- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
المعونات الأمريكية نفق مظلم لن يخرجنا منه إلا دولة الخلافة
الخبر:
وصلت إلى ميناء بورتسودان الشمالي اليوم الأحد 47,893 طنا من الذرة في إطار الدعم الأمريكي للسودان في مجال المساعدات الإنسانية. وكان في استقبال الشحنة بالميناء السفير الأمريكي لدى السودان جون قودفري والوفد المرافق له من برنامج الغذاء العالمي، وذلك بحضور المدير العام المكلف لهيئة الموانئ البحرية إبراهيم يوسف. (سودان تربيون 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2022م).
التعليق:
آخر مسرحيات أمريكا على مسرح السياسة السودانية المتهالك هي إرسال مساعدات إنسانية يستقبلها سفيرها لدى السودان بنفسه ويلتقي هيئة الموانئ البحرية التي استقبلته بحفاوة. فيا للذل الذي يتسربل به حكام السودان، سلة غذاء العالم، وهم يستقبلون علف أمريكا لحيواناتها كمساعدات غذائية لأهل السودان!
كان لعام 1958 بصمات قوية على مسار التاريخ السياسي للسودان وذلك عن طريق مشروع المعونة الأمريكية، الذي تقدمت به إلى الحكومة السودانية وقوبل بمعارضة ورفض، كاد أن يطيح وقتها بائتلاف الحكومة السودانية بسبب تجذر النفوذ البريطاني. ثم بدأت أمريكا باعتبار السودان منطقة نفوذ لها واهتمام بالغ في عهد الرئيس جعفر النميري، الذي تعزز في عهده الوجود الأمريكي في السودان اقتصادياً في أمر التنقيب عن البترول، وسياسياً في مسألة الجنوب، ووصلت العلاقات السودانية الأمريكية أوجها حينما شارك النميري في عملية نقل يهود الفلاشا إلى كيان يهود، كما زادت المعونات الاقتصادية للسودان حتى بلغت في عام 1985م أكثر من أربعمائة مليون دولار، بينما بلغت المعونات العسكرية خلال ثلاث سنوات ما بين 1982-1985 أكثر من ثلاثمائة مليون دولار.
ورغم نفاق نظام الإنقاذ في علاقته بأمريكا، إلا أن كمال حسن علي وزير التعاون الدولي في مداخلة بالبرلمان السوداني، وفقا لصحيفة اليوم التالي في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2015م أكد أن المعونة الأمريكية تستهدف دعم الأنشطة والمجالات الإنسانية، مؤكدا حرص بلاده على أن تتضمن المعونة برامج التنمية المستدامة بالسودان. ويرى وزير التعاون الدولي بالسودان، إمكانية عودة برنامج المعونة الأمريكية مجددا، مشيرا إلى أن الفائدة منه ستعود مباشرة على الشعب السوداني.
كل النخب السياسية التي تعاقبت على حكم السودان فشلت في إدارة بلد يتمتع بكل أسباب الاكتفاء ويزخر بموارد بشرية وطبيعية؛ من أراض زراعية وثروة حيوانية ومياه وموارد معدنية مثل الذهب والبترول والحديد، والكوادر المؤهلة، وتنوع وثراء ثقافي ومجتمعي، ومع ذلك تحيط به الأزمات الاقتصادية والسياسية والنزاعات المسلحة نتيجة اعتماده على سياسة الخارج!
كل الدول التى حققت اكتفاءها الذاتي من الغذاء والدواء كانت عبر استراتيجيات وسياسات فعالة من تخفيف العبء على ميزانيتها وخلق فرص عمل وزيادة النشاط الاقتصادي عبر مشاريع الاكتفاء الذاتي وليس عبر المعونات لأن من المعروف أن أي معونة مشروطة وملعونة.
ولن يستفيد بلد من ثرواته إلا بالإرادة والرؤية الثاقبة والسياسات الفعالة من أجل الاستفادة من ثرواته في خدمة أهداف التنمية وتطوير حياة الفرد والمجتمع. وهذا ما لا تملكه الأنظمة العميلة للغرب في بلادنا، ولن يتحقق هدف الاكتفاء الذاتي إلا بدولة تعالج المشكلة الاقتصادية فيها بأحكام شرعية منضبطة من لدن حكيم خبير.
ينظر الإسلام إلى المشكلة الاقتصادية على أنها في توزيع الثروة، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ﴾. وهذا يعني أن الإسلام يتناول في المقام الأول توزيع الثروة ما يؤدي إلى تلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية ويعطي حوافز للمجتمع ليكون مبتكرا ومنتجا لتلبية الاحتياجات الترفيهية ما يحقق الكفاية والرفاهية لكل من يحمل التابعية لدولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
غادة عبد الجبار (أم أواب) – ولاية السودان