- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
التضييق على الناس دون إعطائهم بديلا، ظلم آخر يضاف إلى سجل النظام الزاخر بالمظالم
الخبر:
تعرف منطقة الفنيدق شمالي المغرب منذ مدة احتجاجات يومية، جراء تدهور الوضع الاقتصادي بالمنطقة، على خلفية إغلاق معبر مدينة سبتة الواقعة تحت السيادة الإسبانية. وخرج المئات من المحتجين في مسيرة رُفعت فيها شعارات نددت بالأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها المنطقة، جراء استمرار إغلاق معبر مدينة سبتة، وعدم إيجاد بدائل اقتصادية للسكان.
ويعتمد اقتصاد المدينة بنسبة كبيرة على أنشطة "التهريب المعيشي" عبر نقل السلع من سبتة وبيعها داخل المغرب، حيث تشكل هذه التجارة مصدر رزق لغالبية السكان منذ عقود.
ويعاني سكان المدينة من أزمة اقتصادية واجتماعية حادة، منذ أن قرر المغرب إغلاق المعبر نهائيا في كانون أول/ديسمبر 2019.
التعليق:
الجمارك شرعاً، لا تفرض على منشأ البضاعة وإنما على تابعية التاجر، ولا يجوز فرض جمرك على التجار المسلمين بغض النظر عن بلد المنشأ للبضائع التي يجلبونها، وهذه الضريبة هي التي تسمى المكس، وهي مما نهى عنه رسول الله ﷺ، حيث قال: «لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ صَاحِبُ مَكْسٍ». (السيوطي، صحيح)، وقال أيضاً في المرأة الغامدية التي زنت فرُجمت: «لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ» رواه مسلم.
أما بالنسبة لمن لا يحملون تابعية الدولة الإسلامية، فيُعاملون بالمثل، ويطبق عليهم من الجمارك كمثل ما يطبقون هم على تجار الدولة الإسلامية، أورد القاضي أبو يوسف في كتاب الخراج قال: كتب أبو موسى الأشعري إلى عمر بن الخطاب أن تجاراً من قبلنا من المسلمين يأتون أرض الحرب، فيأخذون منهم العشر، فكتب إليه عمر: "خذ أنت منهم، كما يأخذون من تجار المسلمين".
وعليه فالمسلمون الذين يجلبون بضائع من خارج بلاد المسلمين لا يسمون مهربين بل تجاراً ولا يجوز فرض ضرائب عليهم ولا التضييق عليهم.
قد يقول قائل إن الدولة المغربية لم تقم إلا بواجبها، فسبتة بلاد إسلامية محتلة من إسبانيا فلا يجوز التعامل معها والرضا باحتلالها؟
إن الدولة المغربية لا تقيم سياستها الخارجية على أساس الإسلام وأحكامه الشرعية، ولقد رأيناها تعلن تطبيعَ كاملِ علاقاتها مع كيان يهود وهو المحتل لأرض فلسطين. فهي لا تجرم التعامل مع المحتل الإسباني وتطبيع العلاقات التجارية معه ولا تمنع التعامل مع الدولة الإسبانية وقبول احتلالها لسبتة ومليلية بل وإسبانيا نفسها (الأندلس). وإن التضييق الحاصل اليوم على أهل الفنيدق ممن يتاجرون مع سبتة ليس من باب حصارها مقدمة لتحريرها وطرد الإسبان منها، فهذا غير وارد في خلد الحكام اليوم ولا حتى في خيالهم، ولكن الأمر لا يعدو أن يكون مناورة اقتصادية لتحقيق مكاسب مادية في مفاوضات مع الإسبان، وتحصيل ضرائب إضافية من أهل البلاد، يعتبر النظام أنه يحرم منها نتيجة هذا النشاط التجاري "غير المرخص".
ومرة أخرى يظهر بوضوح، أن النظام هو نظام جباية، وليس نظام رعاية، وأنه لا يلقي بالاً للضيق الذي ينتج عن القرارات التي يتخذها، وبدل أن يتحرك النظام لدعم الناس، وهم لما يخرجوا بعدُ من جائحة كورونا وتبعاتها، ها هو يزيد إثقالهم بمزيد من التضييق. قال ﷺ: «عُذِّبتِ امرأةٌ في هِرَّةٍ ربطَتها، فلم تُطعِمْها، ولم تدَعْها تأكُلُ مِن خَشاشِ الأرضِ» صحيح ابن حبان، وهذا هو واقع حكام المسلمين اليوم، لا هم أشبعوا حاجات الناس، ولا هم تركوهم يعملون على إشباعها بما تيسر لهم.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
مناجي محمد