- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾
الخبر:
تناقلت وسائل الإعلام دعوة للاحتفال المشترك بين المسلمين والنصارى في لبنان، بعيد "البشارة" بمولد المسيح الذي تم إعلانه عيدا وطنيا لكل اللبنانيين، ودعت الجهة المنظمة إلى طقوس مشتركة تجمع بين قراءة القرآن وقراءة ترانيم من كتاب النصارى المقدس، وزيارات لكنيسة ومسجد بحضور شخصيات من القساوسة والمفتين من السنة والشيعة.
التعليق:
لقد عاش المسلمون والنصارى في بلاد الشام معا ما يزيد على 1400 عام، أي منذ الفتح الإسلامي، ولم يكن من متطلبات هذا العيش أن ينافق طرف منهم الآخر أو يحابيه في دينه وعقيدته، فلم يشترط المسلمون على النصارى ولا النصارى على المسلمين أن يشاركوهم في عقائدهم وأعيادهم وشعائرهم ليقبلوا العيش معهم، ولم تكن المفاصلة في الدين بيننا وبينهم حاجزا يمنع من البر بهم ومعاملتهم بالحسنى أو يمنع من حسن جوارهم لنا ووفائهم للعهود والمواثيق بيننا.
وما أثيرت مسألة إيجاد الشعائر المشتركة بين المسلمين والنصارى، بزعم توطيد "العيش المشترك"، أو مسألة امتناع التكفير المتبادل بين الفريقين، أو ضرورة احترام العقائد والأديان جميعها، باعتبارها اختيارا شخصيا لفئة من مكونات المجتمع، ما أثيرت هذه المسألة إلا من العلمانيين الذين يغيظهم أن يكون هناك مفهوم للحق والباطل والكفر والإيمان، مسيطر على سلوك الناس ومؤثر في خياراتهم، بل حرصوا على ترسيخ فكرة الحقيقة النسبية، لتكون مدخلا لتكريس كفر العلمانية بأشكاله ومستوياته المختلفة.
إن هذه الأعمال والدعوات لا شأن لها بالإسلام ولا بالنصرانية، وما هي إلا خطة علمانية خبيثة، لنسف أصول الإسلام خصوصا والأديان عموما، وهي تفضح مقولة حيادية العلمانية في مقابل الأديان وعدم تدخلها في خصوصياتها.
وإن الإسلام كما لا يسمح تحت سلطانه أن يتدخل أحد في شعائر وأعياد وطقوس النصارى ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾، فإنه لا يسمح طرفة عين بأن يبتدع كائن من كان للمسلمين أعيادا أو شعائر ليست من دينهم، وبالأخص حينما تقترن بترانيم وعبادات وعقائد تخالف عقائدهم، فكيف يجمعون بين احترام عقيدة من يرى أن لله ولدا، ويشاركونهم ترانيمهم وطقوسهم فرحين مبتسمين، وبين إيمانهم بقوله تعالى: ﴿وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً * مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً﴾، وقوله: ﴿تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَٰنِ وَلَداً﴾؟!
إننا نقول للعلمانيين وغيرهم، لا تعبثوا بديننا فدون ذلك ما تعلمون، وليس لكم عندنا سوى قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الشيخ عدنان مزيان
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير