- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الذهب ملكية عامة وليس للدولة سوى إدارتها لصالح الرعية
الخبر:
أعلن بنك السودان المركزي في تقريره نصف السنوي عن ارتفاع صادر السودان من الذهب، في النصف الأول من العام 2022م إلى 1315 مليار دولار، مقارنة بـ1014.1 مليار دولار في النصف الأول من العام الماضي 2021م، وذلك بزيادة 300.9 مليون دولار، وهنَّأ المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية المحدودة مبارك عبد الرحمن أردول الشركاء وأصحاب المصلحة في قطاع المعادن في السودان، وعزا الارتفاع المستمر لإنتاج الذهب منذ العام 2020م إلى العمل الجاد الذي ظل يقوم به قطاع المعادن وأذرعه والوزارات والمؤسسات ذات الصلة، وأعرب أردول عن فخره واعتزازه بهذه النجاحات المسنودة بالحقائق والأرقام، والتي قال إنها تشكل كتاباً مفتوحاً وبياناً بالعمل لكل محاولات تثبيط همة العاملين والمستثمرين في قطاع المعادن في السودان.
التعليق:
يا ترى من هم أصحاب المصلحة الذين هنأهم مبارك أردول المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية؟ هل هم أهل هذا البلد أم أصحاب الشركات والمنتفعون بالذهب من الحكام والسياسيين؟! مثل هذه الأخبار أصبح أهل السودان لا يلقون لها بالاً لأنها لا تسمن ولا تغني من جوع بالنسبه لهم؛ ففي ظل هذه النظام الرأسمالي الذي يطبق في السودان بأبشع صوره، أصبحت مثل هذه الأخبار مثل سائر الأخبار لأن هذا الذهب لا ناقة فيه لأهل هذا البلد ولا جمل، فهو يذهب لجيوب الحكام وأسيادهم عبر مطار الخرطوم جهارا نهاراً، ضاربين عرض الحائط بأحكام الإسلام الذي صنف هذا الذهب بهذه الكميات المهولة بأنه من الملكيات العامة.
إن المعادن التي لا تنقطع، أي التي تتوفر بشكل لا ينفد هي ملكية عامة، فقد روى الترمذي عن أبيض بن حمال: «أَنَّهُ وَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَاسْتَقْطَعَهُ الْمِلْحَ فَقَطَعَ لَهُ، فَلَمَّا أَنْ وَلَّى قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمَجْلِسِ: أَتَدْرِي مَا قَطَعْتَ لَهُ؟ إِنَّمَا قَطَعْتَ لَهُ الْمَاءَ الْعِدَّ. قَالَ: فَانْتَزَعَهُ مِنْهُ» والماء العد الذي لا ينقطع، فشبه الملح بالماء العد لعدم انقطاعه؛ ما يدل على أن مثل هذا المعدن كمناجم المعادن المختلفة من الحديد والنحاس والفوسفات واليورانيوم والذهب وغيرها... كلها من الأشياء التي لا يجوز أن تكون مملوكة للأفراد.
حتى من يعملون في استخراج الذهب من أهل السودان بمجهود فردي تفرض عليهم الدولة ضرائب باهظة مقابل صفر من الخدمات! فالدولة عندنا هي دولة رأسمالية، دولة جباية لا رعاية.
وفي ظل هذا النظام الرأسمالي استحل حكام السودان هذه الملكية العامة ونسبوها للدولة، فقد أكد وزير المالية والتخطيط الاقتصادي السوداني جبريل إبراهيم على ملكية معدن الذهب للدولة وليس للأفراد. وأضاف: "رغم ذلك سمحنا للأفراد بالعمل في التنقيب عن الذهب وتصديره وهذا أمر غير موفق"! ولا أعرف من أين أتى بهذه الفتوى الشيطانية؟! ولا يستغرب ذلك في ظل دولة لا هم لها سوى جمع المال بأية كيفية كانت.
أما في دولة الخلافة فالأمر يختلف تماما؛ فالملكية العامة هي حق من حقوق الرعية وما على الحاكم إلا الإشراف عليها لصالح الناس.
روى الدارقطني في غرائب حديث مالك، أفاده الحافظ ابن حجر في الفتح، وقد أخذها منه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، كما أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه بإسناد صحيح فقال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ أَبِي صِدِّيقاً لِقَنْبَرٍ، قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ قَنْبَرٍ إلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قُمْ مَعِي، قَدْ خَبَّأْتُ لَكَ خَبِيئَةً، فَانْطَلَقَ مَعَهُ إلَى بَيْتِهِ، فَإِذَا أَنَا بِسِلَّةٍ مَمْلُوءَةٍ جَامَاتٍ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إنَّكَ لَا تَتْرُكُ شَيْئاً إلَّا قَسَمْتُهُ أَوْ أَنْفَقْتُهُ، فَسَلَّ سَيْفَهُ، فَقَالَ: "وَيْلَكَ، لَقَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ تُدْخِلَ بَيْتِي نَاراً كَبِيرَةً ثُمَّ اسْتَعْرَضَهَا بِسَيْفِهِ، فَضَرَبَهَا فَانْتَثَرَتْ بَيْنَ إنَاءٍ مَقْطُوعٍ نِصْفُهُ وَثُلُثُهُ"، قَالَ: عَلَيَّ بِالْعُرَفَاءِ، فَجَاءُوا، فَقَالَ: "اقْسِمُوا هَذِهِ بِالْحِصَصِ"، قَالَ: فَفَعَلُوا وَهُوَ يَقُولُ: "يَا صَفْرَاءُ، يَا بَيْضَاءُ، غُرِّي غَيْرِي"، قَالَ: وَجَعَلَ يَقُولُ: هَذَا جَنَايَ وَخِيَارُهُ فِيهِ * إذْ كُلُّ جَانٍ يَدُهُ إلَى فِيهِ. قَالَ: "فِي بَيْتِ الْمَالِ مَسَالٌ وَإِبَرٌ، وَكَانَ يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ قَوْمٍ خَرَاجَهُمْ مِنْ عَمَلِ أَيْدِيهِمْ"، قَالَ: وَقَالَ لِلْعُرَفَاءِ: "اقْسِمُوا هَذَا"، قَالُوا: لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ، قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَقْسِمَنَّهُ خَيْرَهُ مَعَ شَرِّهِ". اهـ
فلا حقوق تنال في ظل هذا النظام الرأسمالي المقيت، بل تُنال فقط في ظل دولة تعطي كل ذي حق حقه، دولة تقوم على العقيدة الإسلامية؛ إنها دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي أطل زمانها بإذن الله.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الخالق عبدون علي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان