- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الحث على الانتخاب هو لإضفاء الشرعية
على عملية تجديد السلطة اللبنانية الفاسدة
الخبر:
بحضور الرؤساء نجيب ميقاتي، وفؤاد السنيورة وتمام سلامة، أمَّ مفتي لبنان عبد اللطيف دريان المصلّين في صلاة العيد، في مسجد محمد الأمين بوسط بيروت. وكانت له مواقف واضحة حيال الاستحقاق الانتخابي، ودعوة الناخبين اللبنانيين إلى المشاركة بكثافة في العملية الانتخابية. وهذا يمثّل موقفاً رسمياً واضحاً من المرجعية الدينية بوجوب عدم مقاطعة الانتخابات.
التعليق:
في البلاد التي يكون فيها احتلال مباشر، تكون المشاركة في أي عملية سياسية وضعها المحتل خيانة، وأي سلطة تنبثق عن انتخابات في ظل المحتل تعتبر سلطة عميلة تابعة له.
ولبنان وإن كان ليس بلداً محتلاً بشكل مباشر، ولكنه بلد يحكمه المحتل عبر أشكال أخرى؛ من سفاراتٍ، ومجرمين تابعين لهم معروفين بإجرامهم.
فرموز السلطة الذين يحكمون البلد تاريخهم معروف في قتل المعارضين واستباحة دماء الأبرياء عبر التصفية المباشرة وغير المباشرة. وهؤلاء المجرمون أنفسهم أفلسوا البلد عبر محاربتهم الله ورسوله بسبب الربا، بل والربا الفاحش الذي وصلت نسبته لأكثر من ٢٠٪، ثم إقامتهم مشاريع وعقوداً فاسدة ربحوا من خلالها عمولة لجيوبهم.
لقد ثار الناس ضد هؤلاء المجرمين بعد أن سرقوا أموالهم ومدخراتهم وهرّبوا تلك السرقات إلى الخارج، ثم عطلوا أي عملية إصلاحية لإرجاع الحقوق لأهلها عبر حمايتهم للقطاع المصرفي، وتمرير تعاميم من المصرف المركزي لأجل ذلك. وبعد انفجار مرفأ بيروت الذي دمر مساحة واسعة من العاصمة، قام هؤلاء المجرمون بطمس التحقيقات وتضييعها عبر تطييف الملف وتسييسه.
إن الذين قمعوا الناس وخدعوهم بكل هذه الوسائل ما زالوا قادرين على أن يجددوا لأنفسهم في الانتخابات نهاية هذا الأسبوع. وحتى المعارضة التي تدعي التغيير ومنها جزء ممن اعتاشوا على السلطة يعترفون بأنهم لن يستطيعوا أن يخرقوا لوائح المجرمين بشكل كبير!
لذلك فمن يشارك في هذه العملية السياسية سيعطي شرعية للنتيجة مهما كانت. والنتيجة بغلبة الظن ستصب لصالح السلطة الحالية المجرمة.
فالدعوة للمشاركة في هذه الانتخابات هي دعوة خبيثة الهدف، الظاهر منها هو إيهام الناس أنهم يشاركون في عملية التغيير، لكن في الباطن، وبقليل من العمق، فإن المشاركة ضررها كبير، كون التغيير الحقيقي لأي بلد في العالم لم يأتِ تاريخيا، ولا يأتي واقعياً، من خلال صندوق انتخاب.
فلا رسول الله ﷺ أقام الدولة الإسلامية عبر انتخابات، ولم تتحول روسيا إلى دولة شيوعية عن طريق الانتخابات، ولم تصبح فرنسا جمهورية عن طريق الانتخابات، ولم تتحول بريطانيا إلى ملكية دستورية من خلال صندوق انتخابي...
بل يأتي التغيير من حركة الأمة بقوتها وأمامها قيادة من جنسها، وآمنت بها، تقودها نحو التغيير.
إن مشاكل لبنان متعددة الطبقات؛ فالنظام الديمقراطي الذي يسمح للإنسان بأن يشرع على هواه ولمصالحه الخاصة على حساب المصالح العامة مشكلة، والطائفية في لبنان التي بسببها أو بحجتها تعطلت قوانين كثيرة أيضا مشكلة فوق مشكلة، والمحاصصة في المشاريع الإنمائية والوظائف الحكومية الزبائنية هي إحدى المصائب التي أهلكت الميزانية العامة.
ومن يعلم هذه الفجوات داخل النظام اللبناني، ويعلم كيف يتم استغلالها، يدرك تماما أن السلطة السياسية الحالية تملك كافة وسائل الضغط والتأثير في أي عملية سياسية داخل البلد تماما مثل أي دولة تحتل بلداً!!
إن لبنان تحكمه أمريكا بشكل مباشر عبر سفارتها في عوكر. والسلطة الحالية فوق أنها مجرمة هي أيضاً عميلة تابعة لأمريكا. لذلك فإن تحريض (السنة) على المشاركة لا يستبعد أن تكون أمريكا هي من يقف وراءه؛ كونها تريد الغطاء السني لأي سلطة سياسية منبثقة عن تلك الانتخابات.
إن الخلاص لأهل لبنان كافة لا يستجدى من دولة الشر أمريكا ولا من عملائها.
نحن نعيش في زمن بات واضحا فيه لكل ذي عقل أننا مقبلون على تغيرات كبيرة في المنطقة، وأن سلطة الكافر المستعمر باتت تضعف شيئا فشيئا. ولذلك يجب على مسلمي لبنان أن يتمسكوا بدينهم، وأن لا يعتبروا أنفسهم طائفة تنافس باقي الطوائف، بل هم جزء من أمة عظيمة، قال تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾. والتغيير الآتي لا محالة سيصيب الأمة كلها وليس بلداً دون آخر. لذلك على مسلمي لبنان أن يتمسكوا بالرابط الإيماني الذي يجمعهم بها. قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾، وأن لا يضعوا رهاناتهم على وعود المرشحين الفارغة بل يثقوا بوعد الله سبحانه: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد اللطيف داعوق
نائب رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية لبنان