- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
أزمة الفيضانات تُربك القيادة الباكستانية الفاشلة
(مترجم)
الخبر:
لم تتسبب الفيضانات الأخيرة في باكستان في إحداث الفوضى فحسب، بل تجاوز حجم الكارثة فيضانات 2010 السابقة والزلزال في عام 2004. فما يزيد قليلاً عن ثلث البلاد غارقة تحت المياه ونزح أكثر من 33 مليون شخص [CNN]. وقد تجاوز عدد القتلى بالفعل علامة 1000، وظهور المرض ونقص الغذاء وشح المياه العذبة والمأوى غير الملائم، يعني أن الرقم النهائي سيكون أعلى من ذلك بكثير. وكان رد المجتمع الدولي سيئاً جدا على أقل تقدير، ولكن هذا الأمر طغت عليه لعبة اللوم المحلية بين القيادة المدنية والعسكرية لعدم القيام بما يكفي لمساعدة الأشخاص الأكثر تضرراً.
التعليق:
لا يمكن أن تأتي الفيضانات في وقت أسوأ من هذا بالنسبة لباكستان. فقد كانت البلاد تعاني بالفعل من أزمة اقتصادية يغذيها التضخم العالمي وأسعار الطاقة المرتفعة وعجز ميزان المدفوعات وشروط صندوق النقد الدولي. يضاف إلى هذا المزيج النمو الاقتصادي الضعيف الذي حققته الدولة خلال حقبة كوفيد-19، ومع ذلك، فإن كلاً من كوفيد-19 والأزمة الاقتصادية لم تدمر الاقتصاد الزراعي في باكستان، والذي يعد الدعامة الأساسية للناتج المحلي الإجمالي لها. أدى وصول الفيضانات الحالية إلى تدمير مساحات شاسعة من المحاصيل بشكل كامل، ما كان له تأثيران رئيسيان؛ أولاً، لن يتمكن ملايين الأشخاص من إطعام أنفسهم، وسيضع ذلك عبئاً ثقيلاً على الحكومة الفيدرالية. وثانياً، سيتم تقليص صادرات الأغذية الأساسية بشدة وسيؤثر ذلك على قدرة باكستان على كسب ما يكفي من العملة الصعبة لسداد العوائد المتراكمة على الديون الربوية.
ولزيادة الطين بلة، فإن المساعدات الخارجية القادمة من الخارج لا تستحق الكتابة عنها. فقد قدمت أمريكا 30 مليون دولار، وهو ما يعادل أقل من دولار واحد لكل شخص من النازحين البالغ عددهم 33 مليوناً، وقدمت كندا 5 ملايين دولار، وهذا أقل من 20 سنتاً لكل نازح! في غضون ذلك، سلمت بريطانيا أكثر من 800 ألف جنيه إسترليني، أي ما يعادل بنسين للفرد. وبالمقارنة، تلقت أوكرانيا التي يبلغ عدد سكانها 44 مليون نسمة مساعدات بمليارات الدولارات.
لا يقتصر النفاق الغربي على المساعدة الضئيلة التي تُمنح لباكستان. فتحت وصاية الغرب، فرض صندوق النقد الدولي على مدى العقود الأربعة الماضية ظروفاً اقتصادية صارمة أضعفت الأرضية الصناعية لباكستان، وقوضت سيادتها الاقتصادية وزادت عبء ديونها الخارجية إلى 132 مليار دولار. الغالبية العظمى من هذا الدين مملوكة للغرب ومنظماته متعددة الأطراف مثل صندوق النقد والبنك الدوليين.
إذا كان الغرب صادقاً في نيته مساعدة باكستان خلال هذه الأوقات العصيبة، فإن أقل ما يمكن أن يفعله هو التنازل عن هذا الدين، حيث سيؤدي هذا إلى تحويل مليارات الدولارات المخصصة لمدفوعات الربا إلى الأموال التي تمس الحاجة إليها لجهود الإغاثة الجارية.
إن القيادة المدنية والعسكرية مذنبة أكثر من الغرب في الوضع الذي وصلت باكستان إليه. فلو تبنت القيادة الباكستانية مسار الاكتفاء الذاتي الاقتصادي وتجنب برامج التكيف الهيكلي لصندوق النقد الدولي، لكانت الأسس الاقتصادية للبلاد أكثر مرونة في التعامل مع مثل هذه الكوارث. علاوة على ذلك، لم تفعل القيادة الباكستانية سوى القليل جداً للتحضير لاحتمال مثل هذا الوضع الحالي؛ فلم يكن ينبغي أبداً السماح للناس بالإقامة بالقرب من المناطق المعرضة للفيضانات، وكان ينبغي استثمار موارد أكبر في مساعي إدارة الكوارث. بالإضافة إلى ذلك، كان ينبغي للدروس المستفادة من الكوارث السابقة أن تؤدي إلى اتخاذ تدابير ملموسة للتخفيف من هذه الكوارث.
ومع ذلك، فإن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو الخلاف المستمر بين جميع عناصر القيادة الباكستانية للحصول على الفضل في جهود الإغاثة المتواضعة من الفيضانات على حساب مساعدة الأشخاص الذين يستحقونها أكثر من غيرهم! لقد آن الأوان لشعب باكستان أن يضع حدا لنظام الدولة القومية الذي جعل القيادة الباكستانية عاجزة خلال الأزمات المتكررة، والأسوأ من ذلك جعلها خاضعة إلى الأبد للقوى الأجنبية. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بإقامة الخلافة الراشدة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد المجيد بهاتي