السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
فلنجعل من أيام رمضان بداية العودة إلى أيام عزة الأمة الإسلامية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

فلنجعل من أيام رمضان بداية العودة إلى أيام عزة الأمة الإسلامية

 


الخبر:


في مثل هذا اليوم 9 رمضان عام 93هـ الموافق 712م تم فتح مدينتي أشبيلية وطليطلة ليكتمل فتح بلاد الأندلس، وفي مثل هذا اليوم 9 رمضان عام 212هـ تم فتح جزيرة صقلية في البحر الأبيض المتوسط.


التعليق:


كان الجيش الإسلامي يحمل في داخله عقيدة راسخة أن الباطل لا بد مهزوم، وكان المجاهدون في سبيل الله تملأ قلوبهم وعقولهم الثقة بوعد الله لهم، فتهون عليهم التضحيات في حياتهم وأموالهم وكل غالٍ على قلوبهم، مستشعرين حقيقة الجنة ونعيمها، متخذينها هدفا يريدون الوصول إليه، ودافعا لهم للإقدام والثبات، وهم يرددون: يا ريح الجنة هبي ويا خيل الله اركبي، وكانوا يستنهضون العزائم ويستثيرون الهمم عند اللقاء ثم يلجأون إلى الله بالدعاء، حينها ساد المسلمون وانتصروا، وفرّت من أمام جيوشهم ملوك الشرك.


ففي معركة ملاذ كرد، تراءت للقائد ألب أرسلان غرف الفردوس، فعمد إلى جنوده يشعل في نفوسهم روح الجهاد وحب الاستشهاد، وأوقد في قلوبهم جذوة الصبر والثبات، وقال له الفقيه أبو نصر البخاري وهو يؤازره: "إنك تقاتل عن دينٍ وعد الله بنصره وإظهاره على سائر الأديان، وأرجو أن يكون الله تعالى قد كتب باسمك هذا الفتح المبين، فسِرْ على بركة الله".


وهذا ما جعل القائد المسلم المحنك موسى بن نصير الذي بلغ زهاء السبعين عاما ولا زالت فيه همة الشباب، يقوم بفتح مدينتي أشبيلية وطليطلة مستكملا بهما فتح بلاد الأندلس.


وبهذه النفسية وبأمر من الخليفة المأمون تمت هزيمة جيش الروم وفتح جزيرة صقلية في البحر الأبيض المتوسط عام 212هـ الموافق 827م على يد زياد بن الأغلب والي مدينة قيروان والذي استشهد في المعركة، فنزل المسلمون على شواطئ الجزيرة وأخذوا ينشرون الإسلام في ربوعها.


وكذلك عام 222هـ الموافق 837م، وبعد عشرين عاما من المتاعب التي سببتها حركة الخرّمية والتي ظهرت في إيران وقامت ضد الدولة العباسية زمن خلافة المأمون، تمكن القائد المسلم المعروف باسم الأفشين في زمن الخليفة المعتصم، من القضاء عليها بعد قتال استمر لسنتين وتمكن من دخول مدينة البذ مقّر بابك الخرّمي الذي فر هاربا، إلا أن الأفشين ألقى القبض عليه وأخذه وأتباعه إلى سامراء وقتلهم هناك.


وهكذا نرى كيف أن الأمة الإسلامية يوم كانت منضوية تحت قيادة واحدة (الخلافة) كانت في مركز القيادة والشهادة على البشرية واستمرت لما يقارب السبعة قرون، كان المسلمون وقتها يتحينون فرص النصر في أشهر رمضان فارتبط شهر رمضان المبارك بالجهاد والفتوحات الإسلامية ودخول الناس في الإسلام أفواجا. لكن هذه القيادة وهذه الوحدة ما لبثت أن بدأت تتفكك عندما ضعف الفهم لحقيقة الجهاد وبدأ الانهزام يدخل بعض قلوب المسلمين، فصارت الهزائم تترى على الأمة الإسلامية وصارت بلاد المسلمين تتناقص، ولنا في واقع الأندلس مثالا.


ففي مستهل القرن الخامس الهجري، وفي عز ازدهار الدولة الأموية، اندلعت الفتنة بين المسلمين، حين أقدم عبد الرحمن (شنجول) الذي تولى الإمارة بعد وفاة أخيه عبد الملك بن الحاجب المنصور سنة 399هـ، حين أقدم على طلب الخلافة لنفسه، اشتعلت نيران الاضطرابات والفوضى، فانهار البيت الأموي على نفسه، واستغل الأمراء الطامعون هذا الوضع الطارئ وأعلن كل واحد منهم استقلاله داخل مدينة وإقليم محلي، فانقسمت الدولة الإسلامية إلى 22 دويلة لتدخل البلاد في عهد ملوك الطوائف، وأوصل هذا الانقسام إلى إعلان انتهاء الخلافة الأموية عام 422هـ.


في هذه الفترة الحالكة من التنازع والتناحر والتي عرفت بالسقوط الأول لبلاد الأندلس، كانت الإمارات النصرانية تتحد متربصة بالمسلمين، وتتوسع في أراضي المسلمين دون أن يحرك ملوك الطوائف ساكنا، إلى أن سقطت مدينة طليطلة كبرى الحواضر الأندلسية سنة 478هـ، بيد القشتاليين النصارى، فاستنجد العلماء وبعض الأمراء بيوسف بن تاشفين قائد جيوش المرابطين حكام المغرب، وتمكن هذا القائد من هزيمة النصارى بقيادة الفونس السادس في معركة الزلاقة عام 479هـ، ولم ينج إلا الفونس مع تسعة فقط من أفراد جيشه. وقام يوسف بن تاشفين بضم الأندلس إلى الحكم المرابطي وانتهت حقبة ملوك الطوائف.


لم يتعلم المسلمون الدرس فما لبثت بلاد الأندلس وبظهور عهد جديد من ملوك الطوائف فيها حتى تعرضت لسقوط ثان، فترة حكم الموحدين الذين ورثوا المرابطين في الحكم في بلاد المغرب، حيث ثار الولاة وحكام الجهات عليهم ولم يستطع هؤلاء إنقاذ الأوضاع بسبب انشغالهم بنزاعاتهم الداخلية، فسيطرت الممالك الصليبية على المساحة الأكبر من بلاد الأندلس، وسقطت قرطبة عام 633هـ ثم إشبيلية عام 646هـ، وتساقطت أغلب حواضر المسلمين في قبضة النصارى، ما عدا غرناطة التي بقي فيها المسلمون تحت سلطان بني الأحمر، وهؤلاء أيضاً كسابقيهم تفشت الخيانة والنزاعات بين سلاطينهم وعادت الممالك الصليبية بالتمدد إلى أن تمكنت إسبانيا الصليبية من إحكام الحصار على أهل غرناطة إلى أن تم تسليم المدينة عام897هـ / 1492م، فكان ذلك هو السقوط الأخير للحكم الإسلامي في الأندلس.


فيا أيتها الأمة المؤمنة الموحدة الصائمة، خذي العبرة مما مضى وارفعي عن كاهلك ثقل الانهزامية وأخرجي جيوشك الرابضة في ثكناتها والتي لا تتحرك إلا لخدمة حكامها وأسيادهم ومشاريعهم الخيانية، أليس فيك رجل كسعد بن معاذ، يعطي النصرة لحزب التحرير ليقيم الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة؟ أليس فيك قائد كصلاح الدين يعيد تحرير فلسطين والمقدسات الإسلامية من دنس يهود الغاصبين؟ بلى والله فيك العديد منهم، والله وعدنا ووعده حق، وما هي إلا فترة انقشاع غمامة الانهزام والتبعية، والعودة إلى العقيدة التي كان عليها المجاهدون الأوائل، وليسارع كل منا إلى حجز مقعد له في جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمؤمنين المتقين.

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
راضية عبد الله

 

آخر تعديل علىالسبت, 24 نيسان/ابريل 2021

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع