- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مشروع الاتفاق الإطاري في السودان
يوجد حاجزا حديديا بين المسلمين وأحكام دينهم
الخبر:
صدر مؤخرا ما يسمى بمشروع الاتفاق السياسي الإطاري، وذلك بين قوى الحرية والتغيير المركزي، ومجلس السيادة السوداني، والذي يمثل الجانب العسكري من الاتفاق، وقد احتوى على بنود عدة، منها:
1- السودان دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية برلمانية، السيادة فيها للشعب وهو مصدر السلطات، ويسود فيها حكم القانون والتداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات الحرة والنزيهة والتقسيم العادل للثروات والموارد.
2- المواطنة هي أساس الحقوق والواجبات وتقوم على المساواة بين المواطنين/ات دون تمييز نوعي ديني ثقافي، إثني لغوي، جهوي، أو بسبب الوضع الاجتماعي والاقتصادي، والإعاقة، أو أي شكل من أشكال التمييز.
3- تضمن الدولة وتدعم وتحمي حرية المعتقد والممارسات الدينية والعبادة لكل الشعب السوداني، وتقف الدولة على مسافة واحدة من الهويات الثقافية والإثنية والجهوية والدينية، وأن لا تفرض الدولة دينا على أي شخص وتكون الدولة غير منحازة فيما يخص الشؤون الدينية وشئون المعتقد والضمير.
التعليق:
إن أخذ هذه المواد الثلاث وصبّها في كوب واحد وتجرعها دفعة واحدة، فإن بها من قوة الإنعاش ما يكفي لتفويق من كان في غيبوبة، وإيقاظ من كان نائماً، وتنبيه من كان غافلاً، وإحياء من هم في حكم الموات، وفتح بصر وبصيرة كل مسلم فيدرك ما تتعرض له عقيدته من مخاطر، ولدينه من كيد ومكر.
وبشيء من الابتعاد عن البحث الفلسفي والتاريخي لكلمة مواطنة ومع عدم وجود تعريف مانع جامع لها، فهي مصطلح سياسي متحرك عبر حقب التاريخ المختلفة، ولكن بشكل عام يمكن أن نقول: تعرف المواطنة بأنها "العلاقة القانونية بين الفرد والدولة التي ينتمي إليها والتي تشمل مجموعة من الحقوق والواجبات لكلا الطرفين" إذاً هناك حقوق وهناك واجبات كفلتها هذه المواطنة. ويظل هنالك سؤال يحتاج إلى إجابة؛ من هو صاحب الصلاحية في إقرار هذه الحقوق ومن الذي يحدد هذه الواجبات؟ ومن هنا جاءت أهمية النقطة الثانية "السيادة للشعب وهو مصدر السلطات".
وقد عرّفت السيادة للشعب بأنها: "السلطة العليا المطلقة التي تفردت وحدها بالحق في إنشاء الخطاب الملزم المتعلق بالحكم على الأشياء والأفعال"، أي أن الشعب أو الجهة التي تمثله تملك صلاحية تحديد الحقوق والواجبات لكل طرف من طرفي الدولة (الشعب والحكومة)، لذلك كانت هذه المادة مرتبطة بما قبلها.
ولما كان أهل السودان في أغلبيتهم مسلمين، فقد يثار موضوع الحكم بالإسلام، ولقطع هذا الطريق وإمعانا في إبعاد الإسلام عن الحياة العامة كانت النقطة الثالثة التي تتحدث عن وقوف الدولة على مسافة واحدة من كل الأديان، وبما أن الديانة النصرانية لا يوجد بها تصور لإدارة شئون الحكم، وكذا الديانات الأفريقية التي يعتنقها قلة من أهل السودان مقابل 98% يعتنقون الإسلام، وهو وحده الذي لديه تصور شامل لكل أوجه الحياة؛ السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، ولضمان إبعاده عن الدولة، أورد الاتفاق الإطاري هذه المواد الثلاث عن عمد، بعناية فائقة، وتخطيط محكم حتى توصد جميع الأبواب التي يمكن أن يدخل منها الإسلام إلى الحكم وإبعاده عن التأثير في الحياة العامة؛ وذلك رغم أن غالبية أهل السودان مسلمون. وقد يقول قائل إننا نستطيع أن نأتي بالإسلام طالما نملك الأغلبية الميكانيكية في أي برلمان قادم، إن هذا الكلام مردود، أولاً: بالتجارب التاريخية في الديمقراطيات الثلاث التي حكمت السودان، وثانياً: بنصوص هذا المشروع، والأهم من كل ذلك أن الحكم بما أنزل الله ليس خياراً من الخيارات حتى يتم التصويت عليه بالقبول أو الرفض، إنما هو أمر من الله واجب التنفيذ فحسب، بل لا بد من التسليم المطلق به، والرضا التام بتشريعاته، قال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾.
والطريقة العملية لتنفيذ أمر الله تعالى ليست الاستعانة بالرباعية ولا الثلاثية ولا الأمم المتحدة، ولا غيرها أبداً، إنما بتمكين أهل السودان من اختيار رجل منهم يبايعونه خليفة للمسلمين، يحكم فيهم بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ، هذا هو الطريق فاسلكوه.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس حسب الله النور – ولاية السودان