الأحد، 22 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
أذربيجان وأرمينيا: ما وراء الاشتباكات المتجددة؟ وما مغزى التدخل التركي؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أذربيجان وأرمينيا: ما وراء الاشتباكات المتجددة؟ وما مغزى التدخل التركي؟

 

 

 

الخبر:

 

شنت أرمينيا هجوما واسعا على أذربيجان صباح يوم 2020/9/27، فذكرت وزارة الدفاع الأذرية في بيان أن "النيران الأرمينية أوقعت خسائر في الأرواح بين المدنيين، بجانب إلحاق دمار كبير في البنية التحتية المدنية في عدد من القرى التي تعرضت لقصف أرميني عنيف". وذكرت أن "قواتها أطلقت هجوما مضادا وتمكنت فيه من تدمير عدد كبير من المرافق والمركبات العسكرية الأرمينية على عمق خط الجبهة بينها 12 منظومة صواريخ مضادة للطائرات من طراز (أوسا)" الروسية.

 

التعليق:

 

قام المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالين يدين الهجوم فكتب على تويتر يقول "على المجتمع الدولي أن يوقف على الفور هذا الاستفزاز الخطير، وتركيا تقف بجانب أذربيجان أمام هذه الهجمات. وإن أرمينيا أثبتت مرة أخرى وقوفها ضد السلام والاستقرار عبر انتهاك الهدنة بشنها هجوما على المواقع السكنية المدنية الأذربيجانية". ومثل ذلك ذكر مسؤولون أتراك آخرون مثل وزير الدفاع ورئيس البرلمان والمتحدث في زارة الخارجية والمتحدث باسم الحزب الحاكم. فكأن تركيا تقبل بالوضع الذي عليه الحال منذ الاحتلال الأرمني عام 1992، عندما قال المسؤولون الأتراك إن ذلك ضد السلام والاستقرار وانتهاك الهدنة! ولا يتحركون لتحرير هذه المناطق وإعادة المهجرين إلى أراضيهم!!

 

إذ إن أرمينيا تحتل نحو 20% من الأراضي الأذرية التي تضم إقليم قرا باغ (بستان العنب الأسود) الذي يتكون من 5 محافظات، بجانب 5 محافظات أخرى غربي البلاد، بالإضافة إلى أجزاء واسعة من محافظتي آغدام وفضولي، وقد هجرت نحو مليون من أهالي هذه المناطق المسلمين. وقد تم ذلك بمساعدة روسيا، فقد تدخل الجيش الروسي مباشرة، وما زالت روسيا تقف وراء أرمينيا البلد صغير المساحة والسكان والقوى والمقدرات بالنسبة لأذربيجان. فروسيا هي التي تمول وتدعم أرمينيا بالسلاح والعتاد وكل ما يلزم للبقاء، وهي عضو في منظمة الأمن الجماعي التي تقودها روسيا. فقد أعرب وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف خلال حديث تلفوني مع نظيره الأرمني زوهراب مناتساكانيان عن "قلقه إزاء الأعمال العدائية في قرا باغ مشددا على ضرورة وقف إطلاق النار" (سبوتنيك الروسية 2020/9/27) مما يشير إلى الدعم الروسي لأرمينيا ضد أذربيجان.

 

فعندما تدين تركيا أرمينيا يجب أن تدين روسيا الداعم الرئيس الذي يفرض نفوذه هناك ويحمي أرمينيا، حيث لا تجرؤ أرمينيا على العدوان إلا بدعم روسي. فالذي يدعم العدو هو أيضا عدو. ولكن تركيا أردوغان تقيم أفضل العلاقات مع العدو الروسي وتتحالف معه في سوريا ضد أهلها المسلمين الثائرين على نظام الإجرام برئاسة بشار أسد.

 

وقد أعلنت فرنسا الوسيط (النزيه) وقوفها بجانب أرمينيا في بيان أصدرته عقب الاشتباكات فقالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية فون دير مول: "فرنسا تشعر بقلق عميق إزاء الاشتباكات واسعة النطاق في قرا باغ والتقارير عن سقوط ضحايا، لا سيما في صفوف المدنيين وتدعو إلى وقف فوري للأعمال العدائية واستئناف الحوار" وقالت: "إن فرنسا وبصفتها تتشارك برئاسة مينسك تؤكد مع شركائها الروس والأمريكيين على التزامها للتوصل لحل تفاوضي للصراع في إطار القانون الدولي" (سبوتنيك). وقد تشكلت مجموعة مينسك بقيادة روسيا وأمريكا وفرنسا عام 1992 لإيجاد حل لقضية قرا باغ، فعمدت هذه الدول على تكريس الاحتلال الأرمني للإقليم الذي تحقق بوقف إطلاق النار عام 1994، فلم يحصل أي تقدم نحو الحل، والذي يقضي بإعادة المناطق المحتلة لأذربيجان وإعادة الأهالي المهجرين إلى أراضيهم. فأصبحت القضية تراوح مكانها فكان وقف إطلاق النار بمثابة نصر للأرمن. ولم تعلن مجموعة مينسك عن كيفية الحل وعما يجري عليه التفاوض، ولكن يفهم من السياق ومن الأوضاع والملابسات أنهم يريدون أن ينتزعوا اعترافا من أذربيجان للاحتلال الأرمني لمحافظات إقليم قرا باغ الخمس حيث أفرغت من أهلها المسلمين بالكامل وحل محلهم كفار من النصارى الأرمن، حتى تنسحب أرمينيا من المحافظات الخمس الأخرى والمناطق المحتلة من محافظتي آغدام وفضولي، وهكذا تصفى القضية. كما حصل في فلسطين؛ حيث انتزع اليهود ومن ورائهم أمريكا اعترافا من منظمة التحرير الفلسطينية والأنظمة القائمة في البلاد العربية والإسلامية باغتصاب يهود لنحو 80% من فلسطين وصار يجري التفاوض على نحو 20% من الأراضي التي يحتلها يهود منذ عام 1967 بل التي سلمت لهم من قبل الخونة وعلى رأسهم الملك حسين وحافظ أسد وعبد الناصر، وذلك عندما قبلوا بوقف إطلاق النار وقبول قراري 242 و 243 الصادرين من مجلس الأمن واللذين يقضيان بانسحاب كيان يهود فقط من أراضٍ احتلها بل سلمت له يوم 5 حزيران من تلك السنة.

 

لقد ظهر تسخين للأوضاع مؤخرا بين الجانبين فازدادت الاشتباكات وبدأت تتوسع، وبرز دعم تركي لأذربيجان بعد إهمال تام لعقود، بل حدث اتفاق سلام منفصل بين تركيا وأرمينيا في زوريخ بسويسرا يوم 2009/10/10 لتطبيع العلاقات وتصفية الخلافات بين الجانبين، وقد وصف الاتفاق بالتاريخي، وذلك بمنأى عن خلافات أذربيجان مع أرمينيا وما يتعلق باحتلالها لأراضٍ أذرية وتهجير أهلها منها، حيث لم يشر الاتفاق إلى ذلك بشيء يذكر. وقد أشرفت أمريكا على توقعيه بواسطة وزيرة خارجيتها آنذاك هيلاري كلينتون بجانب وزير خارجية روسيا ووفود من فرنسا وأوروبا.

 

فهذا الاهتمام التركي لا يبشر بخير، فكلما تدخلت تركيا أردوغان في قضية يكون ذلك على حساب أهلها ولصالح أمريكا كما حصل في سوريا وليبيا. فلا يستبعد أن يكون الدعم التركي لممارسة الضغوطات على أذربيجان لتليين موقفها، وهذا ما تشير إليه تصريحات المسؤولين الأتراك، حيث إنه لم يتم كسر الجمود في المفاوضات التي تقودها مجموعة مينسك وخاصة أمريكا، حتى تقدم أذربيجان تنازلات في موضوع قرا باغ، بينما تكرر تعهدها باستعادة قرا باغ بالقوة من المحتلين، وتعتبره أمريكا وروسيا وفرنسا كأنه أقليم أرمني حسب لهجة خطابهم ووسائل إعلامهم المؤيدة للأرمن دائما. وقد شكلت في الإقليم جمهورية خاصة به وكأنها مستقلة عن أرمينيا، حتى تصعّب المفاوضات فلا يتنازل هذا الإقليم عن كيانه المستقل! وحتى لا تكون أرمينيا مسؤولة مباشرة وتتملص من الضغوطات إذا مورست عليها. ولكن رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان أعلن موقف بلاده على صفحته في موقع فيسبوك عقب هذه الاشتباكات قائلا: "فلنقف بحزم خلف دولتنا وجيشنا.. وسننتصر".

 

إن موقف تركيا أردوغان لا يعول عليه في هذه القضية وفي غيرها، حيث لم يقدم الدعم منذ الحرب التي اندلعت بين الطرفين قبل ثلاثين عاما وبقيت أذربيجان وحدها، فلم تنتصر لها، وكذلك إيران رفضت تقديم الدعم لها ورفضت عرض الوحدة عليها الذي قدمه الأذريون عام 1989 عندما قاموا بإزالة الحدود مع إيران، فقامت إيران وأغلقت الحدود في وجههم، وقد بدأوا يبحثون عن بلد إسلامي يساعدهم وهم يعملون على التحرر من الاتحاد السوفياتي الذي بدأ يترنح إلى أن سقط عام 1991 نهائيا فتمكن الأذريون من الاستقلال. ولهذا يخشى أن يكون الدعم الأخير بمثابة فرض هيمنة على القرار الأذري ومن ثم إجباره على التنازل.

 

إن أذربيجان بلد إسلامي وأغلبية أهله هم مسلمون، إلا أن نظامه علماني، وهو امتداد للنظام الشيوعي السابق في إبعاد الدين عن الدولة وعن المجتمع. ولقد فتح هذا البلد مع أرمينيا على عهد الخليفة الراشدي الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه. وهناك نشاط للعديد من الحركات الإسلامية منها "حزب التحرير الذي مركزه الشرق الأوسط ويتخذ مواقف معادية من كيان يهود" كما ذكر تقرير صادر عن معهد روث ستيفن عام 2005. ولهذا فإن هذا البلد سيكون مهيأً للانضمام إلى دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة القائمة بإذن الله قريبا.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أسعد منصور

آخر تعديل علىالثلاثاء, 29 أيلول/سبتمبر 2020

وسائط

1 تعليق

  • Mouna belhaj
    Mouna belhaj الأربعاء، 30 أيلول/سبتمبر 2020م 11:26 تعليق

    اللهم خلافه راشدة تلم شعث المسلمين وتنقذهم مما هم فيه من البلاء

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع