- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
المشيشي يسير على خطا سابقيه في بيع الأوهام ومحاولة إنقاذ النظام
الخبر:
قال وزير الداخلية التونسي والمكلّف بتشكيل الحكومة هشام المشيشي، إن السلطات تسعى لمضاعفة الإمكانيات التي ستساعد الحرس الوطني للتصدي لظاهرة الهجرة غير النظامية، بعد أن سجلت في الآونة الأخيرة ارتفاعا واضحا.
وأكد المشيشي على أهمية وضع مقاربة اجتماعية وتنموية وعدم الاقتصار على المقاربة الأمنية لعلاج هذه الظاهرة. وتحدث المسؤول التونسي عن ضرورة منح الأمل للشباب المهاجر بطريقة غير نظامية، قائلا: "الحلم ما زال ممكنا في تونس والأمل موجود في بلدهم". (سكاي نيوز)
التعليق:
لا يختلف رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي في أسلوب التعاطي مع ملف الهجرة "غير النظامية" عن سابقيه، ولا عن رئيس الدولة نفسه الذي صرح منذ أيام بأن تنظيم رحلات الهجرة السرية عمل إجرامي، فجميع حكام تونس منذ عهد بن علي وإلى اليوم يتعاملون مع النتائج لا مع الأسباب.
فبدل معالجة أسباب تنامي هذه الظاهرة وتضاعف عدد الفارين بجلودهم من نير النظام الظالم الجاثم فوق صدورهم، ورغم حوادث الغرق المتتالية التي راح ضحيتها شباب في مقتبل العمر فقد أبسط مقومات العيش الكريم، نجد رئيس الحكومة المكلف يؤكد على أهمية وضع مقاربة اجتماعية وتنموية في سياق التسويق لحكومته القادمة، ما يعني أن هذه المقاربة لم تتشكل معالمها بعد، وأن رئيس الحكومة لا يزال يمني نفسه بوضعها، للتغطية عن عدم نجاعة المقاربة الأمنية التي اعتمدها لما كان وزيراً للداخلية، والتي تستنزف جهود قوات الأمن والحرس بصفة خاصة في مهام إضافية، كان الأصل أن توظف فيما هو أهم لو كانت لدينا دولة ترعى الشؤون وتوفر للناس أساسيات العيش. ولكن فاقد الشيء لا يعطيه، فالنظام الحالي لم يعد قادرا على أكثر من إحصاء الأعداد وقراءة الأرقام المفزعة على جميع المستويات، أما قوات الجيش والأمن والحرس فصاروا بدورهم ضحايا لسياسات فاشلة وعرجاء، تحمّلهم مسؤولية الدفاع عن الفراغ السياسي والفشل الحضاري وتطالبهم بحراسة رموزه، بل تحمّلهم أيضا عبء وأثقال عقم هذه السياسات وعجزها الواضح عن علاج المشاكل المتراكمة ووضع حد للتحركات الاحتجاجية، وليس آخرها اعتصام الكامور واعتصام أصحاب شهادات الدكتوراه المعطلين عن العمل.
إن الانخراط في هذه الحملة الأمنية عقب طلب رسمي من وزيرة الداخلية الإيطالية لوتشيانا لامورغيسي إثر لقائها بالرئيس قيس سعيّد من أجل وضع حد لهذا التدفق البشري الهائل، ليؤكد لكل ذي لب وبصيرة، أن هذا النظام بكل رموزه وممثليه لا تعنيه مطلقا هجرة الأدمغة ولا يعنيه التصدق بكفاءات البلد للسادة الغربيين، فهي هجرة نظامية وشرعية لا إشكال فيها ما دامت من أجل عيون الكفار المستعمرين، وإنما تعنيه فقط رعاية مصالح أسياده في بلادنا، ولذلك تم إغلاق ملف هجرة الأدمغة نهائيا بعد التأكد من تصدير جل الطاقات القادرة على تحقيق الثورة التكنولوجية المنشودة. وهكذا فإن تناول أشباه الحكام لهذا الملف هو فقط من أجل حل مشاكل أسيادهم كي لا ينزعجوا من تنامي هذه الظاهرة، وليس من باب حل مشاكل أهل البلد، وإلا لكانوا تفطنوا منذ زمن أن شباب تونس يموتون أحيانا على مشارف محطات الغاز ومنصات النفط العائمة دون أن يفكر أحد من الساسة والقادة في استرجاع الحقول الممنوحة مجانا إلى المستعمر البريطاني.
إن هذا النظام الرأسمالي الديمقراطي الذي أغرق العالم في طوفان لا يدرك أوّله من آخره، لهو سبب بلاء وشقاء البشرية جمعاء، لقطعه صلة الأرض بالسماء حكما وتشريعا، وإن على من أراد بجد وإخلاص أن ينقذ البلاد والعباد مما هي فيه وأن يدرك سفينة النجاة أن يلتحق بقافلة الخلافة عاجلا غير آجل، ففيها الأمان وفيها الخلاص بإذن الله، وإليها الهجرة الشرعية التي ترضي الله ورسوله ﷺ. وهذا ما يليق بتونس شعبا وأمنا وجيشا، فهي من حظيت بشرف إطلاق شرارة ثورة الأمة، عسى أن نستعيد سلطان الأمة المغتصب وأن يتوج هذا المسار بخلافة على منهاج النبوة بإذن الله. أما التمسك بقشة الديمقراطية وبكل حبائل الغرب الذي لا همّ له سوى تجديد الإيمان بنظامه الرأسمالي الفاسد على حساب حضارة الإسلام الصاعدة، فهو تجديف عكس تيار الأمة بل عكس مسار التاريخ، ولذلك فإن الحديث عن الآمال والأحلام في ظل هذا النظام الفاسد من رأسه إلى أخمص قدميه لهو بيع للأوهام في سوق الغفلة، وإن من يعلق آمال شعبه على غير دين الله وشريعته الغراء لهو كمن يُغرق بالبنزين الأرضَ وينتظر أن ينبت الزّهر! وهذا هو حال كل من صدّق أبالسة السياسة من القادة الغربيين في دجلهم وكذبهم. قال تعالى: ﴿يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُوراً﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس وسام الأطرش – ولاية تونس