الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
أزمة أوكرانيا وروسيا

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

أزمة أوكرانيا وروسيا

 

 

الخبر:

 

أوردت وكالة بلومبرغ للأنباء يوم الأربعاء 2021/12/22 عن رئيس وزراء إيطاليا ماريو دراغي قوله إن أوروبا ليس لديها القدرة لردع روسيا عن أوكرانيا وإن الاتحاد الأوروبي لا يملك القوة العسكرية اللازمة وأنه في الوقت ذاته يبدو ضعيفا تجاه أي عقوبات اقتصادية على موسكو.

 

التعليق:

 

لا شك أن روسيا جادة في الحفاظ على أوكرانيا خارج نطاق حلف الناتو فأوكرانيا خاصرة روسيا والفاصل الرئيس بينها وبين أوروبا التابعة لحلف الناتو. وفي الوقت نفسه لا تبدو أمريكا مستعدة لتهديد روسيا عمليا لمنعها من السيطرة على أوكرانيا، ما عدا فرض عقوبات اقتصادية قد تكون أوروبا أكثر المتضررين منها بسبب حاجتها الماسة للغاز الروسي، كما ألمح إليه رئيس وزراء إيطاليا بقوله "إن أوروبا تشعر الآن بلسعة الزيادة الحادة في أسعار الطاقة متأثرة بانخفاض تدفق الغاز الروسي مع حلول فصل الشتاء". كما أن أوروبا لا تملك أيا من مفاتيح الضغط أو الردع للحيلولة دون تصعيد الأزمة الحالية وتسخينها إلى درجة الحرب. ولا تملك أوروبا إلا أحد خيارين: الأول الدخول في مفاوضات مع روسيا والحفاظ على علاقات جيدة مع موسكو، وهذا مستبعد بسبب إصرار روسيا على إبقاء أوكرانيا ومن ورائها أوروبا فوق صفيح ساخن. والثاني الاستمرار في الارتماء تحت العباءة الأمريكية والتي وحدها تملك أدوات الصراع أو الوفاق مع روسيا. ولعل هذا هو أهم النتائج المتوقعة من هذه الأزمة، والتي كسابقاتها من الأزمات بين روسيا وأمها من قبل الاتحاد السوفيتي، كانت قد انتهت بزيادة الهيمنة الأمريكية على أوروبا.

 

فأزمة الصواريخ السوفيتية في كوبا انتهت باتفاقيات ثنائية بين الاتحاد السوفيتي البائد وأمريكا، والتي فرضت نظاما دوليا ثنائيا وتحددت أطر حرب باردة بين العملاقين. كما أن أزمة إسقاط الاتحاد السوفيتي طائرة كورية سنة 1983 كانت قد مهدت الطريق لنشر صواريخ بيرشنغ الأمريكية على الأراضي الأوروبية التي كانت ترفض نشر مثل تلك الصواريخ على أراضيها.

 

واليوم تعيد أزمة أوكرانيا للأذهان الكيفية التي تدير بها أمريكا السياسة الدولية خاصة تلك المتعلقة بأوروبا. ولا شك أن أوروبا ما زالت تطمح إلى الانعتاق من السيطرة الأمريكية التي تلاحقها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وبالرغم من إنشاء الاتحاد الأوروبي وتطويره فلا تزال محاولات أوروبا للانعتاق التام من الهيمنة الأمريكية تواجه صعوبات جمة. ولا تزال أمريكا تستخدم سياسة الإرهاب تجاه أوروبا مستغلة روسيا ومن قبلها الاتحاد السوفيتي.

 

وقد عبر رئيس وزراء إيطاليا بشكل دقيق عن حالة أوروبا الهزيلة في هذا المضمار حيث قال "أوروبا الآن لا تملك الصواريخ والمدافع والجيوش الكافية لردع روسيا". ما يعني أن أوروبا مضطرة للبقاء تحت المظلة العسكرية الأمريكية.

 

لا شك أن أمريكا وبالرغم من توجيه سياساتها العسكرية والاقتصادية تجاه روسيا والصين، إلا أنها لا تزال ترى أوروبا الخطر الأكبر على مصالحها الاستراتيجية. فأوروبا لديها تاريخ عريق في استعمار الدول ونهب الثروات العالمية، كما أنها لا تزال تعيش ذكرى تفوقها الاستراتيجي على مستوى العالم، ولا تزال تحمل الأفكار والمفاهيم الرأسمالية عن الحياة نفسها كما هي أمريكا. كل ذلك يجعل من أوروبا الصديق اللدود الذي تخشى أمريكا من ظهوره مرة أخرى، ولا تزال أوروبا تشكل أهم قضية دولية آنية على المستوى العالمي. فليس مستغربا أن تستمر أمريكا بالعمل على إبقاء أوروبا تحت مظلتها وضمن نطاق سيطرتها ولا تنفك تستخدم أعداء حقيقيين كروسيا والصين أو وهميين كالإرهاب من أجل جعل أوروبا مستسلمة للهيمنة الأمريكية على المستوى العالمي.

 

والحقيقة التي لا مراء فيها أن هذا النوع من الصراع الدولي بما فيه من مؤامرات وأعمال سياسية قذرة سيستمر هكذا وعلى هذا المنوال لأن النظام العالمي اليوم مبني على الصراع على المصالح، وتحقيق المكاسب والمنافع ولو على حساب الأصدقاء ولو بإشعال الحروب الفتاكة. وسوف يستمر على هذا النحو إلى أن يأذن الله تعالى بقيام نظام عالمي جديد على أساس الإسلام تقوده دولة الخلافة الراشدة بعيدا عن أي نوع من الاستغلال أو القهر والاستعباد. وعندها يفرح المسلمون ويفرح الناس جميعا بنصر الله. ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. محمد جيلاني

 

آخر تعديل علىالجمعة, 24 كانون الأول/ديسمبر 2021

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع