- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
حكامنا لصوص!
ألم يأنِ للمخلصين من أهل القوة والمنعة كنسُ الوسط السياسي وتنصيبُ خليفةٍ للمسلمين؟!
الخبر:
أدّت الحكومة الباكستانية الجديدة برئاسة رئيس الوزراء شهباز شريف اليمينَ الدستورية يوم الثلاثاء الماضي لتبدأ في تولّي مهامها، ويأتي أداء الحكومة الجديدة المُشكّلة من أحزابٍ سياسيةٍ متحالفةٍ لليمين الدستورية بعد أكثر من أسبوع من انتخاب البرلمان الباكستاني شهباز شريف رئيساً للوزراء خلفاً لرئيس الوزراء المخلوع عمران خان، وذكرت قناة جيو الباكستانية أن رئيس مجلس الشيوخ صديق سانجاراني تولّى مهمة الإشراف على أداء اليمين. شهباز هو الشقيق الأصغر لرئيس الوزراء الأسبق نواز شريف الذي منعته المحكمة العليا في عام 2017م من تولّي مناصب عامة، بعد أن أمضى عدة أشهرٍ فقط من عقوبته بالسجن مدة 10 سنوات عقب إدانته بتهم فساد. (الجزيرة نت).
التعليق:
إنّ المشهد السياسيّ في باكستان يدعو إلى التدبر والوقوف على ما آل إليه هذا البلد الطيب أهلُه، فقد تخطّى حكامُ هذا البلد ونظامه جميعَ الخطوط الحمر التي يرضاها العقل السليم. من الذي يقسم اليمين؟! هل هو رجلٌ عدلٌ صادقٌ وأمينٌ يدرك معنى اليمين وما يترتب عليه من التزامات، أم أنّه لصٌ فاسدٌ خائنٌ للأمانة أدانه النظام نفسه وحكم عليه بعشر سنين؟! وهو من عائلة لم يُعرف عنها إلا الفساد، وهم مضرب مثلٍ في إقليم البنجاب "إخوان شريف"، وأكبرهم نواز شريف الذي سلّم مرتفعات جرجيل للهند على طبقٍ من ذهبٍ، بتواطؤٍ مع برويز مشرف سيئ الذكر، وحكموا البلاد سنين طويلة بغير ما أنزل الله، وبغير ما يرضي أهل باكستان المؤمنين، فما نفع اليمين هذا من فاسد ثبت فساده بحكم المحكمة العليا في البلاد، وهي السلطة الأولى التي لا يُنقض لها حكم؟! والمصيبة الكبرى هي من رشّح هذا اللص وانتخبه ونصّبه على البلاد، من حزبه وأحزابٍ معارضةٍ وقضاةٍ وشهود زور ممن سكتوا عن هذه المهزلة؟! هل يُعقل أن يكون أمثال هؤلاء من العدول الذين يمثلون حقيقة الناس، أم أنّهم مجموعة لصوصٍ مثله لا يرون بأساً في فساده، فالفساد عرفٌ عامٌ في وسطهم وهم فاسدون مثله؟! إن هذا النظام بدستوره ومؤسساته وأحزابه السياسية فاسدون جملة، وهم بحقٍ علي بابا ولصوصه الأربعون!
إن النظام القائم في باكستان هو نظامٌ علمانيٌّ لا يحكم بالإسلام، والإسلام ليس مرجعاً له ومقياساً لأعماله، وهو نظامٌ عميلٌ لأمريكا، وهذه حقائق لا ينكرها أحد، ومع ذلك فإن من ثبت عليه جُرمٌ ولو بحجم عشر الجُرم الذي ثبت على شهباز في سيدة النظام أمريكا، فإنه سوف يُحرم من أيّ منصبٍ حكوميٍّ أو حتى من أيّة وظيفة في القطاع العام أو الخاص، وإن كانت عاملاً في أحد مطاعم الوجبات السريعة، ومع هذا فإن السيد الأمريكي لا يرى بأساً في تنصيب لصٍّ علينا، ولا يرى السياسيّون المضبوعون التابعون لأمريكا بأساً في ذلك، فنحن جمهورية من جمهوريات الموز التابعة للعمّ سام، والشفافية التي يطبّقها في بلده يُشترط عدم تطبيقها عندنا، والأدهى والأَمَر أن يسكت العقلاء من المسلمين على ما وصلت إليه البلاد من فساد في ظل هذا النظام الفاسد، الذي يسمح لهذه المهازل بالحصول، فقد بات مقطوعاً فيه أن مصيبة البلد ليست في شخص الحاكم فقط، سواءً لاعب الكريكيت أم التاجر والسياسي الفاسد، فكلاهما لن يتمكن من تحقيق أيّ تغييرٍ حقيقيٍّ إيجابيٍّ في البلاد، بل سينخرط في هذا النظام الفاسد ويفسد في البلاد، مع اختلاف شكل الفساد وحجمه فقط.
إن شروط من يترشح لمناصب الحكم في الإسلام مغايرة تماماً لتلك في باكستان حالياً، ويكفينا مثالٌ واحدٌ من سيرة الخلفاء الراشدين يلخّص كيف كان حكام المسلمين وكيف يجب أن يكونوا، متّسمين بشفافيةٍ حقيقيةٍ، فقد ورد أن عمر الفاروق رضي الله عنه، خرج مرة إلى السوق فرأى إبلاً سماناً تمتاز عن غيرها، فسأل عن صاحبها، فقالوا له: "هي إبل عبد الله بن عمر..."، حينها انتفض الفاروق وصاح: "عبد الله بن عمر! بخ بخ يا ابن أمير المؤمنين"، وأرسل في طلبه حتى وقف بين يديه، فسأله عمر: "ما هذه الإبل يا عبد الله؟" قال: "إنها إبلٌ اشتريتها بمالي وبعثتها إلى المرعى أتاجر فيها وأبتغي ما يبتغي المسلمون"، فتهكم عمر من كلامه قائلا: "ويقول الناس حين يرونها ارعوا إبل ابن أمير المؤمنين... اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين... وهكذا تسمن إبلك ويربو ربحك"، ثم صاح فيه آمرا: "يا عبد الله! خذ رأس مالك الذي دفعته في هذه الإبل واجعل الربح في بيت مال المسلمين". كل ذلك فعله عمر مع ابنه التقي النقي الذي استثمر ماله الحلال في تجارةٍ حلالٍ كغيره من الرعية، ورغم ذلك أصرّ عمر الفاروق لوَرَعِه على إغلاق كل أبواب الشياطين ومنافذ الفساد على نفسه وأسرته وعلى معاونيه وأتباعه.
بعد وضوح الصورتين أمام كل مخلص في البلاد؛ صورة النظام وأركانه وما فيه من فساد يتغلغل حتى النخاع، وصورة الإسلام ونظام الحكم فيه وما فيه من عدلٍ وإنصافٍ حقيقيٍّ وشفافيةٍ مطلقةٍ؛ بعد كل هذا ألم يأنِ للمخلصين من أبناء الأمة في الجيش الباكستاني ومعهم كل مخلصٍ من وجهاء البلد أن يقوموا على هذا النظام وأركانه ويطيحوا به ويستبدلوا به نظامَ الخلافة على منهاج النبوة، فيرضى عنا ساكن الأرض وساكن السماء؟!
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
بلال المهاجر – ولاية باكستان