- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
لا دخان من دون نار
(مترجم)
الخبر:
اعتقل جهاز الأمن الفيدرالي أولئك الذين يروجون لـ"الخلافة العالمية" في منطقة كالوغا. وفي أوائل تشرين الثاني/نوفمبر، كشف جهاز الأمن الفيدرالي عن وحدة مماثلة في قازان، وكانوا قد عملوا في صفوف حزب التحرير الإسلامي.
التعليق:
أفادت الدوائر الخاصة الروسية من جديد عن اعتقال أشخاص متهمين بالانتماء لحزب التحرير.
عندما تتم مناقشة مثل هذا القمع الذي تمارسه السلطات الروسية بحق المسلمين، ولا سيما مسلمي القرم، وتتار القرم، يمكنك غالباً سماع فكرة أنه "لا دخان من دون نار"، أي أنه إذا تم احتجازهم بموجب مثل هذا المقال الخطير، ما يعني 20 عاماً في السجن، إذن لا بد أن هناك سبباً، أي أن هناك نوعاً من التهديد يشكله هؤلاء الأشخاص وأن الدوائر الخاصة الروسية لديها بعض المعلومات غير المعروفة للأشخاص العاديين.
لفهم التناقض في مثل هذه التصريحات، سيكون من الكافي بشكل أساسي اللجوء على الأقل إلى الأحكام بموجب ما يسمى بقضايا القرم لحزب التحرير، وكذلك إلى محاضر جلسات المحكمة.
على سبيل المثال، الأشخاص المنخرطون في "مجموعة بخشيسراي الثانية التابعة لحزب التحرير" متهمون بالاجتماع في مسجد حيث تمت مناقشة قضايا الأخلاق الإسلامية. أي أن المتهمين حوكموا بتهمة مناقشة قضايا مخافة الله والأخلاق الإسلامية في اجتماع شارك فيه عشرات الأشخاص.
في جميع القضايا الجنائية ضد حزب التحرير لا توجد أسلحة ومتفجرات، أو تحضير لارتكاب أية أعمال إرهابية، ...إلخ. ففي نص الأحكام، في بند "أدوات الجريمة المراد إتلافها"، يشار إلى الأجهزة اللوحية والهواتف والأقراص المدمجة والأعلام الإسلامية والنشرات. هذا وحده كافٍ للتأكد من أن التهم المتعلقة بتشكيل تهديد للمجتمع واهية ولا أساس لها. ومع ذلك، فإن هذه الفكرة السطحية القائلة بأنه "لا دخان من دون نار"، أي إذا قبضت عليهم السلطات، "فهناك سبب"، ما زالت موجودة بين المسلمين! لذلك، لا بد من الإسهاب أكثر في هذه العبارة الخاطئة ودحضها.
بادئ ذي بدء، تجدر الإشارة إلى أن هذه الفكرة يمكن اعتبارها صحيحة فيما لو كانت روسيا هي دولتنا؛ أي دولة للمسلمين تتوافق مع مفاهيمهم وتطلعاتهم وآمالهم، عندها يمكننا احترام الدوائر الخاصة الروسية لهذه الدولة، واعتبارهم المدافعين الحقيقيين عن مصالح المسلمين ونحسن الظن في أنهم إذا ما اعتقلوا أياً من المسلمين أو غير المسلمين، فإن هناك أسباباً قوية لذلك.
ومع ذلك، ففي حالة الدوائر الخاصة الروسية، يجب ألا يكون حسن الظن لصالح هذه الهيئات، ولكن ضدها، لأنها معروفة بفسادها، وكذلك جرائمها ليس تجاه المسلمين فقط، ولكن تجاه غير المسلمين أيضا من مواطنيهم. إن موقف الدوائر الخاصة الروسية اليوم هو أن حسن الظن يجب أن يكون في البداية فيمن يتعرض للاحتجاز على يد هؤلاء المجرمين الذين يرتدون الزي العسكري. بعد كل شيء، يعلم الجميع أن جميع هيئات الدولة الروسية، وخاصة هياكل السلطة، غارقة في الفساد والجرائم ضد رعاياها.
ثانياً، في حالة مسلمي القرم، لدينا وضع لا يعتبر فيه القمع اليوم ظاهرة جديدة. فما فتئت روسيا منذ ما يقرب من 240 عاماً، ترتكب جرائم ضد مسلمي القرم، وكذلك ضد الشعوب الإسلامية الأخرى في منطقة الفولغا والقوقاز وآسيا الوسطى، سواء في زمن القياصرة أو الشيوعيين أو الرؤساء.
ربما سيقول شخص ما إن الاتحاد الروسي الحديث يختلف اختلافاً جوهرياً عن روسيا القيصرية أو الشيوعية. لكن هل أدانت الحكومة الروسية الحديثة جرائم القياصرة والشيوعيين؟ أم على العكس من ذلك، رفعوهم إلى مرتبة الأبطال العظام، كما يتضح من نصب كاترين الثانية في سيمفيروبول عاصمة القرم والاحتفال السنوي بضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا عام 1783م؟
ألم تقم الحكومة الروسية الحالية في عام 2015 بتركيب نصب تذكاري جديد لجلاد مسلمي القرم ستالين في يالطا، كما عرضت في السماء صوراً ضخمة تصور هذا المجرم في ذكرى ما يسمى بالنصر في الحرب الوطنية العظمى؟ لكن هل أدانت الحكومة الروسية الحديثة جرائم القياصرة والشيوعيين؟
أليست هذه الدولة الروسية الحديثة في أفضل التقاليد القيصرية تضطهد الأئمة والملالي لقيامهم بشعائر دينية دون إذن من السلطات في إطار حزمة ياروفايا سيئة السمعة؟
أليست هذه الدولة هي التي فتحت عشرات القضايا تضطهد فيها أي مسلم معارض لسياساتها بغض النظر عن انتمائه إلى منظمة إسلامية أم لا وأخرى لأجل مقالات عن (التطرف والإرهاب)؟
تختلق هذه الدولة قضايا إدارية وجنائية حتى ضد أولئك المسلمين الذين قدموا إلى المديرية الروحية لمسلمي القرم، برئاسة أميرالي أبليف، وهم يغنون قصائد مدح لروسيا وما يسمى بالرئيس الروسي لشبه جزيرة القرم.
ومن المؤسف أن نرى كيف يستسلم بعض المسلمين للدعاية الكاذبة التي تقول: "إذا ما تم القبض عليك فهناك سبب لذلك"، وهم بذلك يبصقون في وجوه أسلافهم، أجدادهم الذين نفتهم الحكومة الشيوعية البائدة في 18 أيار/مايو 1944. بعد كل شيء، وبطريقة مماثلة، تتكرر الكلمات أنه إذا تم ترحيل تتار القرم من شبه جزيرة القرم، فهناك أسباب قوية لذلك، فلا دخان من دون نار! وفي الواقع، مع تبني هذه الفكرة الخاطئة اليوم، يتفقون على أن آباءهم الذين ماتوا في المنفى كان هناك سبب لترحيلهم من القرم!
لا شك في أن المقاتلين الروس اليوم الذين يخوضون حربا ضد (التطرف والإرهاب) هم امتداد للمجرمين أنفسهم الذين ارتكبوا جرائم ضد مسلمي شبه جزيرة القرم منذ عام 1783، وعلى وجه الخصوص، وأولئك الذين ارتكبوا الإبادة الجماعية بحق مسلمي القرم في أيار/مايو 1944.
مما لا شك فيه أن روسيا اليوم تشبه بشكل مثير للشفقة الاتحاد السوفييتي، الذي لا يمكن مقارنته بها من حيث القوة والنفوذ. لم يؤمن مسلمو القرم في الستينات والثمانينات من القرن الماضي بالاتهامات الفارغة لأعدائهم وعارضوها، وذلك بفضل ما حققوه من حق العودة إلى وطنهم في القرم حتى أثناء وجود الاتحاد.
لذلك، فاليوم، عندما لا تمتلك روسيا حتى الجزء في المائة من قوة ونفوذ الاتحاد السوفيتي، فإننا، مسلمي القرم، ملزمون أكثر بعدم الاستسلام لتأثير الدعاية الكاذبة ومعارضة الطاغية، وإدانة جرائمه.
قبول مقولة "لا دخان من دون نار" تدل على قبول الشخص لهذه الحالة الإجرامية كدولة له، وهو أمر غير مقبول لأي مسلم، مع مراعاة جميع الجرائم التي ارتكبتها هذه الدولة والتي ترتكبها بحق كل مسلم منذ زمن روسيا القيصرية والشيوعيين وعصر الحداثة. إننا ندعو المسلمين الذين وقعوا تحت تأثير هذه الفكرة الزائفة أن يفتحوا أعينهم وأن يقفوا إلى جانب الحق وإلى جانب دينهم ومفاهيمهم وتاريخهم الذي يعطي فكرة واضحة ودقيقة عن الأحداث التي تدور حولنا.
إن القول بعدم وجود دخان من دون نار هو مظهر من مظاهر قصر النظر السياسي الواضح، والذي لا يمكن أن يكون متأصلاً إلا في الأشخاص الحمقى الذين نسوا دينهم وتاريخهم والجرائم التي ارتكبها أعداء الأمة الإسلامية ضد أجدادنا.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فضل أمزاييف
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في أوكرانيا