- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
فلسطين أرض إسلامية وستبقى إسلامية رغم أنف المتخاذلين
الخبر:
أكّد حزب المؤتمر السوداني أنّ انقلاب البرهان قطع أيّ خطوط تواصل معنية بالتطبيع مع كيان يهود. وشدّد الناطق باسم الحزب نور الدين بابكر، بأنّ مسألة التطبيع مع يهود يجب ألا ينظر إليها بحساسية، في إطار الخطاب الإسلامي الذي كان مهيمناً على البلاد طوال الثلاثة عقود الماضية. وقال بابكر بحسب صحيفة الحراك السياسي الصادرة الاثنين، ١ آب/اغسطس "نحن ننظر إلى (إسرائيل) بأنّها دولة مهمة وبالتالي يجب أن نصل معها إلى تفاهمات، في إطار الوصول إلى المنافع المشتركة". وأضاف "فلسطين لم تعد قضيتنا المركزية".
التعليق:
إننا لن نستغرب أبداً هذا التصريح من ناطق باسم حزب علماني، فهو امتداد لعقليات العلمانيين في بلاد المسلمين الذين يحتقرون قضايا الأمة المفصلية ويدوسون على كل مقدس ما دام ذلك يقربهم من رضا العلمانيين في الغرب والشرق. وهذا الناطق باسم حزبه العلماني هو امتداد لطه حسين الذي قال بضرورة الانصياع للغرب والسير على منواله، وإلا فإننا سنعاقَب بما نستحق: "التزمنا أمام أوروبا أن نذهب مذهبها في الحكم، ونسير سيرتها في الإدارة ونسلك طريقها في التشريع، ولو هممنا الآن بأن نعود أدراجنا وأن نحيي النظم العتيقة لما وجدنا لذلك سبيلاً، ولوجدنا أمامنا عقاباً لا تُجتاز ولا تُذَلَّل تقيمها أوروبا لأننا عاهدناها". (مستقبل الثقافة في مصر، طه حسين، ص:36).
يستعير علمانيّو بلاد المسلمين العقلية الغربية في التعامل مع كل قضايا المسلمين بما فيها قضية فلسطين لذلك ينظر لكيان يهود بوصفه دولة صديقة بعيدا عن حكم الشرع في ذلك، لأن العلماني لا يفكر على أساس عقيدة الإسلام التي جعلت رابطة الأخوة في الله أقوى من أي رابط، وبما أن العقلية علمانية فهي تستسيغ النسخة الأكثر تطرّفاً من العلمانية نفسها ويصبح الهدف في إبداء الاختلاف أكثر من الرغبة في حل الأزمات ولا تهم دماء أهل فلسطين الزكية التي يسفكها جنود يهود الغاصبون، بل لا غضاضة في احتلال يهود أعداء الله للأرض المباركة وتدنيسها!
بهذه العقلية المسخة أنشأ التطرف العلماني في بلاد المسلمين أحزاباً وجماعات تعمل بكل شراسة ضد كل ما هو إسلامي، بل جعل ذلك علامة فارقة بالرغم من أن العلمانيين متصالحون مع كل الأديان قطعاً، إلا أن هذا التسامح أو التصالح حين يصل إلى الإسلام يتحوّل إلى قدح وسخرية من الأفكار والمفاهيم والروابط التي تربط المسلمين بعضهم ببعض، فيصبح المحتل صديقاً يجب التصالح معه! فأصبحت السمة الأساسية للعلمانية في بلاد المسلمين هي الانسلاخ عن واقع المجتمعات التي تحيط بها وعدم رؤية أي قضية إلا بمنظار فصل الدين عن الحياة، كأنما تمحورت الأحزاب العلمانية حول الانسلاخ من كل ما له علاقة بينهم وبين أمتهم لأجل الارتماء في أحضان الغرب المستعمر، ولا غضاضة في ذلك! بل يرون بيع قضايا الأمة تطوراً وتقدماً لا بد منه للتقرب من العلمانية الغربية التي تسيطر على العالم، وأصبح تطبيق مبادئ العلمانية من حقوق وحريات وغيرها، هو الأساس عند العلمانيين. ولا بد من احتقار الصلات بين المسلمين وجعلها ماضياً تخطاه التاريخ لا بد من القطيعة النهائية مع كل تاريخ يجعل المسلمين أمة واحدة من دون الناس، لهم خصوصيات تميزهم، سواءً أكان هذا التاريخ خيراً أم شراً، رفعة أم انحطاطاً!
إن الأحزاب العلمانية لم تقدم شيئاً في أي مجال، وفي مجملها لم تقدم إلا مشاعر التبعية والانبطاح، والشعور بالدونية من كل تشريع وفكر غربي. وقد صدق الدكتور علي شريعتي في كتابه "العودة إلى الذات" أن التقرُّب - من الغرب - يحقّق لهم القيادة والنخبوية، وهذا يقتضي منهم أن يتنازلوا عن ذواتهم ويذوبوا في غيرهم، ويتنازلوا عن هوياتهم وتاريخهم وكل مقومات إنسانيتهم، ويأخذوا مقابل ذلك المال، ولكن العدو أذكى من أن يعطيهم المال، إنه يعود فيسترده منهم ببضائعه ومنتجاته التي سلبت عقولهم وأعمت أبصارهم. إن الأصل في المسلم أن ينطلق من العقيدة الإسلامية في الحكم على كل الأمور وأن يكون مقياس الأعمال عنده هو الحلال والحرام.
إن تحرير أرض فلسطين هو فرض من منطلق عقائدي كما هو الحال بالنسبة لكل أراضي بلاد المسلمين المحتلة، والغريب أن يهود يحتلون أرض فلسطين بدافع عقائدي ويفتخرون بذلك، بينما يخجل بعض أبناء المسلمين وهم قادة أحزاب من الدفاع عن أرضهم الإسلامية!
إن فلسطين أرض إسلامية وقضيتها إسلامية، وستبقى إسلامية رغم أنف المتخاذلين، قال عليه الصلاة والسلام: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ».
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
غادة عبد الجبار (أم أواب) – ولاية السودان