الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
مع أصدقاء مثل أمريكا، من يحتاج إلى أعداء؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع أصدقاء مثل أمريكا، من يحتاج إلى أعداء؟

(مترجم)

 

 

الخبر:

 

أسقطت الولايات المتحدة منطاداً على ارتفاع عالٍ في الرّابع من شباط/فبراير بعد أن سافر عبر العديد من الولايات الأمريكية، واتُهمت الصّين بالتجسّس على مواقع عسكرية أمريكية حسّاسة. زعم أحد عناوين صحيفة الغارديان في التاسع من شباط/فبراير أن "الصين تستخدم مسرحية بالون التجسس لإثارة الحماسة القومية". كما أوضحت صحيفة الغارديان أن "آلة الدّعاية للحزب الشيوعي قد قطعت كل السبل لضمان توافق الرأي العام مع رواية الحزب".

 

التعليق:

 

لماذا تتّهم إحدى وسائل الإعلام الغربية الكبرى وسائل الإعلام الصينية بأنها هستيرية وخاضعة لرواية الحزب الشيوعي بينما يمكن قول الشيء نفسه وأكثر بكثير عن وسائل الإعلام الغربية الهزيلة التي حوّلت كل تركيزها فجأةً من الحرب الروسية الأوكرانية باعتبار بوتين العدو الأكبر للغرب إلى شيطنة الصّين بمجرد أن تمّ الإبلاغ عن منطاد غامض لأوّل مرة في المجال الجوي الأمريكي؟ منذ ذلك الحين، تمّ الإبلاغ عن ثلاثة أجسام أخرى مجهولة الهوية، وسرعان ما أسقطتها الطائرات الحربية الأمريكية في 10 و11 و12 شباط/فبراير.

 

في الوقت نفسه، تستعر الآن أكبر حرب برية وأكثرها دموية منذ الحرب العالمية الثانية في أوروبا بين قوة نووية كبرى ووكلاء حلف شمال الأطلسي في أوكرانيا. لقد تمّ دفع اقتصادات أوروبا إلى ركود حاد، وقد فقدت كل من روسيا وأوكرانيا ما لا يقل عن 100 ألف جندي حتى الآن في صراع سيزداد شراسة قبل أن ينتهي. لماذا إذن احتلت الصين مركز الصدارة لمدة أسبوعين؟

 

لا جديد في تجسّس الصين على أمريكا، فكلا البلدين يتجسس على الآخر بوسائل عديدة. قد يكون هذا الموضوع بمثابة ستار دخان لإخفاء قضايا أكثر أهمية بكثير، وهذا من شأنه أن يجعل وسائل الإعلام الغربية دمية في الأجندة السياسية أكثر من وسائل الإعلام الصينية. في الواقع، تمّ دفن العديد من القصص المروعة المتعلقة بالحرب في أوكرانيا عبر وسائل الإعلام الرئيسية خلال الأسبوعين الماضيين.

 

إنّ أهم القصص المدفونة هي ادّعاء الصحفي الاستقصائي الشهير سيمور هيرش أن قصف خط أنابيب نوردستريم 1 و2 قامت به أمريكا بمساعدة النرويج. وصف هيرش بالتفصيل كيف تمّ التخطيط لهذا الهجوم وتنفيذه. نظراً لأنّ مصدر القصة كان مجهولاً، فمن الصعب التحقّق منه، لكن أمريكا هي الدولة الوحيدة التي لديها دافع واضح للهجوم. يحاول السياسيون الأمريكيون منذ سنوات إجبار ألمانيا على التوقف عن شراء الغاز الرخيص من روسيا عبر خطوط أنابيب نوردستريم. بعد فشله في منع ألمانيا من المضي قدماً في افتتاح خط أنابيب نوردستريم 2، تراجع بايدن عن التهديدات السابقة وتعرّض للتوبيخ من العديد من أعضاء الكونجرس الجمهوريين. ثم هدّد بوتين أوكرانيا إذا لم يتراجع الناتو عن عسكرة أوكرانيا، وتجددت التهديدات الأمريكية ضد نوردستريم.

 

قال وكيل الوزارة نولاند: "إذا غزت روسيا أوكرانيا، بطريقة أو بأخرى، فإن نورد ستريم 2 لن يتحرك إلى الأمام". وفي وقت لاحق قال بايدن: "إذا غزت روسيا... لن يكون هناك نورد ستريم 2. وسنضع حداً له". وعندما سأل أحد المراسلين كيف ستنهي أمريكا مشروع نورد ستريم عندما يكون المشروع تحت سيطرة ألمانيا، ابتسم بايدن وأجاب: "سنكون، أعدك، سنكون قادرين على القيام بذلك". الآن، غزت روسيا التاريخ، وتمّ تخريب خطوط أنابيب نوردستريم، وفقدت ألمانيا خيار شراء الغاز الروسي وهي الآن تدفع أكثر بكثير مقابل شحن الغاز الأمريكي عبر المحيط الأطلسي. بالتأكيد، يجب أن تكون هذه هي القصة الأولى في الغرب! إذا فجرت أمريكا خطوط الأنابيب، فسيكون ذلك بمثابة عمل إرهابي دولي مباشر ضدّ أحد الحلفاء المفترضين لها. أبلغ التيار السائد لفترة وجيزة عن المزاعم إلى جانب الإنكار الأمريكي ثم ماتت القصة.

 

قصة أخرى تجاهلتها وسائل الإعلام الغربية كانت المزاعم بأنّ المليشيات الأوكرانية تستخدم أسلحة كيماوية ضدّ القوات الروسية. ظهرت مقاطع فيديو على الإنترنت تظهر على ما يبدو تركيب عبوات غاز للطائرات بدون طيار وإسقاطها على الجنود الروس. بالتأكيد، سيكون ذلك جديراً بالتقرير. هل ستتجاهل أمريكا ووسائل الإعلام المستعبدة الاستخدام المحتمل للأسلحة الكيميائية إذا ظهرت مقاطع فيديو تظهر أن روسيا تفعل ذلك؟

 

على الرّغم من المزاعم بأن روسيا تفشل في الحرب، فقد حشدت روسيا جميع مواردها الصناعية ومئات الآلاف من الجنود الجدد للانضمام إلى القتال، في حين إن المخزونات العسكرية الأوروبية تنخفض لدرجة أن بريطانيا وألمانيا تعرضتا لانتقادات بسبب وجود القليل منها فقط. أيام من الذخيرة إذا احتاجوا إلى تعبئة جيوشهم الصغيرة. على الرّغم من الكلمات الغربية الشجاعة، والخسائر العسكرية الروسية، يبدو أن روسيا تتمتع بميزة ساحقة تتمثل في الأرقام التي ستؤدي في النهاية إلى انهيار الدفاعات الأوكرانية وإذلال الناتو. ربما لهذا السبب تريد أمريكا وخدمها الأوروبيون الحمقى تصوير الصين الآن على أنها أكبر أعدائهم، من أجل التقليل من الإذلال الناتج عن الانهيار النهائي لحرب الناتو ضدّ روسيا في أوكرانيا. ستضعف أوروبا وستكون مشغولة بروسيا، وستدمر أوكرانيا، بينما ستكون أمريكا قادرة على التركيز على الصّين. مع أصدقاء مثل أمريكا، من يحتاج إلى أعداء؟

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. عبد الله روبين

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع