- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
انقلاب تاريخي ومحاصرة روسيا
الخبر:
ورد في بيان صادر عن الكرملين: "شدد فلاديمير بوتين على أن إنهاء السياسة التقليدية للحياد العسكري سيكون خطأ، حيث لا يوجد تهديد لأمن فنلندا".
وذكرت الخارجية الروسية: "انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو سيغير الوضع في العالم جذريا"، فيما أكد مساعد وزير الخارجية الروسي، ألكسندر جروشكو، أن دخول فنلندا والسويد إلى حلف الناتو لا يمكن أن يمر دون رد فعل سياسي.
التعليق:
أولا: تتسم العلاقة بين روسيا ودول البلطيق تاريخيا بنوع من الحروب ذات الشأن، فمثلا وقعت حرب الشتاء التي تُعرف أيضاً باسم الحرب السوفيتية الفنلندية الأولى، كانت حرباً بين الاتحاد السوفيتي وفنلندا اندلعت بغزو سوفيتي لفنلندا في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 1939، بعد ثلاثة أشهر من اندلاع الحرب العالمية الثانية وانتهت بعد ثلاثة أشهر ونصف بمعاهدة موسكو للسلام في 13 آذار/مارس 1940.
وكانت السويد منافسا تقليديا لروسيا، وروسيا في شمال أوروبا. حتى بعد أن سحقت الدولة الروسية الإمبراطورية السويدية في الحرب الشمالية 1700-1721، ويتذكر السويديون مقولة "الروس قادمون" كمصطلح تاريخي تم استحضاره بعد غزو روسيا لأوكرانيا ومنذ ذلك الوقت أصبحت عبارة "الروس قادمون!" المحفورة في أذهان السويديين نتيجة الحروب التاريخية فعندما عاد ملكهم كارل الأول مع القليل المتبقي من رجاله كانوا يصيحون بعبارة "الروس قادمون" تحذيراً لأهالي البلاد حيث تعيش السويد حالة من القلق المتصاعد نتيجة الأحداث الأخيرة إذ عاد مصطلح "الروس قادمون" ليتصدر النقاشات السياسية في البلاد والمطالبة بالضم إلى الناتو.
ثانيا: وحتى نستطيع إدراك حقيقة المخاوف الروسية من ضم دول البلطيق السويد وفنلندا إلى الناتو بعد قراءة الحروب العسكرية التاريخية والعداوة حيث تبعد لينينغراد 32 كم (20 ميل) فقط عن الحدود الفنلندية فيما تمتد الحدود المشتركة بين روسيا وفنلندا 1300 كيلومتر، وتدرك روسيا خطورة دخول هذه الدول لحلف الناتو في ظل تصاعد التوتر والمخاوف من روسيا وشيطنة الكرملين وإعادة التذكير بالبعبع الروسي والتي أظهرت استطلاعات للرأي نشرتها شبكة "يلي" Yle الفنلندية للبث يوم الاثنين الماضي أن نسبة قياسية من الفنلنديين (76%) باتت تؤيد الانضمام إلى الناتو، مقارنة بما بين 20 و30% في السنوات الأخيرة. ومعنى دخول هذه الدول إلى الناتو هو عسكرة المنطقة بشكل حاد وكبير وخطير على الأمن الروسي والنفوذ الروسي في مناطق التزمت الحياد إبان الحرب الباردة أو كانت خاضعة للنفوذ الروسي، فقد ذكرت الخارجية الروسية أن انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو سيغير الوضع في العالم جذريا.
لذا ونتيجة لهذا الوضع الخطير نجد اضطرابا في الموقف الروسي بين التهديد السياسي والعقوبات الاقتصادية والهجمات السيبرانية وبين نشر الأسلحة النووية حيث قال دميتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي والرئيس الروسي السابق، في منشور عبر تطبيق تليغرام، يوم الخميس 14 نيسان/أبريل 2022: "في هذه الحالة، لا يمكن الحديث عن وضع غير نووي لبحر البلطيق"، مشيرا إلى إمكانية قيام روسيا بنشر سفن مسلحة بصواريخ إسكندر وأسلحة فرط صوتية وأسلحة نووية في المنطقة". وقامت موسكو بقطع الكهرباء عن فنلندا، وستقوم كذلك بقطع الغاز، مع اتخاذ إجراءات تقنية عقابية آنية في شكل عقوبات اقتصادية وشن هجوم سيبراني ضد الدولتين. فيما حذر السفير الروسي لدى كندا أوليغ ستيبانوف من انضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي، معتبراً أن ذلك يمكن أن يحول المنطقة إلى "مسرح حرب".
وقال وزير الدفاع السويدي الشهر الماضي إن التقدم بطلب للانضمام إلى الحلف يمكن أن يثير ردود فعل من روسيا، بما في ذلك الهجمات الإلكترونية وتدابير أخرى مثل الحملات الدعائية لتقويض أمن السويد.
وهذه التصريحات تدل على مدى التخبط الروسي نتيجة الاستراتيجية الأمريكية في دفع روسيا إلى اتخاذ مواقف معينة وتحجيم الروس.
ثالثا: أما أهداف أمريكا من إدخال وليس دخول هذه الدول للناتو فهي:
أولا: تحجيم روسيا في مناطق نفوذها التاريخية وإضعاف روسيا كعدو محتمل.
ثانيا: إجبار روسيا على التخلي عن الصين والدخول في الاستراتيجية الأمريكية لاحتوائها.
ثالثا: إضعاف أوروبا وإعادة إدخالها تحت الوصاية الأمريكية بذريعة البعبع الروسي وعدم قدرة أوروبا وعجزها عن حماية أمنها وضرب فكرة استقلالية أوروبا عن الولايات المتحدة.
رابعا: إشغال وضرب كل القوى الدولية الصاعدة والدفاع عن مركز الدولة الأولى عالميا.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حسن حمدان