- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
خطاب البرهان.. المحطة قبل الأخيرة
الخبر:
حذر رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق البرهان حزب المؤتمر الوطني، والحركة الإسلامية الموالية له، من محاولة الاحتماء بالجيش أو الترويج لإشاعات تفيد بأنهم سيعودون للحكم من خلال المؤسسة العسكرية، وقال البرهان في خطابه أثناء تفقده قاعدة حطاب العسكرية "إن الجيش السوداني لا ينحاز لأي طرف أو حزب"، وتابع موجهاً حديثه لحزب البشير "ابعدوا عن القوات المسلحة، وارفعوا أيديكم وأقلامكم عنها"، وقد أكد على وجود تفاهمات مع القوى السياسية بشأن إدارة الفترة الانتقالية.
كما وجه البرهان انتقاداً للقوى السياسية متهماً إياها "بالتمترس وراء آرائها وأنها لا تريد الاتفاق على كلمة واحدة"، وشدد على أنه إذا لم تتفق هذه القوى فإن السودان لا يزال بحاجة لمن يديره. وفي سياق متصل أكد على أن الجيش لن يفككه أحد أو يتدخل في تنظيمه أحد، وقال: "مستعدون أن نموت من أجل الجيش، لأنه هو من يدافع عن السودان"، وقال: "لا يوجد كلام أو لعب في هذا الأمر".
التعليق:
الناظر إلى خطاب البرهان يجد أنه أرسل رسائل لجهات عديدة؛ فقد وجه رسالة إلى قوى الحرية والتغيير، وأخرى تطمينية إلى ضباط وجنود القوات المسلحة، وقد أفرد مساحة واسعة وجه فيها الحديث للمؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، كأن الخطاب أصلا معدّ لذلك الغرض، فقد حاول أن يجهض بعض ما أشيع في الوسائط الإعلامية المختلفة بأن هنالك تقارباً بينه وبين المؤتمر الوطني ومن ورائه الحركة الإسلامية، وقد سارت وسائل الإعلام المختلفة على النهج نفسه، فأخذ حديثه عن المؤتمر الوطني بالتحليل والتفسير والتأويل وما ذلك إلا بنقض كثير من قرارات لجنة التمكين، وإرجاع كثير من منسوبي المؤتمر الوطني لمناصبهم السابقة، وآخرها ما تم مع نقابة المحامين.
صحيح أن خطاب البرهان كان القصد منه دحض ما راج بين الناس عن تلك العلاقة، ولكن الراجح أن الخطاب كان موجهاً إلى الخارج وخاصة المحيط الإقليمي الذي سوف يلتقي البرهان به وبخاصة بعض الرؤساء الإقليميين الذين نصبوا أنفسهم أعداء لكل ما يمت إلى الإسلام بصلة، وكان من قبيل الشعارات، فاللقاءات التي تمت في مصر والجزائر كانت محط نظر البرهان، وهو يحتاج إلى إثبات بُعده عن الحركة الإسلامية، فكان لزاما عليه أن يوجه هذا الخطاب الحاد للمؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، وما تبعه من أعمال إعادة البشير وبعض من رفاقه إلى سجن كوبر بعد أن كانوا في المشافي.
أما النقطة المهمة التي مر عليها البرهان مرور الكرام في خطابه، وقد غفل عنها الإعلام ولم يعرها اهتماماً فهي الانتقاد الحاد الذي وجهه للأحزاب كافة، حيث ذكر أن الأحزاب تتمترس وراء آرائها، وأنها لا تريد الاتفاق على وثيقة واحدة حيث قال: "نرى كل شخص لديه ورقة، أو وثيقة يطرحها ويريد للناس أن تسير وراءها، لا يريدون الاتفاق على كلمة واحدة"، وشدد على أنه "إذا لم تتفق القوى السياسية فإن السودان لا يزال يحتاج لمن يديره"، فإذا ربطنا كلامه هذا مع الكلام السابق الذي ظل يردده مراراً "أننا لن نسلم السلطة إلا لحكومة توافقية"، فهنا تظهر النوايا الحقيقية لما يريده البرهان، فهو يمتطي هذه الخلافات بين الأحزاب، متكئاً على عصا الإحباط واليأس جراء الفقر الذي صنعته حكومته، ومن الناحية الأخرى الخوف من انفراط عقد البلد، وبين هذا وذاك يريد البرهان أن يصل إلى تشكيل حكومة تسيير أعمال ببعض الأحزاب أو بدونها إذا اقتضى الحال ذلك.
إن هذه الحلول لا ترقى حتى لمستوى المسكنات، فالحل يكون في فكرة سياسية يلتف حولها الناس سواء العسكر أو المدنيون، وهذا لا يتوفر إلا في الإسلام العظيم.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس حسب الله النور – ولاية السودان