الثلاثاء، 03 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/05م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
إدارة ترامب تمهّد الطريق أمام إدارة بايدن القادمة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إدارة ترامب تمهّد الطريق أمام إدارة بايدن القادمة

 

 

 

الخبر:

 

في الأيام الأخيرة لرئاسة دونالد ترامب، كان مايك بومبيو وزير خارجيته وأحد أكثر مساعديه ولاء مصمما على ترك بصمته على التاريخ من خلال زيارة أخيرة له كوزير خارجية أو كما يطلق عليها "أغنية البجعة" (وهي عبارة تطلق على أي عمل أخير قبل التقاعد أو الموت). (بي بي سي)

 

التّعليق:

 

في الوقت الذي يدور فيه الحديث في أمريكا حول رفض ترامب لهزيمته في الانتخابات الرئاسية، تنشط إدارته على مختلف الجبهات للقيام بأعمال كبيرة محليا وخارجيا، وهي بالأصل أعمال تحتاج إلى إدارة قوية ومتماسكة في المواقف السياسية بين مختلف الأقطاب السياسية في البلد، ومع ذلك تقوم هذه الإدارة بإقرار والشروع بتنفيذ سحب أعداد كبيرة نسبيا للجنود الأمريكان من أفغانستان والعراق، وإسناد الحفاظ على عملاء أمريكا في أفغانستان لباكستان، ولعل زيارة عمران خان الأخيرة لغاني كانت لهذا الغرض، وإسناد أمن عملاء أمريكا في المنطقة الخضراء في العراق للسعودية، ولعل فتح معبر عرعر الحدودي بين البلدين بعد قطيعة امتدت لثلاثين عاما، مؤشر على ذلك، وهذان الملفان الشائكان تنازعت عليهما مختلف الإدارات التي تعاقبت على البيت الأبيض منذ إرسال القوات الأمريكية إلى كلا البلدين، ولم يتمكن أي منهما من الإقدام على هذا السحب لشدة الاختلاف بين المؤيدين والمعارضين، وفي زحمة الانتخابات وانشغال الإعلام بنتائجها، أقدمت إدارة ترامب على هذه الخطوات بكل هدوء ومن دون إبداء أي اعتراض يذكر من الأطراف السياسية في أمريكا.

 

ومثل هذه الخطوة زيارة وزير خارجية ترامب بومبيو الخارجية، والتي تركزت على إكمال ما بدأته الإدارة في إتمام صفقات تطبيع دول الضرار مع كيان يهود، وكان آخرها لقاء رئيس وزراء دولة يهود نتنياهو مع ابن سلمان وبومبيو في بلاد الحجاز، وهذا الملف هو أيضا من الملفات التي استعصت على ساسة أمريكا على مر العصور، بينما تمكّنت إدارة ترامب من فرض الرؤية الأمريكية بفرض دولة يهود على البلاد الإسلامية والتطبيع معها والتعامل معها ككيان وجسم طبيعي في المنطقة، وهو ما فشلت فيه أو قل عجزت عنه السياسة الاستعمارية فيما يتعلق بقضية الشرق الأوسط.

 

لقد نجحت السياسة الأمريكية في فصل ترامب وسياسته عنها وعن أعماله التي تبدو مستنكرة من مختلف الجهات الداخلية والعالمية، وتوصف بالرعناء والدكتاتورية، وربما ما سيقوم به خلال الفترة القادمة، ستكون أعمالاً أكثر استنكارا، فبعد فرض عقوبات على إيران ربما يقوم بضربها لإيجاد ظرف سياسي جديد في المنطقة، وهذه الأعمال ما كان ليقوم بها رئيس تقليدي يحوز على دعم ولو ظاهري من المؤسسات الأمريكية وصناع القرار، بينما هذه الأعمال كلها تصب في مصلحة أمريكا وهي من الغايات التي طالما حلمت أمريكا بتحقيقها، وعجزت عن تبرير هذه الأعمال، فلطالما كانت أمريكا تحلم في استعباد الصين ونهبها جهارا نهارا، وطالما حلموا ببناء سور فصل عنصري بين أمريكا والمكسيك، وفرض وممارسة بلطجتها على أوروبا، ونهب ثروات المسلمين من دون حساب، وفرض كيان يهود على الأمة وتمرير ذلك طبيعيا بحجة وجود رئيس مصارع أرعن، وهكذا باقي الأعمال والقوانين التي سيوّقع عليها ترامب في الأيام والساعات الأخيرة من وجوده في البيت الأبيض.

 

لا يخطر في بال المتابع للسياسة الأمريكية وواقع التشكيلة السياسية في البلاد والدستور والقوانين المعمول بها وواقع وحقيقة صناع القرار فيها، لا يخطر بالبال إمكانية قيام ترامب بأعمال لا تخدم فريقاً ما من الرأسماليين وكأنه شمشون الأسطورة الذي هدم المعبد على رأسه ورأس من فيه، أو تمرد ترامب على نتائج الانتخابات التي كانت لصالح خصمه، فهو محكوم بكل هذه المحددات ولا يمكنه الخروج عنها إلا بانقلاب عسكري أو سياسي، وهو غير ممكن وغير مطروح، ولكن الأمريكان أهل لاستغلال الفرص "Investing the opportunities"، ووجود رجل أهوج كترامب فرصة لا يمكن تعويضها لأمريكا، يحققون ما عجزوا عنه على مر الزمن بحجة خروج ترامب عن المألوف، بينما هم يفرحون لما يقوم به، ولو كانت أعماله تضر ببعض الرأسماليين في أمريكا مثل شركات التكنولوجيا.

 

إن أعمال ترامب هذه تمهّد الطريق أمام مهمة بايدن القادمة، سواء أكان ذلك بقصد واتفاق بين صناع القرار وترامب، أم كان بغير قصد، فالنتيجة هي أن بايدن سيكمل الطريق عن ترامب بأسلوب الخبث والدهاء وبأسلوب الابتسامات الصفراء العريضة، يُظهر فيها أمريكا بوجه جديد حضاري، تمكّنه من مزيد من التدخل في مختلف القضايا الدولية، وفرض رؤيتها وصياغتها لها، ولن يتراجع عن أي خطوة قام بها ترامب إلا بمقابل ربما يكون أعظم مكسبا من العمل نفسه، وهذا معنى الحصاد الذي دأبت عليه الإدارات الامريكية في الحكم، فعادةً الجمهوريون يقومون ببناء المشاريع وفتحها ويعقبهم الديمقراطيون بالحصاد.

 

ما لم يكن هناك دولة مبدئية منافسة حقيقية لأمريكا ونظامها الشيطاني، فإن أمريكا ستظل تعبث في شئون العالم دون حسيب أو رقيب، لذلك يجب على الأمة الإسراع في العمل لإقامة الخلافة على منهاج النبوة التي تحبط وتبطل هذه المكائد التي تقوم بها أمريكا ضد العالم وضد الأمة الإسلامية، وهذا الحل هو الوحيد الذي ينقذ العالم من ظلمات الرأسمالية ويخرجها إلى نور الإسلام وعدله. ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

بلال المهاجر – ولاية باكستان

آخر تعديل علىالخميس, 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع