- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الغارات الأمريكية على العراق والموقف الصحيح منها
الخبر:
أعلنت أمريكا أنها شنت "غارات جوية استهدفت منشآت تستخدمها مليشيات مدعومة من إيران على الحدود السورية العراقية". وأوضح المتحدث الأمريكي باسم وزارة الدفاع (البنتاغون) جون كيربي أن "هذه الضربات أذن بها الرئيس جو بايدن في أعقاب الهجمات المستمرة على المصالح الأمريكية في العراق" وأن "ضربات الأحد 2021/6/27 تشكل عملا ضروريا ومناسبا ومدروسا للحد من مخاطر التصعيد ولكنها أيضا من أجل بعث رسالة ردع واضحة لا لبس فيها". وأعلن المتحدث باسم الجيش العراقي يحيى رسول عن "إدانته للهجوم الأمريكي" واعتبره "انتهاكا سافرا ومرفوضا للسيادة العراقية والأمن الوطني العراقي وفق جميع المواثيق الدولية" وقالت إيران "إن أمريكا تسير في طريق خاطئ والضربات جزء من غطرستها"، وقالت فصائل عراقية تنتمي للحشد الشعبي إنها "لن تسكت على وجود القوات الأمريكية المخالف للدستور ولقرار البرلمان"، بينما أعلن اللواء رقم 14 التابع للحشد الشعبي أن "الغارات الأمريكية أدت إلى مقتل عدد من عناصره".
التعليق:
نريد أن نلفت النظر إلى الحقائق التالية:
1- إن أمريكا احتلت العراق واستباحت أرضه وقتلت أهله ودمرت مدنه وقراه عام 2003 بمساعدة إيران ومن ينتمي لها. فصفقوا للاحتلال وحرّموا مقاومته، فأصدر مفتيهم في العراق السيستاني فتوى يحرم فيها القتال ضد أمريكا. وأقامت إيران سفارتها عقب الاحتلال الأمريكي فورا، ودخلت مخابراتها العراق بإذن أمريكا وبدأت تنسق مع أمريكا، وتجند أتباعها لمساعدة القوات الأمريكية ضد المجاهدين الذين أبلوا بلاء حسنا في مقاومة الاحتلال ولقنوا أمريكا درسا حتى اضطروها للانسحاب. وقد أعلن محمد أبطحي نائب الرئيس الإيراني السابق خاتمي، وكذلك الرئيس السابق محمود نجاد أنه لولا إيران لما تمكنت أمريكا من احتلال أفغانستان والعراق ولما حصل استقرار لأمريكا فيهما. وقام نجاد كرئيس لإيران بزيارة العراق وأفغانستان وهما تحت حراب الاحتلال الأمريكي في بداية عام 2008.
2- إن أتباع إيران هم الذين انخرطوا في النظام العراقي الذي أسسه الاحتلال الأمريكي، وهم الذين وافقوا على الدستور العراقي الذي وضعه الحاكم الأمريكي للعراق بريمر. وهم الذين شكلوا الحكومات المتعاقبة في ظل الاحتلال، ووقعوا الاتفاقية الأمنية والاستراتيجية مع أمريكا عام 2008 وهي بمثابة اتفاقيات استعمارية، تحافظ على النفوذ الأمريكي في العراق، وتسمح لأمريكا بالتدخل في العراق عندما يصبح هناك تهديد للنظام الديمقراطي العراقي أو إذا قام هذا النظام وطلب المساعدة من أمريكا.
3- ولهذا فإن النظام العراقي الموالي لأمريكا والذي يديره أتباع إيران طلب من أمريكا التدخل عام 2014 ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وشكلوا مليشيات الحشد الشعبي لتقاتل بجانب الجيش الأمريكي في الرمادي والموصل والفلوجة وغيرها وليدمروا هذه المدن معا، وبالفعل فقد أمعنوا قتلا في أهلها وشردوا الكثير منهم.
4- قامت إيران وجندت أتباعها وأشياعها في العراق ولبنان وأفغانستان ليتدخلوا في سوريا ضد أهلها الثائرين على النظام العلماني الإجرامي بقيادة الطاغية بشار أسد عميل أمريكا. فنصروا أمريكا على المسلمين، وما زالوا يقاتلون في سوريا لحساب أمريكا. وإيران أرادت بذلك أن تحقق مصالحها القومية، بأن يكون لها نفوذ إقليمي في المنطقة مقابل خدماتها لأمريكا، وتحول دون إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة مثلها مثل سائر الأنظمة في المنطقة التي تسير مع أمريكا أو تكون تابعة لها أو لبريطانيا وأوروبا.
5- قامت أمريكا في بداية عام 2020 بقتل القائد الإيراني قاسم سليماني والذي كان يقود الحشد الشعبي في العراق كما كان يقود أتباع إيران في سوريا. وأرادت أمريكا إنهاء الدور المباشر الذي أعطته لإيران في سوريا والعراق بعدما خرجت احتجاجات قوية ضد النظام العراقي الموالي لها وبعدما تمكنت من الحفاظ على النظام السوري الموالي لها بواسطة إيران وأتباعها وروسيا وتركيا والسعودية. وأرادت أن تجعل إيران التي تسير في فلكها هي العدو لأهل المنطقة بدلا عن كيان يهود فتتصالح الأنظمة العربية مع هذا الكيان المغتصب لفلسطين وتعتبره صديقا وحليفا ضد عدوها إيران! ولهذا قامت بعض الأنظمة كالإمارات والبحرين والسودان والمغرب بالتطبيع مع هذا الكيان الغاصب.
6- تسيطر على إيران وأتباعها وسائر الدول في المنطقة وأتباعها عقلية براغماتية منحرفة، فأصحاب هذه العقلية يكونون مستعدين للتحالف مع العدو كأمريكا، لتحقيق مصالحهم أو للحفاظ على عروشهم وكياناتهم، ويدّعون أن تحالفهم مرحلي أو أن مصالحهم تتقاطع مع أمريكا! ولكن أمريكا تكون مستعدة دائما لتغيير خططها عندما تقتضي مصالحها، أو إذا أرادت إجراء تعديل على هذا التحالف، أو أرادت أن تعطي للمتحالفين دورا ثانويا أو تستخدمهم لإخافة الآخرين، أو إذا أرادت أن تنهي دورهم لأن صلاحيتهم للعمل قد انتهت أو إذا ثارت شعوبهم عليهم كما فعلت مع عميلها حسني مبارك في مصر وعميلها نواز شريف في الباكستان ومن بعده برويز مشرف وكما ثار الشعب العراقي على أتباعها وهم أتباع إيران، وكما قتلت سليماني ومعه قائد الحشد الشعبي المهندس.
7- ولهذا لا خير في كل هؤلاء جميعا، ولا يعول على موقفهم تجاه أمريكا ولا ثقة بهم، فهم دائما مستعدون للتحالف معها. والموقف الصحيح تجاه أمريكا ومثيلاتها من الدول الاستعمارية هو عدم التحالف معها لا من قريب ولا من بعيد، ولا أولا ولا آخرا، ولا مرحليا ولا دائميا، بل العمل على طردها من المنطقة بجانب العمل على إسقاط أتباعها والمتحالفين معها والإتيان بالسياسيين المخلصين المبدئيين الذين ينطلقون من زاوية المبدأ الإسلامي ويعملون على تحكيمه وإقامة دولته دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أسعد منصور