- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
ريشي وعواصف الشتاء
الخبر:
كشفت الحكومة البريطانية الخميس 2022/11/17 عن ميزانية تقشفية تقوم على زيادة الضرائب من جهة وخفض الإنفاق بقيمة تعادل 65 مليار دولار بعد أن دخل اقتصادها حالة ركود حسب ما أعلن وزير المال جريمي هانت أمام البرلمان موضحا بأن هذه الخطوة الصعبة هي ضرورية لتحقيق الاستقرار المالي. (فرانس24)
التعليق:
إن زيادة الضريبة الاستثنائية على أرباح شركات الطاقة العملاقة من 25% إلى 35% وأيضا ستفرض ضريبة جديدة مؤقتة نسبتها 45% على الشركات المنتجة للكهرباء وهذا صدر مع كشف الحكومة البريطانية عن ميزانية تقشفية، وقد قال وزير المالية البريطانية جيرمي هانت: "إن أرقام التضخم في بريطانيا تؤكد ضرورة استمرار السعي لخفضها"، مشيرا أن اقتصادها في حالة ركود.
إن هذا يعتبر أول اختبار عملي لرئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك إذ يضعه أمام خيارين؛ إما إرضاء الشارع أو تنفيذ هذه الرؤية الاقتصادية لحزب المحافظين، الساعية للقضاء على العجز على حد زعمهم.
وهذه مهمة صعبة، وقد يكون من دهاء السياسة البريطانية أن جاءت بشخص حديث السن ومن غير أصول إنجليزية ليتسلم هذا المنصب لعلمهم بصعوبة الوضع الذي سوف يتعرض له، ويكون الحل لتهدئة الأوضاع حل الحكومة ووضع أسباب الفشل على شخص قد يوصف في قادم الأيام أنه ذو خبرة ضعيفة، وبذلك تكون بريطانيا مررت ميزانية التقشف هذه.
إن أوروبا قاطبة سوف تمر في شتاء هو الأول من نوعه وقد يكون الشتاء الذي سوف يتكلم عنه التاريخ أنه هو الذي غير موازين المنطقة.
إن الشعوب الأوروبية وخاصة الشعب البريطاني عاشت رفاهية على حساب باقي شعوب العالم، فهو اليوم لا يفهم لغة التحليل الواقعي والأزمة وهذه المصطلحات، بل سيطالب بإجراءات ملموسة على أرض الواقع بسبب ارتفاع تكلفة المعيشة وفواتير الطاقة والغلاء الفاحش، وقلة الخدمات والتضخم المهول القادم حيث بلغ ١١% للطبقة الغنية و16% للطبقة المتوسطة والفقيرة.
إن هذه الحكومات لا ترعى شؤون شعوبها بقدر ما تسعى إلى تركيز واقعها في سدة الحكم، وهم ليسوا بأفضل من حكام بلاد المسلمين بل هم في الطبقة نفسها، ولكن اليوم تُسلط عليهم الأضواء وتتساقط الأقنعة، وإن شعوبهم سترى حقيقة هذه الحكومات التي لا ترعى شؤونهم، بل إنها قد باعت مقدرات الدولة للشركات الكبرى، وبما أن المشكلة لامست معيشتهم، لذلك سوف نشهد أياما عصيبة جدا في قارة أوروبا قاطبة وبريطانيا خاصة؛ وذلك يعود إلى تفكك النسيج المجتمعي عندهم ما يساعد على فوضى لم ترَ أوروبا لها مثيلا، والحل يكمن في حتمية تغيير النظام الرأسمالي الذي لا يمتلك إلا أدوات التوحش على جميع الأصعدة.
لقد آن للعالم أن يتحرك لإسقاط هذا النظام وسوف تكشف لنا الأيام عن البديل الرباني القادم لا محالة، المتمثل بمبدأ الإسلام لأنه نظام قابل للتطبيق فاعل في معترك الحياة، فهو سيجلب حضارته التي تنقذ الإنسان وتحقق له السلام والأمن والتقدم والعدل وكل ما يفقده في ظل الرأسمالية البالية.
أما آن للمسلمين أن يدركوا أن الحل الوحيد والخيار البديل لما يعانونه هو الإسلام عقيدة ونظام حياة، ورفض كل ما هو ليس منه؟!
أما آن لهم أن يفهموا أن النظام الاقتصادي في الإسلام هو النظام الوحيد الذي يكفل للناس إشباع حاجاتهم الأساسية فرداً فرداً، ويمكنهم من إشباع حاجاتهم الكمالية، وهو النظام الوحيد الذي حدد المشكلة الاقتصادية الحقيقية، والذي يبين أنواع الملكية الصحيحة، إذ بين أن المشكلة الاقتصادية هي "كيفية توزيع الثروة على الأفراد" وأنها ليست إنتاج الثروة أو امتلاكها لأن امتلاكها مظهر من مظاهر غريزة البقاء الموجودة لدى كل إنسان، يندفع إليه الإنسان تلقائياً؟!
أما آن للمسلمين أن يدركوا أن تغيير الواقع السيئ هو مسؤوليتهم، وأن التقصير في ذلك إثم يترتب عليه عذاب من الله سبحانه، وأن ممارسة أنظمة الكفر والأعمال الحرام، كالحكم بالنظام الجمهوري وإحلال الديمقراطية، والربا، والمتاجرة مع الكفار، وبيع ثرواتنا وأملاكنا للمستثمرين الكفار الأجانب، والسكوت عن مثل هذه الأعمال جريمة كبرى يعاقبنا الله عليها؟!
قال ﷺ: «الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْمَاءِ وَالْكَلْإِ وَالنَّارِ».
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
نبيل عبد الكريم