- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الحل أسهل مما تظن يا عمرو أديب!
الخبر:
رأى الإعلامي عمرو أديب، أن الحكومة لا يجب عليها طمأنة المواطنين، وأن توعيهم بخطورة الأزمة الاقتصادية، وقال خلال برنامجه "الحكاية" عبر شاشة "mbc مصر"، مساء الجمعة: "الحكومة لا يجب عليها طمأنة المواطن.. اللي جاي أصعب" وأضاف: "أنا باحذر من الأزمة من 6 شهور.. طول ما جنون الحرب مكمل العالم كله هيفضل كده". وأشار إلى أنّ الدولة تعمل على التوفير والتدبير، وذلك لسد احتياجات المواطنين في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة. وتابع: "إحنا الدولة الوحيدة واللي بتطمن شعبها.. صحيح كل حاجة موجودة بس لازم نفهم الناس إن القادم ليس سهلا". (بوابة الشروق، السبت 2022/6/4م)
التعليق:
في تناغم مع الأسلوب الذي انتهجه الرئيس المصري في حديثه عن الأزمة الاقتصادية مؤخرا ومطالبته الناس بالصبر حتى لو وصل الأمر لأكل ورق الشجر ضاربا لهم مثالا بأكل النبي ﷺ والصحابة لورق الشجر دون أن يذكر متى ولماذا؟ يأتي كلام عمرو أديب، وكأنه تمهيد لما هو قادم في ظل أزمة اقتصادية مزمنة وطاحنة تعيشها مصر، بين قروض ربوية وتضخم وارتفاع أسعار أنهك البلاد وضيع على الناس ثروتهم وسرق حتى جهدهم ومدخراتهم. نعم إن الأمر خطير ويجب أن يعي الناس خطورة الأزمة وأسبابها ليس لمجرد الصبر عليها وإنما لعلاجها علاجا صحيحا يمكّن مصر من عبورها كما مكنها من عبور غيرها من الأزمات. فمن يطالب الناس بالصبر فقط دون بيان العلاج للأزمة هو العاجز الذي لا يصلح لحكم الناس، فالنظام مسؤول عن رعاية الناس فكيف لو أهمل رعايتهم وكيف لو كان وجوده هو سبب ما يعانونه من أزمات؟
إن الأمر أسهل مما تظن يا عمرو، ولا يحتاج من الناس طويل صبر، بل يحتاج إدارة وإرادة قوية قادرة على اتخاذ القرارات الصحيحة حقا والبعيدة عن رؤية الغرب وسياساته الاستعمارية ونظامه الرأسمالي وحلوله التي تخرج من هذه الدائرة التي تزيد الأزمات تعقيدا وتغرق الناس فيها بدلا من علاجها.
الأزمة الحقيقية هي في الرأسمالية التي تحكم مصر وأدواتها ومنفذيها من الحكام عملاء أمريكا تحديدا، الذين كانت كل قراراتهم منذ تسلموا مصر؛ من أسرة محمد علي عملاء بريطانيا، تجر على مصر وبالاً بعد وبال وكارثة تلو كارثة ومصيبة تجر مصيبة وأزمة تتبعها أزمة، فهم من تسلموا مصر التي تملك أكبر احتياطي نقدي من الذهب في العالم وكانت قيمة الجنيه المصري تعادل ما يزيد عن 7 جرامات من الذهب وثمن الجنيه الذهبي 97 قرشا، نعم لم تكن مصر تستورد القمح بل كانت تزرع وتنتج وتصدر منتجاتها للعالم أجمع حتى انتشرت مقولة في وسائل الإعلام حينها "مصر تنتج والعالم يستهلك"، لم تكن مصر وقتها بهذه الحدود الضيقة فقط بل كانت مصر والسودان وأكثر، ولم تكن بهذا العدد السكاني الهائل الذي يخولها مزيداً من الإنتاج ويمكنها من تغطية أسواق العالم ولكن يضعها على طريق نمو اقتصادي ضخم، ورغم هذا نجد هذه الطاقة البشرية معطلة بل ويعلق عليها النظام تقاعسه وفشله في علاج الأزمة الاقتصادية ويدعي أنها تلتهم التنمية!!
إن الرأسمالية هي التي منعت الناس من زراعة القمح وأدخلت عليهم زراعات لا فائدة منها على الصعيد الاستراتيجي مثل الكنتالوب والفراولة واللب وغيرها بدلا من زراعة القمح بحجة أن أسعارهم أعلى من القمح وبالتالي ببيعهم يمكننا توفير مبالغ أكثر وشراء القمح بكميات أكبر! وكأننا لا نملك الأراضي ولا الطاقات البشرية التي تمكننا من زراعة هذا وذاك وتلك، وحتى لو لم يكن فقوت الناس أولى، وواجب الدولة هنا حث الناس وتوجيههم وربما إلزامهم إن توجب عليها زراعة المحاصيل الاستراتيجية التي يحتاجها الناس والتي لا تجعل لأحد سلطانا عليهم ومنها القمح قطعا.
الرأسمالية أيضا هي التي فكت الارتباط بين الذهب والنقود الورقية فأفقدتها قيمتها وجعلتها في مهب الريح بلا قيمة ذاتية، يسرق بها الرأسماليون جهود الناس وثرواتهم مقابل ورق لا شيء! ولهذا رأينا التهاوي الرهيب في سعر العملات عموما والمصرية خصوصا، مع الانحدار الرهيب في مستوى وكم الإنتاج المحلي لمصر بعد عقود من حكم عسكر أمريكا لها وصارت قيمة الجنيه مقابل الذهب لا شيء، فسعر أوقية الذهب اليوم 34540 جنيها مصرياً بينما كانت تساوي 4 جنيهات قبل تسلمهم الحكم بسنوات وفك الارتباط بالذهب، وكان سعرها مقابل الدولار 20.76 والآن سعرها مقابل الدولار 1852! وتعدى الدولار حاجز الـ18 جنيهاً بشكل رسمي، فكيف لو ظلت العملة المصرية مرتبطة بالذهب وكيف لو أعيد ربطها بالذهب مرة أخرى؟
أما على صعيد الصناعات فحدث ولا حرج؛ فلم يقم عسكر أمريكا أساسا لصناعات ثقيلة ولا تصنيع على أساس حربي، بل حتى ما ورثوه من بنية وصناعات مهمة وفاعلة أفسدوها وخربوها على مدار عقود، فأين هي شركات ومصانع الغزل والنسيج، والتي كانت من الأفضل عالميا في المحلة الكبرى وكفر الدوار والإسكندرية وغيرها؟! وأين تصنيع السيارات والسلاح وغير ذلك؟! حتى المصانع الحربية وجهوها لتصنيع أواني الطهي بدلا من السلاح واستوردوا السلاح بملايين الدولارات!!
هذا غيض من فيض ما أفسدته الرأسمالية في مصر، والعلاج كما قلنا سهل يسير ولو طبق لن تشعر مصر بأي أزمات ولن تتأثر بحرب روسيا وأوكرانيا، ولو تضررت منها فلا ريب أنها ستوقفها أو تتدخل فيها حينذاك لحفظ أمنها القومي، الحل يبدأ بإعادة النقود لأصلها ذهبا وفضة أو ورقة نائبة عنهما أي عملة ذات غطاء ذهبي تجعل للنقود قيمة في ذاتها وليست مجرد ورق، وحث وتمكين الناس بشكل عاجل من استصلاح وزراعة أراض جديدة ضمن إطار إحياء الموات، قال رسول الله ﷺ: «مَنْ أَحْيَا أَرْضاً مَوَاتاً فَهِيَ لَهُ» ودعم الناس في هذا السبيل بكل ما يلزم وتمكينهم من زراعة أجود وأفضل المحاصيل بأفضل طرق الزراعة، وهذا ليس مستحيلا بل ممكن بعد مراجعة عقود شركات البترول والتنقيب عن المعادن والثروات وإلغاء أية عقود تمكنهم من نهب الثروة، ووضع عقود جديدة توافق الشرع فتجعل من تلك الشركات مجرد أجيرة في استخراج تلك الثروات ومن لا يقبل ذلك يفسح له طريق الخروج من البلاد ويحاسب على ما نهب من ثرواتها، وهنا سيكون فائض الثروة ضخماً جدا للحد الذي سيمكّن الدولة من إيجاد تنمية سريعة وشاملة. أما عن الصناعات فسيكون عمادها الصناعات الثقيلة أو التي أساسها التصنيع الحربي، فنصنع السلاح والسيارات والطائرات ونصنع آلات التشغيل أي الآلة التي تصبح بذاتها مصنعا، وهو نفسه ما تصنعه الآن الدول الكبرى التي تملك قرارها والتي لا يحكمها عملاء كحكام بلادنا.
كل ما قلنا ونقول من حلول ومعالجات للأزمة الاقتصادية وغيرها من المشكلات سهل التطبيق وفورا لكنه يستحيل في ظل الأنظمة العميلة التي تحكم بلادنا بالرأسمالية، فكلها حلول منبثقة عن الإسلام وعقيدته ويستحيل تطبيقها بمعزل عن نظام الإسلام في الحكم الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، ولهذا فنحن نضع ما نملك من حلول ومعالجات بين أيدي المخلصين في جيش مصر وجيوش الأمة قاطبة، ونحن على أتم استعداد لنبين لهم ما يشكل عليهم فهمه منها، وكلها متاحة للجميع ويمكنهم الاطلاع عليها، وهي وحدها التي تستطيع عبور الأزمات بشكل حقيقي وجذري، والحل الآن في هؤلاء المخلصين في الجيوش فبنصرتهم ووضعهم للإسلام موضع التطبيق يكتبون للأمة تاريخا جديدا ويضعون أقدامها على طريق النجاة. نسأل الله أن يهيئ للأمة أنصارا تنجو بهم من أزماتها ويعيدون لها عزتها وكرامتها من جديد، وستذكرون ما نقول لكم ونفوض أمرنا إلى الله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سعيد فضل
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر