- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
لبنان دويلة سجون وجنون
الخبر:
وزير الداخلية اللبناني يطلب بناء أعداد إضافية من السجون لعدم قدرة السجون الحالية على استيعاب المساجين.
التعليق:
إن الأصل في الدولة أن ترعى شؤون الناس رعايةً حقيقيةً وأن تؤمن الحاجات الأساسية من مأكل وملبس ومأوى لكل رعاياها، ناهيك عن الماء والكهرباء، بل والعيش الكريم ما أمكنها ذلك، وعليها أيضاً وبالدرجة نفسها أن تحافظ على حقوق رعاياها، وأن تنتزع لهم حقهم من أيٍّ كان مهما بلغت قوته وسلطته ولو كان رئيس الدولة.
وفي ظل الظروف المعيشية الصعبة جداً في لبنان، والتي يكثر فيها الفقر والبطالة وتدهور الليرة إلى مستوى غير مسبوق، يطل علينا وزير الداخلية اللبناني ليطالب الدولة أن تزيد السجون ثلاثة أو أربعة أخرى لتحل مشكلة الاكتظاظ في السجون كما سماها!
مهلا أيها الوزير مهلا!
هل سألت عن سبب اكتظاظ السجون قبل أن تطلب بناء المزيد منها؟ هل أخبرك أحد أن الفقر والجوع والعطش والظلم وسرقة أموال الناس، العامة والخاصة، هي من أهم أسباب اكتظاظ السجون؟ أليس كان من الواجب أن تطلب أولاً معرفة الأسباب التي جعلت سجونكم مكتظةً؟ أليس هو الجوع والتجويع، وانعدام فرص العمل الحقيقية الحلال؟ وبالتالي ما يحدث في السجون هو نتيحةٌ وليس سبباً بحد ذاته.
بكلام أوضح يا حضرة الوزير، كان عليك أن تجتمع مع باقي الوزراء لبحث المشاكل التي تؤدي إلى ارتفاع عدد المساجين لبحث الحلول المناسبة لها، بدل الدعوة لبناء المزيد من السجون!
إن الأصل في الدولة أن ترعى شؤون الناس رعاية حقيقية ومسؤولة، لو كانت دولة، وإلا فهي مزرعة أو عصابة أو أقل من ذلك.
هل أمنتم للناس المأكل والملبس والمسكن قبل أن تزجوا بهم في السجون؟ ألا نعيش في لبنان في سجن كبير، يركب الناس الصعاب لمغادرته، حتى لا نقول كما قال بعضهم "في جهنم" أو بعضهم الآخر "في العصفورية" أي في مستشفى المجانين؟!
كنتم تتغنون في لبنان زوراً بدولة القانون والحريات، وقد كشفت عوراتكم، وظهر أنها دويلة التعذيب والتجويع والظلم والسجون.
لماذا لا تحاكمون بعض السجناء الذين يقبعون في سجونكم المزهرية بدون محاكمة، ومنذ سنوات طويلة، وبخاصة الإسلاميين منهم؟! هل تنفيذاً لأوامر سيدتكم أمريكا كما صرح بعضهم دون خجل وكما هو واقع الحال للأسف الشديد؟! لماذا لم يجرؤ أحد منكم على تركهم أو محاكمتهم رغم الوعود التي كانت تقطع لذويهم قبل الانتخابات البرلمانية وحتى بعدها، ومن رؤساء الوزراء السابقين والحاليين أيضا؟!
يا أيها الوزير: قبل الزج بالناس في السجون، أو التفكير بزيادة عدد السجون، واجبكم أن ترعوا الناس رعاية حقيقية ومسؤولة في كل الحالات التي ذكرناها وغيرها، وأن تكونوا عادلين قبل ذلك وبعده. وهنا نقول بكل وضوح: لا نرى عدلا إلا بتطبيق نظام الحكم في الإسلام، ففيه وحده وليس بغيره يكون العدل.
نعم نريد دولة يعيش فيها الرعايا، المسلمون وغير المسلمين، بأمن وأمان وثقة بتحصيل الحقوق لكل الناس، الضعيف منهم قبل القوي، وانتزاع الحق للضعيف من القوي ولو كان رئيس الدولة، وليس كما هو الحال في جمهوريتكم الكرتونية!
لو كانت دويلتكم دولة قانون كما تدعون لأدخلتم سارقي المال العام قبل كل السارقين إلى السجون، ولأرجعتم المال المسروق إلى أهله أولا. وهؤلاء السارقون للمال العام والخاص معروفون لكم ولنا ولكل الناس، فهلا أدخلتموهم السجون التي تريدون زيادتها؟! وهلا أخرجتم منها من لا ذنب له ولا حتى تهمة ولا محاكمة؟!
هل تعلم يا وزير الداخلية أن رب العالمين، وهو أحكم الحاكمين، لم يُجِزْ قطع يد من يسرق قوته وقت المجاعة، كما فعل الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه؟ لكن هيهات هيهات أن تدركوا هذه المعاني، فإن الفرق شاسع ما بين نظام الطاغوت الذي تطبقونه، وبين نظام الحكم في الإسلام القائم على العدل الإلهي بين الرعية كلها دون تمييز بين مسلم وغير مسلم وبين حاكم ومحكوم، وبين غني وفقير وبين أبيض أو أسود من الناس...
نعم نريد حكاما يطبقون علينا وعلى غيرنا هذا العدل، ويحسنون تطبيقه كما فعل الخلفاء الراشدون، ويحضرنا هنا ما قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه لسلمان الفارسي عن الحكم والخلافة: "يا سلمان إن خلافتكم هذه لا تساوي عندي خسف نعلي هذا، إلا أن أقيم حقاً أو أبطل باطلا". نعم لمثل هذه الدولة العادلة نتوق وتتوق معنا الأمة الإسلامية كلها، نتوق إلى حكام يحكموننا بالعدل، أي بما أنزل الله سبحانه وتعالى وليس بالطاغوت، كما هو حالنا اليوم في لبنان وفي بقية البلاد الإسلامية!
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. محمد نزار جابر
رئيس لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية لبنان