلانكا وباكستان. وهذا يتيح للبحرية الصينية وضع سفنها في هذه الموانئ وإعاقة طموحات الهند البحرية بشكل كبير. ومن هذا المنظور، فإنه من الصعب معرفة القيمة الاستراتيجية التي تمنحها منظومة إس-400 للقوات المسلحة الهندية في التوترات الحالية بشأن منطقة لاداخ، أو في الاشتباكات العسكرية المستقبلية مع الصين.

 

إنّ قضية نشر صواريخ إس-400 لمنح تفوق القوات الجوية الهندية على باكستان تبدو أكثر قبولا، فإن التفكير الدقيق يكشف أن الهند قد تكافح من أجل تحقيق الفوائد الكاملة لإس-400. حيث تعطي بطاريتين من إس-400 في الهند لسلاح الجو الهندي لمواجهة 64 صاروخ سام أرض-جو كحد أقصى، ويبلغ مدى الصاروخ حوالي 300 إلى 400 كم. وإذا تم وضع البطاريات بالقرب من خط التماس، فمن المحتمل أن يؤثر ارتفاع المرتفعات والمنطقة الجبلية على كفاءة أجهزة الاستشعار. وبالتالي فإن الرادارات ستكون أقل فاعلية. وعلى أي حال، ستكون البطاريات ضعيفة في مواجهة الصواريخ الباكستانية مثل غوري، وشاهين 1 أ، وغزنو، والعبدلي، وصواريخ أخرى وكذلك الطائرات المسيرة. ويمكن لباكستان أيضاً استخدام حزمة صواريخ أبابيل لضرب إس-400. وهذا يعني أنه يجب نشر بطاريات إس-400 بعيداً عن الحدود الباكستانية لتقليل تهديدها للقوات الجوية الباكستانية. وبناءً على الكشف المبكر عن معدات إس-400، يمكن للجيش الباكستاني استخدام تدابير سرية مثل إدخال المغاوير لتعطيل عمليات إس-400.

 

إذا كان الأمر يتعلق بتحرير باكستان لكشمير، فمن غير المحتمل أن تلعب إس-400 دوراً مهماً، حيث سيقف السكان الكشميريون الذين روّعتهم القوات الهندية إلى جانب الجنود الباكستانيين على الفور ضد القوات الهندية.

 

ويركز المسؤولون العسكريون في الغالب على التكتيكات، والحصول على الأسلحة واستخدامها في ميدان المعركة، ويفشلون في رؤية الصورة الاستراتيجية الكبيرة. وهكذا يُترك للسياسيين ذوي البصيرة الاستراتيجية صياغة وتحديد أهداف سياسية يمكن كسبها دون إنفاق الكثير على القوة العسكرية. وفي هذا الصدد، فإن الوقت مناسب لباكستان لضم كشمير بأكملها. حيث تواجه الهند قوات معادية على ثلاث جبهات هي: باكستان والصين ونيبال. وأقمارها الصناعية هي مصدر للذعر المستمر بدلاً من أن تكون مصدرا للقوة، والمنصات العسكرية في الهند تمر بمرحلة انتقالية تؤثر على قدراتها. ودفع هذا المزيج الخطير ببعض الحركات الانفصالية العشرين ومائتي مليون مسلم يبحثون عن الخلاص، دفعتهم للتفكير بإحداث اضطرابات داخلية بشكل كبير. إنّ إدراج إس-400 في هذا السياق الاستراتيجي يوفر للهند القليل من العزاء. وإذا لعبت باكستان أوراقها بشكل صحيح، فلن تنجح إسلام آباد في ضم كشمير فحسب، بل ستشعل حرائق انفصالية ستطغى على جيش الهند وتعيد تشكيل شبه القارة الهندية في المستقبل المنظور.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد المجيد بهاتي

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع