- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
دعمُ مجلسِ القيادة الرئاسي في اليمن أفرانَ عدن الخيرية هروبٌ من رعاية الشئون
الخبر:
بعث رئيس مجلس إدارة هيئة الخليج وعدن للتنمية والخدمات الإنسانية، الأستاذ فهد عبد الله البُري، برقية شكر وتقدير إلى مجلس القيادة الرئاسي وذلك بعد اعتماد المجلس تقديم دعم لمشروع (أفران عدن الخيرية). وقال البُري إن رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد محمد العليمي ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي عبد الرحمن المحرمي (أبو زرعه) قد وجها بتقديم دعم لمشروع أفران عدن الخيرية حيث سيتكفل المجلس بتقديم الدعم اللازم الذي سيطال أكثر من خمسين ألف شخص من الأسر المتعففة. (صحيفة عدن الغد العدد 2628 - 2022/05/16م).
التعليق:
إنه من غرائب الأمور أن يتحدثوا عن قيادة ورئاسة وهم يلقون بالمسؤولية على الجمعيات الخيرية في توفير قوت الناس. قبل هذا، عن أي قيادة وأي رئاسة يتحدث هؤلاء؟! ألا يكفي ما ذاق أهل اليمن من حروب وفقر وغلاء أسعار وانعدام الخدمات وضياع مستقبل الأجيال المتتالية وتسول الدواء والغذاء والمأوى على أبواب المنظمات وضياع دماء الشباب والآباء وتيتم الأطفال وترمل النساء ونزوح آلاف الأسر من مساكنهم بحروب كان هؤلاء قادتها، لا يرقبون في المسلمين وهم من أبناء جلدتهم رحمة ولا شفقة طوال الأعوام الثمانية الماضية، أشعلوا الحرب تحت شعارات مناطقية جاهلية وطائفية محرمة متسترين بها والآن يخمدونها كما أمرهم أسيادهم حين بدأوها وكأن شيئا لم يكن وسيعاودونها مجددا إذا اقتضت الحاجة، وها هم اليوم في ظل قيادتهم المزعومة تعيش العاصمة المؤقتة عدن أجواء الحر والرطوبة العالية والانقطاعات المتزايدة للكهرباء في ظل نفاد الوقود في سيناريو سنوي يتكرر وقد حفظه الناس لما أذاقوهم منه حين كانوا على رأس الحرب، ليعاود هذا البرنامج في كل صيف حتى عندما أوهموا الناس بقرب انتهاء المعاناة والحل السياسي على أيديهم، بينما يتمتع هؤلاء برفاهية وعيش مترف في وسط الفقر والأزمات التي يعيشها الشعب بسببهم، ويعاني المرضى من الضغط وضيق التنفس والأطفال من أمراض جلدية وأجواء لا يتحملونها نتيجة الحر المتزايد. هذا عن معاناة النساء القابعات في بيوتهن من الحر، ويزعمون أنهم يدعمون حقوقهن، وقد حفظ الناس برامج الأزمات المتعاقبة التي تلي نفاد الوقود، والذي يتم استيراده من السعودية ويدفع ثمنه أهل اليمن من جيوبهم ويدعون أنها منح، وهي في حقيقتها شحنات مدفوعة من أموال الشعب، بينما مصافي عدن متوقفة منذ سنوات بأعطال بسيطة، ولو اتسع المجال لتحدثنا عن مآسي وفساد يكاد لا يحصى.
واليوم كما قرأنا آخر المضحكات التي يصدرونها إلى الإعلام، وذلك بدعم مشروع أفران عدن الخيرية، والذي سيطال 50 ألف إنسان! والسؤال هنا، ألا يستحي هؤلاء؟! هل أهل اليمن متسولون على أبوابهم ليقدموا لهم الفتات في قوتهم الرئيسي وهو الرغيف أو الروتي الذي ارتفع سعره ونقص حجمه ولو رآه من هم خارج اليمن لتعجبوا! بينما يعيش حكام اليمن في رفاهية بأموال الشعب المكلوم؟! ألا يكون دور الحاكم هو إيجاد الاكتفاء الذاتي بخطوات عملية فعالة بدل التوجه إلى الأفران الخيرية التي لا تلبي أدنى احتياج لوجبة رئيسية؟! فهل دور الحاكم هو دعم الجمعيات الخيرية لإطعام الناس أم رعاية شئونهم مباشرةً؟!
إنهم بكل أسى، جعلوا أهل اليمن الكرام متسولين في طوابير على أبواب المنظمات والجمعيات الخيرية ليأخذوا الفتات ليسكتوهم ويخفوا حقيقة سرقة ثرواتهم التي تذهب غرباً في جنح الظلام إلى أسيادهم ويريدون أن يشكرهم الشعب بعدها على صنيعهم بالتصدق بما يستر الجوع ويسد الرمق! فتتغنى الصحف بإنجازاتهم، بينما يعلم القاصي والداني الخيرات العظيمة التي حبا الله اليمن بها، من ثروات نفطية وغاز طبيعي يحرق في الهواء وأراضٍ زراعية واسعة وثروة سمكية في شريط ساحلي يمتد 2500كم ومضيق استراتيجي يتحكم في التجارة العالمية، لكن عند من؟! ونعلم أنه لولا سيلان لعاب الغرب لما يملكه اليمن من ثروات ومن موقع مهم لما جعلوا اليمن ساحة صراع دموي لهم بدماء أهله كما أهلكوا من قبلها أفغانستان والعراق.
يا أهل اليمن، إن المؤمن لا يلدغ من جحرٍ مرتين، فكيف بكم ترضون بمن أذاقكم الويلات وخرجتم رافضين ظلمهم وأشعلوا الحروب والاقتتال بينكم فيعودوا مجدداً أمام أعينكم أبطالاً ليتسلطوا على رقابكم ويعاودوا عملهم كأدوات تابعة لم يفلح الغرب أن يجد بديلاً لها.
يا أهل اليمن، إن الله خاطبكم والمسلمين في محكم كتابه الكريم قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً﴾، فواضح سبب ما أنتم فيه من ضنك حين أضحت أحكام الإسلام الخاصة بالدولة والمجتمع والاقتصاد والسياسة والحكم والقضاء بدل أن تكون هي المعالجات التي أنزلها الله لتعالج بها مشاكل الناس في الحياة، أضحت نصوصاً موضوعة على الرفوف في ثنايا الكتب وليست محل التطبيق ويا له من عقاب نزل حين تغيب أحكام الله في واقع العباد، ونذكركم كيف كانت دولتكم وقدوتكم رسولكم وقادتكم من صحابة كرام وتابعين وتابعيهم ينظرون إلى الرعاية بأنها مسؤولية وأمانة، وأنها خزي وندامة لمن فرط فيها، فالحاكم في الإسلام يحمل هم الأمة في الداخل وهمّ هداية البشرية في الخارج، فالحاكم راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرعاية تتطلب توفير المسكن والمأكل والمشرب لعامة الناس فقيرهم وغنيهم، والإسلام عالج الفقر، فقال رسول الله ﷺ: «وَأَيُّمَا أَهْلُ عَرْصَةٍ بَاتَ فِيهِمُ امْرؤٌ جَائِعٌ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ». فدور الحاكم في الإسلام هو إيجاد الاكتفاء الذاتي حتى تصبح الأمة قوية عزيزة، وليست مسلوبة الإرادة لجهة ما، وليس هذا الدور منوطاً بالجمعيات الخيرية، وإنما هو مسؤولية الدولة، فليست الجمعيات الخيرية اليوم إلا ترقيعاً لتقصير الدولة في الرعاية لإسكات الناس عن مطالبة الدولة بحقوقهم، وتنصل الحاكم من المسؤولية الحقيقية في توفير أسس الحياة الكريمة.
يا أهل اليمن، أنتم أهل النصرة والسند وأهل الإيمان والحكمة، أفلا تعودون لدينكم وحكمتكم ونصرتكم وأمجادكم، وترفعون راية نبيكم عالياً كما رفعها أجدادكم، إن ما ينقص المسلمين اليوم هو دولتهم التي تحميهم وترعاهم وتقيهم الويلات، فقد أصبحوا اليوم كالأيتام على موائد اللئام ينهش منهم الأبيض والأحمر والأسود، وكما أن للغرب دولاً تحفظ مصالحه وتنشر أفكاره وقوانينه وتفرضها علينا فرضاً، فإن للإسلام دولة أسسها رسول الله ﷺ بالوحي واستمرت على مد البصر أكثر من 1300 عام حتى هدمها الغرب في عام 1924م، وهو اليوم ومن خلفه من الأنظمة التابعة له يسعون جاهدين لإيجاد نماذج مشوهة تدعي زوراً أنها تمثل الإسلام في الحكم، حتى ينفر الناس ويرتمون مجدداً في أحضانهم.
إنه لا مخرج لنا مما نحن فيه إلا إذا كان دين الله الذي أخرج به البشرية من الظلمات إلى النور مطبقاً في واقع حياتنا بدلاً عن الأنظمة الوضعية الغربية، وذلك بالعمل لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، والتي بشر بها رسولنا الكريم الصادق المصدوق ﷺ حيث قال: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ»، فنرضي ربنا ونحقق مجدنا ونقهر عدونا وما ذلك على الله بعزيز.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس محمد مصطفى – ولاية اليمن