السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
ماذا وراء "ميثاق قيم الجمهورية" الذي دعا إليه ماكرون؟؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ماذا وراء "ميثاق قيم الجمهورية" الذي دعا إليه ماكرون؟؟

 

 

 

الخبر:

 

"الإسلام دين يعيش أزمة اليوم في جميع أنحاء العالم"

"العلمانيّة لم تقتل أحدا"

"ستة ملايين نسمة من المسلمين يُمثّلون خطر تشكيل (مجتمع مُضادّ)"

"يجب التصدّي للانعزاليّة الإسلاميّة"

 

التعليق:

 

هذه كانت بعض تصريحات إيمانويل ماكرون حول خططه التي أعلن عنها لسنّ قوانين أكثر صرامة للتصدّي لما سماّه "الانعزال الديني" والدفاع عن القيم العلمانيّة.

 

وقد كان "ميثاق قيم الجمهورية" جزءا من حملته التي يقودها هذه الفترة بشراسة ضدّ المسلمين في فرنسا بتقديم مهلة للمجلس الفرنسي للعقيدة الإسلامية أقصاها 15 يوما للقبول بهذا الاتفاق.

 

ومنذ وصوله للسلطة، اعتاد ماكرون على ذكر الإسلام والمسلمين في كثير من خطاباته بصيغة التحذير أو التهديد أو الاستفزاز، وقد بات موقفه العدائيّ واضحا من الإسلام.

 

وقد يرى الكثير من معارضيه المسلمين وغير المسلمين أنّ مهاجمته للإسلام باتت ملجأ له للهروب من إخفاق سياسته وتدهور شعبيّته التي لم يعرفها أي رئيس فرنسي من قبله، فيما يرى آخرون أنّ مهاجمته للإسلام هي استثمار انتخابي للإسلاموفوبيا المنتشرة حاليّا في دول الغرب وفرنسا خاصّة، أمام تراجع أسهمه أمام اليمين المتطرّف الذي تتصاعد شعبيّته في الوسط السياسي الفرنسي حالياً.

 

والمُدقّق في تصريحات ماكرون يرى أنّ خشيته من انهيار القيم العلمانيّة أمام تصاعد الإسلام السياسيّ هي الدافع الرئيسي لحملته وفرض الضغوطات على المسلمين في بلاده!

 

فالدولة الفرنسيّة تعتمد نظاما علمانيّا ضاربا في القِدم، وهو جزء من إرث الثورة الفرنسية، وفلاسفتها التنويريين الذين نظّروا لفصل الكنيسة عن الدولة والمجتمع، لذلك يُحاول ماكرون دقّ نواقيس الخطر ولفت انتباه الرأي العامّ الفرنسي وتبنّي موقفه نفسه لمنع مزيد تغلغل الإسلام في فرنسا خاصّة وأنه يُعتبر الدين الثاني في بلد العلمانيّة، وقد أشار بتصريحه أنّ على فرنسا التصدّي للانعزاليّة الإسلاميّة الساعية إلى "إقامة نظام موازٍ" و"إنكار الجمهورية" وأنّه ليس ضدّ الإسلام كدين - وإن كان كاذبا - وإنّما هو ضدّ الإسلام كحركة سياسيّة، من هنا جاءت خطّته بعرض "ميثاق قيم الجمهوريّة" ليضمن الحقّ القانوني في الردّ والتعامل مع المسلمين في فرنسا الذين لا يؤمنون بقيم العلمانيّة بل يرونها فكرة واهية منتهية الصلاحيّة، وقد أدرك ماكرون أنّ الإسلام في فرنسا هو تهديد لجمهوريّته وأنّه قد يُصبح نظاما موازيا داخل بلد العلمانيّة الأولى فجعل من ميثاق قيم الجمهوريّة قفصاً يزجّ فيه بكلّ من يحاول نقض القيم العلمانيّة أو الخروج عنها.

 

على إثر تصريحاته وخططه، كثر المعارضون والمنتقدون لماكرون باتّهامه بعدم احترام مبادئ الثورة الفرنسيّة التي أسّست لقيم العلمانيّة وتقديس الحريّات وحماية التنوّع، فيتساءل البعض: لماذا لا يحترم ماكرون أوّلا قيم العلمانيّة التي تضمن التعدّد الديني وحريّة المعتقد والتعبير؟

 

والجواب أنّ العلمانيّة نفسها لا تحترم ما يُهدّدها فكريّا ونظاميّا ولا تسمح للدين أن يكون أساسا للدولة ولا تمنح الحقّ لمن يطالب بذلك بل تُعاديه، ويبدو أن الرئيس الفرنسي أكثر تعمّقا في فهم قيم العلمانيّة من بعض معارضيه إذ يعتبر الإسلام السياسي هو اللكمة القاضية لقيم جمهوريّته فجعل من قبول الميثاق ضمانا تشريعيّا وقضائيّا لكلّ مخالف.

 

فاستمراريّة القيم العلمانيّة ومنها الديمقراطية في بلاد الغرب وفي بلاد المسلمين لا يعني نجاحا للمبدأ الذي تقوم عليه ولا للأفكار والأنظمة المنبثقة عنه، فالعالم اليوم ينهار وعُراه تتهاوى عُروة عُروة في ظلّ الرأسماليّة وقيم العلمانيّة، لكنّ امتداد هذه الفكرة وأنظمتها يكمُن في تصدّيها ومُحاربتها للإسلام كمشروع سياسي مبدئي.

 

ولهذا كان من الطبيعي لحُماة العلمانيّة وبعض المتهوّرين السياسيين كإيمانويل ماكرون أن يتحدّث عن الإسلام والمسلمين أكثر من حديثه عن أزماته الداخليّة في بلاده، فيما يُسَلّم في مشاكل بلاده يجعل من الإسلام شُغلَه الشاغل لأنّه "دين مرتبط بالتوترات بين الأصوليين والمشاريع الدينية السياسية"، حسب قوله.

 

لقد أصبح حكّام الشرق والغرب يستشعرون جيّدا اقتراب نهاية ملكهم ومبادئهم التي أسّسوا عليها دُولهم وأنّ حماية ملكهم تكون بإخضاع المسلمين لأفكارهم عنوة دون غيرهم من الأمم؛ إمّا بمسمّى الدّمج كما تزعم بريطانيا، أو بالميثاق الجمهوري كما تفعل فرنسا اليوم، أو بمحاربة الإرهاب كما تتبنّى أمريكا، أو بالتطهير العرقي كما تفعل الصين، أو بسياسة النار والحديد والسجون والمعتقلات كما تفعل الأنظمة في بلاد المسلمين.

 

﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

نسرين بوظافري

آخر تعديل علىالأربعاء, 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع