- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
ذهاب نجيب إلى السجن لا يعني أن لدينا نظاماً قضائياً نفخر به
(مترجم)
الخبر:
أصبح داتوك سيري محمد نجيب بن عبد الرزاق أول رئيس وزراء سابق يُسجن بتهمة اختلاس 42 مليون رينغيت ماليزي من أموال شركة إس آر سي إنترناشيونال. في 28 تموز/يوليو 2020، أدانت المحكمة العليا نجيب وحكمت عليه بالسجن 12 عاماً وغرامة قدرها 210 ملايين رينغيت ماليزي. وأيّدت محكمة الاستئناف هذا الحكم في 8 كانون الأول/ديسمبر 2021، واستأنف نجيب لكن المحكمة الاتّحادية رفضته أخيراً في 28 آب/أغسطس 2022. وأعرب الكثيرون، ولا سيما قادة المعارضة، عن رضاهم عن قرار المحكمة الاتحادية وأشادوا بالقضاة الخمسة، الذين اتخذوا القرار بالإجماع لدعم إدانة نجيب. وكما هو متوقع، أعرب أنصار نجيب عن خيبة أملهم من قرار المحكمة وعدم رضاهم عن إجراءات العدالة ضده.
التعليق:
نقطة اتفاق للكثيرين حول هذا الحدث هي الدرس الذي يجب أن يتعلمه القادة، عندما يكون المرء في السلطة، لا ترتكب أي شكل من أشكال الفساد وخيانة الأمانة وإساءة استخدام السلطة وأي أعمال غير أخلاقية. كما قد يقول الكثيرون اليوم أثناء وجودهم في السلطة، قد يكون المرء آمناً ويمكنه التحكم في الأشياء، لكن السماء ليست دائماً مشرقة. حسناً، هذا صحيح بالتأكيد، ولكن قبل كل شيء، فإن أهم درس يجب على القادة الانتباه إليه هو أنهم ملزمون بتطبيق شرع الله بالكامل، إلى جانب الالتزام بالابتعاد عن جميع المحظورات. هذه هي الولاية التي تثقل كاهلهم، وهي لا تكتفي بتجنب الأمور غير الشرعية، بل القيام بالواجب الأسمى في التطبيق الشامل لكتاب الله وسنة رسوله، ﴿قُلِ اللّٰهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاۤءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ اِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرٌ﴾.
ومهما كان الرجل عظيماً وقوياً، فعليه أن يدرك أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يمنحه هذه القوة، فيتذكره دائماً ويلتزم بجميع أوامره. لقد ذكر الله سبحانه وتعالى المؤمنين من خلال قصة فرعون والعديد من الحكام الآخرين الذين أهلكهم الله سبحانه وتعالى. يجب أن تفتح هذه الدروس أعين الحكام الذين هم في السلطة الآن بأن الله قادر على انتزاع سلطاتهم بسهولة بالغة.
رغم الإشادة بالقضاة والمؤسسات القضائية على القرار الصادر في قضية نجيب، والذي قيل إنه كان نظيفاً من التدخل السياسي، إلاّ أنه في الواقع اعتراف بنظام قضائي لا يمكن ضمان خلوه من تلوث إشعاعي. هل نقول الآن بعد إدانة نجيب أن لدينا قضاء حرّ ومستقل؟ نعم، صحيح أننا نريد هيئة قضائية مستقلة، لكن المقصود حقاً بالاستقلال هو أن يكون النظام خالياً من الإطار العلماني والقوانين التي تركها المستعمرون. نريد هيئة قضائية تحكم بالشريعة الإسلامية بالكامل، وبالنسبة لأولئك الذين يتنفسون الصّعداء بعد رؤية نجيب يذهب إلى السجن، لا ينبغي أن يكونوا سعداء للغاية لأنه في النظام العلماني اليوم، لا يزال لدى نجيب فرصة ليكون حراً و"نقياً" من جميع الأخطاء بين عشية وضحاها إذا حصل على عفو ملكي. وعندما يحدث هذا، فإن رواية "القضاء العلماني المستقل" تشبه الكتابة على الرمال!
في الإسلام، يكون الحكم مُلزماً بمجرد صدوره، ولا يجوز لأحد أن يسامح بعده. يجب تنفيذ العقوبة بغض النظر عن مكانة الشخص في المجتمع. طلب أسامة بن زيد من النبي ﷺ ذات مرّة أن يسامح امرأة شريفة من قبيلة بني مخزوم، ثبت أنها سرقت. فقال النبي ﷺ بحزم شديد تحذيراً لقومه: «إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» البخاري ومسلم
إن دخول شخص يدعى نجيب إلى السّجن لا يعني أن العدالة قد تحقّقت، ولا يعني أن كل القادة المخالفين ستتمّ معاقبتهم أيضاً، ولا يعني أن مشاكل البلاد قد حُلت. علينا أن نتذكر أن النظام الديمقراطي العلماني لا يزال يعاني منه هذا البلد، ويسبب الكثير من الفساد والدمار، وشريعة الله لم تأخذ مجراها بعد. تحتاج البشرية إلى التحرّر من عبودية الإنسان، لتعبد الله وحده سبحانه وتعالى. إن النضال الحقيقي للأمة هو استئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة، بحيث تتحرر من قيود الاستعمار، عقلياً وجسدياً.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. محمد – ماليزيا