- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
أصداء اغتيال الإعلامية شيرين أبو عاقلة
الخبر:
تناقلت وسائل الإعلام العربية والعالمية، خبر مقتل مراسلة الجزيرة في فلسطين، الإعلامية شيرين أبو عاقلة، بعد قنصها على يد جنود كيان يهود، وإصابة زميلها علي السمودي في ظهره، أثناء تغطيتهم لاجتياح قوات كيان يهود المجرم لمخيم جنين.
واتهم شهود عيان في مقابلات تلفزيونية قناصي يهود، بأنهم تعمدوا استهداف الطاقم الإعلامي بدم بارد رغم معرفتهم بانتمائهم للوسط الإعلامي، وأعلنت جهات مختلفة عن نيتها رفع قضية ضد جيش الكيان وحكومته.
كما أثار العلمانيون زوبعة من الجدال، على موقع التواصل الإلكتروني، حول مشروعية ترحم المسلمين على المغدورة شيرين أبو عاقلة ووصفها بالشهيدة، رغم كونها تدين بالنصرانية، وفي المقابل طالب كثيرون بترك البحث في هذه المسألة، والتركيز فقط على فضح جرائم الكيان المجرم.
التعليق:
في هذا المقام نستحضر مسائل مهمة يجب ألاّ تغيب عن ذهن المسلم حين النظر إلى مختلف القضايا والأحداث:
أولا: إن دماء الصحفي المشهور ليست أولى من دماء العامي المغمور، وإن من المنكر بروز التباين في ردة الفعل عند وسائل الإعلام والمثقفين، حيث يمرون على خبر مقتل شباب ونساء فلسطين والشام واليمن وغيرها من بلاد المسلمين مرورا باردا مقتضبا، يعدون عنده الأرقام ويحصون الضحايا، ثم يطوون الأوراق لتلاوة أخبار الاقتصاد أو الرياضة ونحوها، بينما يثيرون صخبا عاليا، ويرفعون عقيرتهم عند مقتل شخص مشهور أو اغتيال إعلامي معروف، ما يصنع رأيا عاما وانطباعا عند الناس برخص الدماء البريئة لذاتها، وأن أهمية الدم من أهمية وظيفة ومركز صاحبه، أو ما يمثله من صلة بالوسط الإعلامي والسياسي، ويغيَّب الوعي العام عن مفهوم الإسلام بعظم سفك الدم الحرام كائنا من كان صاحبه.
ثانيا: إن واجب الأمة تجاه الدماء الحرام البريئة، التي يريقها أعداء أمتنا على أرضنا، سواء من المسلمين أو من غيرهم من أبناء بلادنا، هو القصاص والقتال والجهاد ضد من يستخفون بحرماتنا وعلى رأسهم كيان يهود، وإن مسؤولية حماية غير المسلمين ممن هم في حكم ذمة الأمة ورسولها ﷺ، تقع على عاتقنا نحن، ولولا تقصيرنا في توحيد كلمتنا وقوتنا وجيوشنا على الإسلام ودولته، لما وقفنا مصعوقين مشلولين أمام كل ضحية تسقط بيد أجبن الناس يهود، وإن الواجب هو قلع هذا الكيان من جذوره وليس الاستجارة من الرمضاء بالنار، برفع القضايا إلى محاكم الغرب، التي تكيل بمكيالين في تعاملها مع قضايانا ودمائنا ودماء أهل ذمتنا، بينما تستفز ملياري مسلم بوقاحة منقطعة النظير، في تعاطيها مع الملف الأوكراني بكل جوانبه.
ثالثا: إن عقيدة الإسلام وأحكامه، ليست محل مساومة أبدا، ورغم محاولة العلمانيين النيل من عقائدنا وأحكام ديننا، واستغلال الحالة المشاعرية والعاطفية في مطالبتهم بتقديم مفاهيم العلمانية والوطنية على مفاهيم الإسلام وأحكامه، فإن المسلم لا يجوز أن تأخذه في دين الله لومة لائم، ولا أن يبيع من دينه شيئا يسترضي به الذين كرهوا ما أنزل الله، فدعاة الترحم على من مات أو قتل من غير المسلمين، لا يسعون إلى تعزيز "الوحدة الوطنية" كما يزعمون، ولا إلى رصِّ الصفوف ضد الأعداء، بل غايتهم نسف أحكام الولاء والبراء في الإسلام، وصرف المسلمين عن استحضار الإيمان بالعقيدة ومنها الإيمان بالآخرة، أو جعله مقياسا للأقوال والأفعال.
ولأن الترحم على الميت في الإسلام ينصرف الى الرحمة الخاصة التي أعدها الله للمؤمنين دون غيرهم، وهي المغفرة ودخول الجنة، فلا يجوز للمسلم الترحم على من مات على غير الإسلام، ولا يعني ذلك عدم تعزية أهلها أو ذكر ما كان من صفاتها ومواقفها الجيدة، ولا يعني ذلك التبرؤ من دمائها البريئة وترك القصاص لها، ولا شأن لذلك بوحدة الموقف في وجه القتلة المجرمين.
بل الواقع يثبت أن غير المسلمين لا يبالون إن لم يترحم المسلمون على موتاهم، كما لا يبالي المسلم إن لم يترحم غير المسلم على موتاه، ولم تشكل هذه القضية مشكلة عند المسلمين وغيرهم على مدى التاريخ، وإنما يثيرها العلمانيون طعنا في الإسلام، وتحريشا بين المسلمين وغيرهم، ليمرروا عقيدتهم في فصل الدين عن الحياة.
وأما الشهادة في الإسلام، فهي منزلة تكون للمسلمين الذي قتلوا في طاعة الله، فنلزمها كما هي، ولا نجاوزها إلى مقاييس العلمانيين الوطنية، التي لا تغني من الحق شيئا.
وأما الدعوة لترك بيان الحكم الشرعي في هذه المسألة بدعوى وحدة الصف، فكان الأولى أن توجه للعلمانيين الذين يستغلون عاطفة الناس وأحزانهم، للهجوم الخسيس والرخيص على أصول الإسلام وأحكامه، وليس على من يهب للذود عن أغلى ما يملك المسلم، عقيدته ودينه، فهذه الدعوة ظاهرها الحرص على تركيز الحراب إلى صدور القتلة، ولكنها تدعو دون قصد إلى كشف نحورنا لطعنات أشد فتكا من رصاص المعتدين وقذائفهم، وترك الباب مشرعا أمام العلمانيين لتمرير مفاهيمهم الناسفة لأصل من أصول الدين.
نسأل الله تعالى أن يبصرنا بأمور ديننا، وأن يعيننا على نصرة دينه ونصرة المستضعفين.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عدنان مزيان
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير