- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
ألا فشدّوا الرّحال مجاهدين محررين
الخبر:
قوات الاحتلال تنهال بالضرب على المعتكفين والمرابطين المدافعين عن مسرى رسولنا الكريم وتجبرهم على الخروج من المسجد الأقصى (الجزيرة، 4 نيسان/أبريل 2023).
التعليق:
في هذا الشهر المبارك وتحديدا في ذكرى تسلم الخليفة عمر بن الخطاب مفاتيح بيت المقدس في 13 رمضان لسنة 15هـ يتعرّض رجال وحرائر الأقصى إلى الضرب والسّحل والاعتقال من قطعان يهود أخزاهم الله، في مشاهد تتكرر. يُدنّس المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين، ويتطاول يهود الأنجاس على المسجد الأقصى الذي قُرن بالمسجد الحرام في شد الرّحال فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النَّبِي ﷺ قَالَ: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِي هَذَا، وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى». رواه البخاري ومسلم، المسجد الأقصى الذي يُحرم المسلمون منه ويُمنعون من دخوله، قال عنه نبيّنا الأكرم ﷺ: «وَلَنِعْمَ الْمُصَلَّى، هُوَ أَرْضُ الْمَحْشَرِ وَأَرْضُ الْمَنْشَرِ، وَلَيُوشِكَنَّ أَنْ لَا يَكُونَ لِلرَّجُلِ مِثْلُ شَطَنِ فَرَسِهِ مِنَ الْأَرْضِ حَيْثُ يَرَى مِنْهُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعاً»، أَوْ قَالَ: «خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا».
إن المسجد الأقصى عقيدة وإيمان وولاء شرعي، هو مهد الرسالات ومسرى نبينا الأكرم ومهبط الوحي، فيا جيوش المسلمين، ألن تواصلوا كتابة تاريخ أمجاد أسلافكم المشرّف في تحرير بيت المقدس والحفاظ عليه؟! ألا تتعلّق قلوبكم بالظفر بهذا النصر المبين؟! فاعلموا إذاً أنّكم إن توليتم فسيستبدل الله قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم وهذا وعد الله الثابت في كتابه العزيز بأن هذا الاحتلال الغاصب للقدس صائر إلى زوال حتماً: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً* ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً * إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً * عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً﴾. فهذه الآيات تدل أنه إذا بالغ يهود في الإفساد والرذيلة، فسيسلط الله عز وجل عليهم من يسومهم سوء العذاب ويجعلهم أذلاء مستضعفين مشرّدين كما فسّرها سيّد قطب في ظلال القرآن: "ولقد صدقت النبوءة ووقع الوعد، فسلط الله على بني إسرائيل مَنْ قَهَرَهم أول مرة، ثم سلط عليهم من شردهم في الأرض، ودمر مملكتهم فيها تدميراً... ويعقب السياق على النبوءة الصادقة والوعد المفعول، بأن هذا الدمار قد يكون طريقاً للرحمة ﴿عَسَى رَبُكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُم﴾ إن أفدتم منه عبرة، فأما إذا عاد بنو إسرائيل إلى الإفساد في الأرض، فالجزاء حاضر والسنة ماضية ﴿وَإنْ عُدْتُمْ عُدْنَا﴾ ولقد عادوا إلى الإفساد، فسلط الله عليهم المسلمين، فأخرجوهم من الجزيرة كلها، ثم عادوا إلى الإفساد، فسلط الله عليهم عباداً آخرين، حتى كان العصر الحديث، فسلط عليهم هتلر، ولقد عادوا اليوم إلى الإفساد في صورة (إسرائيل) التي أذاقت العرب أصحاب الأرض الويلات، وليسلطن الله عليهم من يسومهم سوء العذاب تصديقاً لوعد الله القاطع، وفاقاً لسنته التي لا تتخلف، وإن غداً لناظره لقريب".
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. درة البكوش