- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
بداية خريف أوروبا
الخبر:
دعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولافون ديرلاين، دول الاتحاد الأوروبي لتأمين أسلحة لأوكرانيا بشكل عاجل، حيث جاء ذلك في مقابلة مع صحيفة بيلد الألمانية، حيث قالت ردا على سؤال حول تقديم السلاح الثقيل لكييف وأنها تدعم تقديم شتى أنواع الأسلحة التي تحتاجها أوكرانيا للدفاع عن نفسها، مع تأكيدها ضرورة فعل كل ما يلزم لوقف الحرب بأسرع وقت. لكن في الوقت ذاته علينا تحضير أنفسنا لحقيقة احتمال استمرار الحرب لشهور أو ربما سنوات. (الأناضول)
التعليق:
تمثل الأزمة الأوكرانية، سواء التهديدات الروسية باستمرار غزو البلاد أو اعترافها باستقلال إقليمي أوكرانيا (لوجانسك، ودونيتسك)، اختبارا حقيقياً لقدرة أوروبا على إثبات وجودها والذي يعتبر فاشلا حتى اللحظة، فإننا نجد هدوءاً واضحا للدور الأوروبي في هذه الأزمة، مرده الأساسي هو الانقسامات الحقيقية والعميقة داخل الاتحاد الأوروبي والتي ما كان لها أن تظهر بهذا الشكل لولا الأزمة الأوكرانية، فالاتحاد الأوروبي يفتقد إلى الكثير حتى يثبت وجوده فعليا.
حيث نلاحظ اليوم تهميش الدور الأوروبي في هذه المسألة، وهو ناجم عن ضعف حقيقي داخل الاتحاد الأوروبي، حيث نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية تجري مباحثات مع روسيا في جنيف حول الأزمة الأوكرانية دون مشاركة أي مسئول من الاتحاد الأوروبي في المباحثات، وفي بروكسل عقدت مباحثات في إطار مجلس الناتو - روسيا في مقر حلف الناتو لا داخل مقر المجلس الأوروبي، وهذا أثار تساؤلات حول من هو الأحق بالنقاش حول الأمن الأوروبي وأوكرانيا؟
إن العجز الذي أظهره الاتحاد الأوروبي في مسألة أوكرانيا جعل قدرة الاتحاد على الاستقلال الدفاعي عن واشنطن ضعيفةً جدا، ما أدى إلى تحرك بعض القادة مثل إيمانول ماكرون الذي دعا إلى إنشاء نظام أمني جديد في أوروبا مع أن أزمة أوكرانيا كشفت عن صعوبة تحقيق ذلك.
وإذا طال زمن الأزمة الأوكرانية بقدر ما هو صعب على طرفي النزاع الروسي والأوكراني فإنه أصعب بكثير على الطرف الأوروبي.
فإن الضعف الاقتصادي والتضخم الكبير ومسألة الطاقة وضعف روابط الاتحاد كلها تصعب من الوضع المستقبلي للاتحاد الأوروبي وقد تنذر بتفكك قريب إذا ما طال عمر الأزمة الأوكرانية ونفذت روسيا تهديداتها ببيع الغاز الروسي بالروبل أو الذهب، وهذا سوف يحول دون خروج اليورو من منطقته ما يزيد التضخم وقد يؤدي إلى انهيار اليورو وعودة العملة القديمة للدول الأوروبية.
اليوم نحن أمام مشهد تداعيات المنظومة الدولية السابقة وبدء تغير في الواقع الدولي بسقوط قوى وظهور أخرى، لذلك وجب على الجميع محاولة الانعتاق من الهيمنة الرأسمالية والتطلع إلى مستقبل خارج هذه المنظومة.
إن العالم اليوم بأمس الحاجة إلى نظام عالمي بديل للرأسمالية ولا يوجد سوى مبدأ الإسلام لينقل البشرية من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الرأسمالية إلى عدل الإسلام. إن الإسلام بمنهجه الرباني هو الحل الذي سوف ينقذ البشرية من درك الشقاء إلى العيش الهنيء تسوده العدالة للجميع.
فيا أهل القوة والمنعة هبوا لإقامة حكم الله وتحقيق بشرى رسول الله ﷺ وكونوا ممن ينقذون البشرية فنعود كما كنا خير أمة أخرجت للناس. قال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
نبيل عبد الكريم