السبت، 21 محرّم 1446هـ| 2024/07/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
لا يوجد ماء للشرب، لكن يوجد ما يكفي للغرق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لا يوجد ماء للشرب، لكن يوجد ما يكفي للغرق!

(مترجم)

 

 

 

الخبر:

 

إسلام أباد، 23 آب/أغسطس (أسوشيتدبرس باكستان): شدّدت الوزيرة الفيدرالية للتغير المناخي السيناتور شيري رحمان، خلال تصريحاتها في الإحاطة حول حالة الطوارئ الحالية للفيضانات في البلاد من طرف هيئة إدارة الأزمات الوطنية في باكستان، على الحاجة إلى تعبئة دولية ووطنية فورية للجهود الإنسانية وجهود الإنقاذ الإنسانية وإعادة تأهيل المتضررين والمتشردين من الفيضانات.

 

التعليق:

 

تسببت الأمطار الموسمية في إحداث فوضى في أنحاء باكستان. وفقاً لأحدث تقرير صادر عن الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث، لقي ما لا يقل عن 903 أشخاص مصرعهم في البلاد بسبب الأمطار الغزيرة والفيضانات هذا الصيف، بينما أصبح 50.000 شخص بلا مأوى ويعيشون في الخيام الآن. وذكرت يوم الأربعاء أن 126 شخصاً لقوا مصرعهم في حوادث مرتبطة بالفيضانات خلال الـ48 ساعة الماضية، وكان معظم الضحايا من النساء والأطفال. وقد تمّ تصنيف باكستان كواحدة من أكثر البلدان تأثراً بالمناخ في جميع أنحاء العالم من خلال مؤشر مخاطر المناخ العالمي.

 

إنه ليس مجرد عنصر من أمطار غزيرة ولكن عدم وجود عوائق طبيعية. إنه ليس في الواقع إهمالاً في مواكبة التغيرات البيئية بل هو سلب وحشي للموارد الطبيعية في باكستان. لا ينبغي إلقاء اللّوم على جهل الناس العاديين في إزالة الغابات على نطاق واسع. في الواقع، فإن "مافيا الأخشاب" جيدة التنظيم بدعم من السياسيين والمسؤولين الحكوميين وموظفي الغابات وراء فقدان الغطاء الحرجي الأساسي. يمكن قياس مقدار الخسارة فقط بمقارنة المساحة المغطاة بالغابات لعام 1947 والآن في وقت التقسيم، فقد كانت 33 في المائة من أراضي باكستان تغطيها الغابات والتي وفقاً للتقديرات الحالية لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة تبلغ الآن 2.2 في المائة.

 

في كل عام تتدهور الأمور أكثر وكل حكومة تلقي باللّوم على الحكومة السابقة، في حين إن الحكومة السابقة تلقي باللّوم على غياب إدارتها الرائعة. مسؤولون مثل شيري رحمان، بدلاً من تركيز جهود الإنقاذ، لا يشعرون بالخجل من إنفاق المزيد من أموال دافعي الضرائب على عقد المؤتمرات الصحفية والتوسل للجميع! لقد رأينا السكان المحليين والأشخاص من بقية باكستان يساعدون ويتطوعون من أجل إخوانهم وأخواتهم. هؤلاء هم الناس الذين هم أمل وقوة للآخرين، فخدماتهم ليست لجشع الأموال أو الشهرة أو الاسم. بينما المسؤولون المتربعون على الأموال والموارد شحذوا أسنانهم لمزيد من التفجير لضحايا الدمار. أعلن الاتحاد الأوروبي تقديم 350 ألف يورو للمساعدات الإنسانية للعائلات المتضرّرة من الفيضانات في باكستان. المسؤولون الوقحون سيبيعون الشعب الباكستاني مرةً أخرى ويحتفظون بالمال في جيوبهم. إذا ألقينا نظرة على الميزانية، فسنرى أنه لم يتم اقتراح مخصصات للكوارث الطبيعية في الخطة المالية للسنة المالية 2022-2023. فقد تمّ تخصيص 9 مليارات روبية باسم التحدي البيئي، وفي الوقت نفسه تمّ تخصيص 60 مليار روبية لشعبة مجلس الوزراء!

 

سكان كراتشي مصدومون للغاية لدرجة أن الغيوم أصبحت مصدر إزعاج لهم. طوال العام يتوقون إلى إمدادات المياه وفي الرياح الموسمية يصبحون ضحية للفيضانات والصعق بالكهرباء. على مرّ السنين، تمّت إساءة استخدام مصارف مياه الأمطار في كراتشي. وفي العديد من مصارف مياه الأمطار الأصغر، تمّ البناء غير القانوني. في مقال بعنوان "لماذا كراتشي تفيض؟"، كتب المهندس المعماري الشهير والمخطط الحضري، عارف حسن: "في الوقت نفسه، أنشأت حكومة السند، لاستخدامها الخاص، مرافق مواقف للسيارات، ومكاتب وسكن أعضاء مجالس المقاطعات في منطقة "نولا"، وحتى جزء منها سجل المحكمة العليا لباكستان مبني على نولا". لذلك من المفارقات أن مكتب العدل الخاص بكم يجلس على قمة سلامتكم من الفيضانات. على مدار التاريخ، كانت إمدادات المياه سبباً في قيام العديد من الحضارات وتفككها أو تقييدها أو حتى اختفائها. أدرك المسلمون طوال فترة حكمهم أهمية إدارة المياه والصرف الصحي. فقد بنى الأمويون السدود على الأنهار والوديان، وشيدوا قنوات وشبكات تحويل المياه. كما قاموا بتنظيف القنوات بشكل موسمي وبنوا ممرات مقنطرة فوق الأنهار لتسهيل حركة الركاب والبضائع ولتعزيز تدفق المياه. كان من المفترض أن يكون الهدف الأساسي من بناء السدود هو منع الفيضانات المفاجئة في الوديان، لكن تخزين المياه لاستخدامها في الزراعة أو الرعي كان يمكن أن يكون فائدة ثانوية واضحة. كما أنشأ العباسيون مكتباً لإدارة المياه، أطلقوا عليه اسم ديوان الأقرع (أي دائرة المياه).

 

أقام العباسيون سدوداً على نهر الفرات للسيطرة على مياهه، ومن ثمّ توزيعها باستخدام المجاري والقنوات لتحقيق أقصى فائدة وتغطية مساحة أكبر. ونتيجة لذلك، تمكنوا من زراعة وري جميع الأراضي. كما أن شبكة المياه التي أقامها العرب المسلمون في الأندلس لتزويد العاصمة الإسبانية بالمياه، لا تزال تعمل منذ إنشائها قبل قرون. واهتم الحكام العثمانيون جيداً بإمدادات المياه، وتمّ بناء السدود والخزانات والآبار والصهاريج والبرك لتجميع المياه. وتمّ بناء الممرات المائية والقنوات والمقاييس المائية لنقل المياه؛ وتم بناء خطوط الأنابيب وخزانات المياه على المجاري المائية لتوزيع المياه.

 

هذه ليست مجرد أمثلة ولكنها الطريقة التي تهتم بها الدولة الإسلامية بشعبها ومواردها. الحاكم المسلم الحقيقي وصي على رعاياه. وديوان الخليفة هو مسؤولية كبيرة ولا يستطيع القيام بها إلاّ المسؤول والمخلص لله تعالى. عمر بن عبد العزيز مثال ممتاز للأمير الذي يدرك حجم مسؤولياته، حيث قال: "والله كم أتمنى لو كان بيني وبين هذا الحكم مسافة بين الشرق والغرب"! ودائما ما كان يصرّ على أن يحل محله قومه إذا لم يكونوا سعداء به خليفة لهم، وهو عرض رفضوه. قال عمر لقومه: "عادة ما يعين الحكام الناس على رعاياهم. وأنا أعينكم مراقبين لي وعلى سلوكي".

 

عن ابن عمر عن النبي ﷺ: «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ وَعَبْدُ الرَّجُلِ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ».

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

إخلاق جيهان

آخر تعديل علىالثلاثاء, 30 آب/أغسطس 2022

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع