- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الحكم السعودي البائس
(مترجم)
الخبر:
تحتفظ السعودية، وهي واحدة من أغنى الدول على وجه الأرض، بمئات إن لم يكن الآلاف من المهاجرين الأفارقة محبوسين في ظروف مروعة تذكر بمعسكرات العبيد في ليبيا كجزء من حملة لوقف انتشار كوفيد-19، وفقاً لتحقيق أجرته صحيفة صنداي تلغراف.
تُظهر الصور الرسومية للهواتف المحمولة التي أرسلها مهاجرون محتجزون داخل مراكز الاحتجاز إلى الصحيفة، عشرات الرجال الهزالى الذين أصيبوا بالشلل بسبب الحرارة وهم مستلقون بلا قمصان في صفوف مكتظة بإحكام في غرف صغيرة ذات نوافذ بقضبان. وتظهر إحدى الصور ما يبدو أنه جثة ملقاة ببطانية أرجوانية وبيضاء في وسطهم. يقولون إنها جثة مهاجر مات من ضربة شمس وأن الآخرين بالكاد يحصلون على ما يكفي من الطعام والماء للبقاء على قيد الحياة.
وتظهر صورة أخرى، أكثر من أن تنشر، شاباً أفريقياً معلقاً بنافذة في جدار داخلي من البلاط. وقتل المراهق نفسه بعد أن فقد الأمل، كما يقول أصدقاؤه، وكثير منهم محتجزون منذ نيسان/أبريل.
يزعم المهاجرون، الذين تظهر على ظهورهم ندوب عدة، أنهم تعرضوا للضرب على أيدي الحراس الذين كالوا لهم الشتائم العنصرية. "إنه الجحيم هنا". قال أبيبي، وهو إثيوبي محتجز في أحد المراكز لأكثر من أربعة أشهر، "نعامل كالحيوانات ونضرب كل يوم". "إذا رأيت أنه لا مفر، سأنتحر بنفسي". وأضاف عبر وسيط تمكن من التواصل عبر هاتف مهرّب "جريمتي الوحيدة هي مغادرة بلدي بحثاً عن حياة أفضل، لكنهم ضربونا بالسياط والأسلاك الكهربائية وكأننا قتلة".
لطالما استغلت السعودية الغنية بالنفط العمالة المهاجرة من أفريقيا وآسيا. في حزيران/يونيو 2019، كان ما يقدر بنحو 6.6 مليون عامل أجنبي يشكلون حوالي 20 في المائة من سكان الدولة الخليجية، معظمهم يشغلون وظائف منخفضة الأجر وغالبا ما تكون شاقة بدنيا. (ديلي تليغراف)
التعليق:
نظراً لظهور رواية فظيعة أخرى لانتهاكات حقوق الإنسان في السعودية، يجب أن نتساءل عن سبب ارتباط هذه الدولة التي تدعي أنها تمثل دين الإسلام الكريم مراراً وتكراراً بالانتهاكات المروعة ضد سكانها من العمال المهاجرين واللاجئين.
عوضا عن تكريم الفقراء والمعوزين، ودفع أجر عادل لمن يبحث عن عمل كما ينص الإسلام - تم تمديد الممارسة الحالية المتمثلة في إسكان العمال المهاجرين من جنوب آسيا في ملاجئ مزدحمة مع توفير غير ملائم للمنشآت الصحية والمرافق الطبية، لهؤلاء اللاجئين المتدفقين من القرن الأفريقي.
كثيرون هم ضحايا وكلاء التوظيف ومهربي البشر، الذين سافروا هرباً من الفقر في بلادهم، لكنهم حوصروا في السعودية جزئياً نتيجة للوباء ولكن أيضاً بسبب إصلاحات القوى العاملة التي أدخلها العام الماضي محمد بن سلمان، الذي تجب محاسبته كونه المسؤول عن الظروف اللاإنسانية التي يتعرض لها هؤلاء الرجال.
انتشار معدلات الانتحار والأمراض العقلية إلى جانب الأمراض الأخرى بين المعتقلين؛ ومع ذلك، على الرغم من هذه الظروف المروعة، فقد تم التخلي عن الخطط الفورية للترحيل، مما ترك الرجال يعانون في أكثر الظروف بؤساً، والمحتجزون بأعداد تتجاوز المئة في الغرفة الواحدة. علاوة على ذلك، يبدو أن الإيماءات السعودية الكبرى لتوزيع الماء والطعام لا تُمنح إلا للحجاج والمعتمرين، لأن هؤلاء الرجال يتعرضون لمزيد من التجريد من الإنسانية بسبب محدودية الوصول إلى المياه، ولا يُعطون سوى قطعة خبز في الصباح وبعض الأرز في المساء لتناول الطعام.
وتُظهر صور الأقمار الصناعية أن هناك العديد من المباني التي تؤوي مهاجرين غير شرعيين في الشميسي بالقرب من مكة المكرمة وجازان وهي مدينة ساحلية بالقرب من اليمن، يحتمل أن يكون في كل منها آلاف الرجال.
أولئك الذين زاروا المملكة من المحتمل أن يكونوا قد شاهدوا العنصرية الواضحة وراء نظام الدرجتين الذي يخضع له الأفارقة والجنوب آسيويين. من طريقة معالجتهم عند الوصول إلى التجمعات والسكن والنزل المخصصة لهم، هناك فرق شاسع في معاملتهم وفرصهم، مقارنة بمعاملة العرب وأي شخص من الغرب.
في ظل رأسمالية الغرب، العنصرية متجذرة، ومنسوجة في أنظمتها، موجودة في كل مستوى من مستويات المجتمع وهي أساس في القيم والديناميكيات المجتمعية للدولة القومية مهما كانت الكراهية العنصرية مستترة. لكنها تختبئ وراء التعددية الثقافية وشعارات تكافؤ الفرص، لكن كل شخص ملون يعرف أن هذه الادعاءات رفيعة المستوى تفشل فشلا ذريعا عندما يتم اختبارها فعلياً من قبل القضاء والشرطة والقوى العاملة.
وبالمثل تسعى السعودية كدولة قومية إلى فكرة تغليب المنفعة الذاتية فوق كل مفاهيم المشاركة الأخلاقية والإنسانية مع سكانها المهاجرين. لقد حددت أجندتها القومية سياساتها العنصرية، حيث يتجلى كره وتنازل النخبة الحاكمة على أنه خيط علني للرأسمالية. وهو ما يفسر الانتهاكات التي لا تعد ولا تحصى تجاه العمال الذكور وليس ذلك فحسب، بل أيضا عمليات التعذيب والقتل التي تتعرض لها المربيات والخادمات دون عقاب.
على عكس الرأسمالية، يقدّر نظام الحكم الإسلامي الناس بما يتجاوز أي منفعة يمكنهم تقديمها ولا يحتاجون إلى العمل وفقاً للتسلسل الهرمي أو النظام الطبقي. بغض النظر عن القبيلة والجنسية والخلفية والقدرة والجنس، يمنح الإسلام شرفاً واحتراماً كبيرين للعامل والمسافر والمحتاج، كما تثبت أحكامه المفصلة والتقاليد الواضحة المشهورة.
تمتلئ التقاليد الإسلامية بأمثلة على العدل والمعاملة الطيبة وطرق تكريم الفقراء كما يتضح من نبينا الكريم محمد ﷺ وأصحابه وأجيال المسلمين بعد ذلك.
في الواقع، يتجه المبدأ الإسلامي بأكملها نحو تلبية احتياجات الناس من خلال التخفيف من حدة الفقر عبر التوزيع العادل والمنصف - وليس فقط الإنتاج الضخم.
وإن ذلك جلي أيضا في فعل الأنصار في المدينة المنورة، في دعمهم المهاجرين خدمة لبلدهم، ووفاء بواجباتهم الفردية.
روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي ﷺ: «أَعْطُوا الْأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ». ومن المعروف أن نبينا ﷺ كان يحرص دائماً على أن يعيش خادمه ويأكل ويلبس مثله ﷺ وليس أقل. وبالمثل، لم يكن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب يسير في الشوارع ليلاً ليضمن سلامة الناس وأمنهم ويسير في حاجة الأسر بنفسه إذا كانت هناك حاجة فحسب، بل كان يوزع الطعام في جميع أنحاء الدولة الإسلامية قائلاً إنه يخشى أن يظلم أي مخلوق مهما كان صغيراً، لأن لهم الحق جميعاً في العيش بسلام وأمان في ظل الإسلام.
إن مبادئ الإسلام السامية وقيمه وشرائعه قد صممها خالق السماوات والأرض للارتقاء بالبشرية كأفراد وأمة. وإن حقيقته قادرة على تقديم الخير والخير فقط لكل شخص يصل الإسلام إليه.
﴿وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً﴾
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
مليحة حسن