- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
نظام بنغلادش الذي لا يعرف الإنسانية يأخذ العصا من ميانمار في اضطهاد مسلمي الروهينجا
(مترجم)
الخبر:
في الأول من تشرين الأول/أكتوبر، أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش بياناً بشأن الانتهاكات التي تعرض لها اللاجئون الروهينجا المحتجزون في بهاشان شار، وهي جزيرة نائية قبالة الساحل الجنوبي الغربي لبنغلادش. وأفاد اللاجئون أنهم تعرضوا للضرب المبرح على أيدي ضباط البحرية البنغالية بعد أن دخلوا في إضراب عن الطعام لمدة 4 أيام الشهر الماضي احتجاجاً على الظروف القاسية التي تعرضوا لها أثناء احتجازهم في الجزيرة، وللمطالبة بإعادة لمّ شملهم مع أسرهم في مخيم كوكس بازار للاجئين في البر الرئيسي. ووفقاً لمنظمة هيومن رايتس ووتش، فإن مسلمي الروهينجا تعرّضوا للضرب بالعصي وأغصان الأشجار، وحتى النساء والأطفال لم يسلموا من هذا الانتهاك المروّع. ويتعرض اللاجئون المحتجزون في الجزيرة الموحلة والمعرّضة للأعاصير لعدم توفّر الغذاء والمياه النظيفة، وكذلك انعدام المرافق الطبية وعدم القدرة على الحصول على التعليم أو الحصول على المساعدات الإنسانية والخدمات الأساسية الأخرى؛ ووجود قيود مفروضة على حريتهم في الحركة. ويضطر الكثيرون إلى النوم على أرضيات خرسانية بدون غطاء، بينما يعاني آخرون من مشاكل جلدية بسبب المياه غير الصحية. كما وثّقت هيومن رايتس ووتش في وقت سابق التعذيب والانتهاكات المزعومة للاجئين الروهينجا في الجزيرة على يد سلطات بنغلادش. بالإضافة إلى ذلك، زعم تقرير لمنظمة العفو الدولية، نُشر الشهر الماضي، الاعتداء الجنسي على نساء الروهينجا من أفراد الأمن في الجزيرة.
التعليق:
وصفت العديد من منظمات حقوق الإنسان جزيرة باشان شار بحق بأنها "سجن" وأنها غير صالحة للسكن بسبب تعرضها لأضرار جسيمة من الرياح الموسمية كل عام. وعلى الرغم من ذلك، في أيار/مايو من هذا العام، قام نظام حسينة المجرم بنقل أكثر من 300 من الروهينجا من مخيمات اللاجئين القذرة والمليئة بالأمراض في كوكس بازار إلى باشان شار. وشمل ذلك حوالي 180 امرأة و30 طفلاً. بل إن النظام تجاهل التحذيرات في أيار/مايو من أن الجزيرة كانت في طريق اقتراب "الإعصار العظيم"، وأن حصر اللاجئين هناك سيعرضهم لخطر شديد ويمكن تقدير حجم الظروف المعيشية التي لا تطاق في الجزيرة من حقيقة أن هؤلاء اللاجئين الفقراء العاجزين يفضلون العودة إلى المخيمات المزدحمة للغاية والبائسة في البر الرئيسي والتي وصفت أنها غير صالحة للحيوانات وكفخاخ للموت، بدلاً من البقاء في بهاشان شار. وفي أواخر أيلول/سبتمبر، ظهرت أنباء عن تشكيل نظام بنغلادش لجنة، برئاسة السكرتير الرئيسي لرئيس الوزراء، لبدء نقل 100 ألف لاجئ من الروهينجا من مخيمات كوكس بازار إلى الجزيرة.
لقد أظهر نظام حسينة الذي يتسم بعدم الإنسانية أنه لا يختلف عن نظام ميانمار الإجرامي في ازدرائه لمسلمي الروهينجا. إنّ هذا ليس مفاجئاً لأن كلا النظامين في الدولتين ولد من مفهوم القومية المدمر السام الذي ينزع الصفة الإنسانية عن أولئك الذين ينتمون إلى الأعراق أو القوميات أو الجنسيات الأخرى. في الواقع، إنه مفهوم يجرد الدول والحكومات والسياسيين الذين يعتنقونه من إنسانيتهم، بما في ذلك الأنظمة القائمة في البلاد الإسلامية، قال رسول الله ﷺ: «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ» فبدلاً من معاملة الروهينجا كإخوة وأخوات مسلمين، وتوفير الملاذ المناسب لهم كما يأمر الإسلام، فإن هذه الأنظمة، المخدّرة من القومية، تنظر إليهم على أنهم أجانب غير شرعيين في أراضيهم، وتعرّضهم لفصل آخر من الاضطهاد والمعاناة. ولهذا قال الرسول ﷺ في إشارة إلى القومية والعنصرية والوطنية: «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ»، وقال أيضاً: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعَا إِلَى عَصَبِيَّةٍ، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ قَاتَلَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ مَاتَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ» ويقول رسول الله أيضاً: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَفْتَخِرُونَ بِآبَائِهِمُ الَّذِينَ مَاتُوا، إِنَّمَا هُمْ فَحْمُ جَهَنَّمَ، أَوْ لَيَكُونَنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الْجُعَلِ الَّذِي يُدَهْدِهُ الْخِرَاءَ بِأَنْفِهِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ، إِنَّمَا هُوَ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ، النَّاسُ كُلُّهُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ خُلِقَ مِنْ تُرَابٍ».
وبالفعل، فإن هذه الأنظمة الفاسدة القاسية حتى النخاع، تزدري كلام الله سبحانه وتعالى القائل في كتابه العزيز: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾.
إنّ القومية هي المفهوم الغربي الذي قضى على وحدة الأمة الإسلامية لأنها جعلت الرابطة بين المسلمين تقوم على الروابط القومية والعرقية السطحية، بدلاً من رابطة العقيدة الإسلامية التي فرضها الله تعالى، وبالتالي تسببت هذه الفكرة الفاسدة والتي تؤدي الى التفرقة والانقسام في بلاد المسلمين، البلاد التي اتحدت ذات يوم في ظل الحكم الإسلامي للخلافة، تسببت في تقسيمها إلى دول قومية مختلفة وضعيفة، مما ساعد على هدم الخلافة التي كانت درعاً للمسلمين وحارساً لهم بغض النظر عن أعراقهم أو أجناسهم أو أوطانهم الأصلية. إن القومية مفهوم لم يجلب الخير لهذه الأمة بأي شكل من الأشكال، بل أبقت المسلمين منقسمين، وأشعلت الحروب فيما بينهم، وأدت إلى ترك المسلمين المضطهدين ليبقوا تحت الاضطهاد، وحرمانهم من الملاذ الكريم في بلاد المسلمين، كما هو الحال في محنة مسلمي الروهينجا. وإن بقينا نحن المسلمين متمسكين بهذا المفهوم التدميري الفاسد، واستمرينا في الحفاظ على هوية الدولة القومية في بلادنا الإسلامية، فلن ننجح أو ننهض أبداً، وسيظل إخواننا وأخواتنا المسلمون المضطهدون ضحايا للاضطهاد، محرومون من الحماية والرعاية والملاذ الآمن.
وفعلاً، لن تكون هناك فترة راحة ولا نهاية لمحنة أمتنا اليائسة حتى نرفض القومية وهذه الحدود الوطنية التي فرضها الاستعمار بين بلادنا ونتحد مرةً أخرى في ظل نظام واحد، ودولة واحدة وحاكم واحد تحت الحكم الإسلامي، تحت نظام الخلافة على منهاج النبوة التي تحمي المسلمين المظلومين وتنقذهم، وترعاهم في أراضيها، وتوفّر لهم الكرامة والحقوق والرفاهية التي فرضها لهم الله سبحانه وتعالى.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. نسرين نوّاز
مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير