الجمعة، 20 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
الجفاف يهدد ما تبقى من حياة في شمال شرق سوريا

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الجفاف يهدد ما تبقى من حياة في شمال شرق سوريا

 

 

 

الخبر:

 

أشار تقرير أعدته سكاي نيوز بعنوان "الجفاف يهدد الحياة في شمالي شرق سوريا" أن الجفاف والتصحر يخيمان على المنطقة ويدق ناقوس الخطر في أزمة هي الأولى منذ أكثر من 70 عاما، وأشار التقرير إلى أن سوريا قد احتلت المرتبة السابعة على مؤشر المخاطر العالمية ضمن 191 دولة مدرجة ضمن الأكثر عرضة لخطر الكوارث الإنسانية أو الطبيعية وفقا لتقارير أممية. هذا وقد اتهم سكان شمال شرق سوريا تركيا بإثارة أزمة الجفاف بعد بنائها للسدود ما أدى إلى انخفاض كبير في مخزون المياه في سدود المنطقة على نهر الفرات، وبحسب الخبراء فإن هذه الكارثة المائية لنهر الفرات ستؤدي إلى فقر حاد وبالتالي إلى مجاعة تهدد ما تبقى من حياة.

 

التعليق:

 

تعاني منطقة الجزيرة في شمال شرق سوريا، أزمة جفاف هي الأسوأ منذ سبعين عاما، ومنطقة الجزيرة مقسمة تقليديا إلى ثلاث محافظات: محافظة الحسكة وتشمل كامل الشريط الحدودي مع تركيا لعمق قرابة خمسين كيلومترا جنوبا، وكانت من أخصب أنواع التُربة في العالم. ومحافظة الرقة التي كانت مكانا للزراعات الشجرية مثل الزيتون والكروم والنخيل. وأخيرا، دير الزور شبه الصحراوية التي يمكن استخدامها كمراع. هذه المناطق التي يقطنها نحو خمسة ملايين نسمة مهدّدة بسيناريو كارثي مائيا وإلى اضطراب الحياة الأسرية وزيادة حياتهم صعوبة بالإضافة إلى تعطيل مصالح وأعمال مئات الآلاف من المزارعين إذ زاد الجفاف من المساحات الصحراوية والتي تشكل ما يقارب 35% من مساحة سوريا ما يهدد سلة الأمن الغذائي وينذر بكارثة بيئية إنسانية وشيكة.

 

هذا الفقر الهائل للماء له أسباب متعددة ولكن أبرزها الأسباب السياسية حيث تم قطع المياه عن منطقة الجزيرة كإجراء عقابي ضد مناطق الثورة وخروجها عن سيطرة النظام السوري، فتم تعطيل محطات الضخ التي تؤمن مياه الشرب، وأيضا تم تعطيل قنوات الجر التي تؤمن مياه الري للحقول في هذه المناطق، ثم جاءت إجراءات تركيا الأخيرة الناتجة عن التوسع في إقامة السدود في جنوب شرق تركيا لتزيد حاجة السكان إلى المياه بعد أن انخفض منسوب نهري دجلة والفرات إلى أكثر من الثلث قياسا بما كان عليه قبل عام 2011.

 

لقد عدّ الإسلامُ الماء من الملكيات العامة لجماعة المسلمين، وجعلها مشتركة بينهم، ومنع الأفراد من تملكها لتمكين جميع الرعية من الانتفاع بها، جاء في سنن ابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي اللَّهُ عنه قال: قال رسولُ اللَّه ﷺ: «ثَلاثٌ لَا يُمْنَعْنَ: المَاءُ والكَلأُ والنَّارُ». وفي سننه أيضاً عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: قال رسولُ اللَّهِ ﷺ: «الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ؛ فِي الْمَاءِ وَالْكَلَإِ وَالنَّارِ، وَثَمَنُهُ حَرَامٌ». وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: رسول الله ﷺ: «ثَلَاثٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ؛ رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالْفَلَاةِ يَمْنَعُهُ مِنْ ابْنِ السَّبِيلِ...» رواه مسلم.

 

فالواجب على الدولة أن تحرص على توفير الماء وصونه من التلوث وضمان إيصاله للناس فردا فردا وأن يحظى توزيعه بالعناية اللازمة مالياً وتقنياً حتى تضمن توفيره للناس باعتباره حقا لهم لا بضاعة تُباع وتشترى كما في النظام الرأسمالي. فالماء عامل أساسي وحيوي في بناء الدولة والمجتمع، وقد أدرك المسلمون هذه الأهمية للماء منذ نشوء الدولة الإسلامية. عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قَالَ: أَنْشُدُكُمْ اللَّهَ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ لَمْ يَكُنْ فِيهَا بِئْرٌ يُسْتَعْذَبُ مِنْهُ إِلَّا رُومَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ يَشْتَرِيهَا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ، فَيَكُونَ دَلْوُهُ فِيهَا كَدُلِيِّ الْمُسْلِمِينَ، وَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا فِي الْجَنَّةِ» رواه أحمد بن حنبل.

 

إن حل قضية المياه في مناطق شمال شرق سوريا حلاً جذرياً يجب أن يكون على مستوى الأمة وليس على مستوى محليّ أو إقليميّ. فالثروة المائية الموجودة في المنطقة هي ملكية عامة للأمة ويجب أن ينتفع جميع أفرادها منها، كما قال ﷺ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كمَثَلِ الْجَسَدِ الوَاحِد؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»، فيجب أن يتوحد هذا الجسد الواحد في كيانٍ سياسيٍّ واحد، ليزيل هذه الكيانات الهزيلة وبذلك تحل مشكلة المياه حلاً جذرياً في سوريا والمنطقة كلها.

 

فمشكلة المياه مشكلة جزئية وقضية فرعية تصغر أمام القضية المصيرية، التي يجب أن يتخذ المسلمون حيالها إجراء واحداً؛ الحياة أو الموت، وهي قضية عودة الإسلام إلى واقع الحياة بإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

رنا مصطفى

آخر تعديل علىالخميس, 21 تموز/يوليو 2022

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع