السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
هل تسعى أمريكا لمحاكاة النموذج التركي في باكستان؟!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

هل تسعى أمريكا لمحاكاة النموذج التركي في باكستان؟!

 

الخبر:

 

غرّد سفير أمريكا السابق لدى الأمم المتحدة، زلماي خليل زاد، وقال: "ربما يمكن تجنب كارثة، ولكن فقط في حالة حدوث شيئين: استقالة قائد الجيش منير، وإجراء الانتخابات في موعد محدد. وبدون الأول، والثاني غير مرجح، ستزداد الأزمة الاقتصادية والسياسية والأمنية في باكستان سوءاً. (التغريدة)

 

التعليق:

 

أثارت التغريدة شبح تورط أمريكا بطريقة ما في انقسام الجيش الباكستاني، حتى إن البعض تكهن بأن أمريكا تفضل النموذج التركي للحكم، أي أن يكون الجيش تحت سيطرة حاكم مدني يعمل في المقابل على حماية المصالح الأمريكية.

 

ومن المفترض، بموجب هذا النموذج، أن يدير خان الجيش الباكستاني من خلال رئيس أركان جديد للجيش، وسيتم تقليص صلاحياته لمنع مشاركة الجيش في السياسة الباكستانية. وسبب آخر لدعم مثل هذه التأكيدات هو أنه يجب على أمريكا أن تضعف باكستان لجعل الهند تشارك بكامل قوتها في مواجهة الصين. ويتضمن هذا البرنامج تجريد باكستان من أسلحتها النووية، وتقليص حجم القوات المسلحة الباكستانية إلى 200,000، وتسليم كشمير للهند من خلال جعل خط السيطرة دائما، واندماج باكستان في نهاية المطاف في اتحاد كونفدرالي مع الهند.

 

إن التفحص الدقيق للتوجه الأمريكي في باكستان يدحض مثل هذه التكهنات، لأن أمريكا، وعلى مدى عقود، مارست هيمنتها على باكستان من خلال المجلس العسكري لإدارة الشؤون الداخلية لباكستان، والتطوير المؤسسي للجيش الباكستاني، فضلاً عن البصمة الواسعة في السياسة الخارجية للبلاد. وقد نفّذ ضباط الجيش بكل جد رغبات الأمريكيين عند الحاجة، فعلى سبيل المثال، كان الجهاد الأفغاني مشروعاً أمريكياً تم إعداده لهزيمة الاتحاد السوفيتي، ولإطالة عمر هذا الجهاد، كان على ضباط الجيش الباكستاني "أسلمة" باكستان لدعم هذا المسعى. وقد تطلب ذلك تغييرات في المناهج التعليمية لدعم فكرة الإسلام، وانتشار المدارس الدينية، وإنشاء معسكرات تدريب للجهاديين وتشجيع استقطاب العلماء والمقاتلين العرب للعيش والتدريب في هذه المعسكرات.

 

وبعد الحادي عشر من أيلول، قررت أمريكا إنهاء سياسة "أسلمة" باكستان، وقد بدأ بذلك مشرف، ولم يكتف بتفكيك البنية التحتية للجهاديين، بل قام بعمليات عسكرية لاعتقال واحتجاز عشرات الآلاف من الباكستانيين، وتم في عهده استكمال مشروع علمنة باكستان من خلال تسريع عملية التغريب. بل إن مشرف ذهب إلى أبعد مما طُلب منه، فوضع ضمانات على بعض الأسلحة النووية التي مكّنت أمريكا من مراقبة أماكن وجودها، وخطط أيضاً لتسليم كشمير للهند لتقوية مكانتها، وقد سار خلفاء مشرف على خطاه الخيانية، مثل كياني وشريف وباجوا، فكانوا أكثر ولاء لأمريكا.

 

وخلال هيمنة أمريكا على باكستان، كانت أولويتها الرئيسية هي دائماً ضمان ولاء ضباط الجيش لها، وانقسام قيادة الجيش، بينما تسعى أمريكا إلى تجنيد الهند في حرب محتملة ضد الصين وهو تهور ومغامرة منها، وقد تؤدي قيادة الجيش المنقسمة إلى حرب أهلية أو سيطرة "الإسلاميين"، والأسوأ من ذلك أنه يمكن أن يعجّل بانفجار داخلي في باكستان، والذي سيصبح كابوساً أمنياً للهند ويعرقل المحاولات الأمريكية لاستخدام الهند ضد الصين.

 

وإلى جانب ذلك، من المرجح أن يؤدي وضع الجيش تحت حكم مدني إلى تحفيز الجيش على مقاومة أي محاولة لإضعافه، فقد نجحت أمريكا في الماضي في إضعاف الجيش الباكستاني من خلال قيادة التغيير السياسي في البلاد من خلال استخدام قيادات الجيش وضمان ولاء المجلس العسكري لخدمة مصالح واشنطن، ومن غير المحتمل أن يتغير أسلوب العمل الأمريكي هذا في المنظور القريب.

 

وباختصار، لقد نجح الغرب في استخدام بنية مدنية ضعيفة أو واجهة ديمقراطية تعمل في ظل جيش قوي للسيطرة على مناطق كثيرة من البلاد الإسلامية ومنع توحيدها الطبيعي. ومن ثم، فإن نموذج الحكم هذا لن يتغير إلا عندما تحوّل قيادة الجيش ولاءها من حماية المصالح الغربية إلى نصرة مشروع الحكم بالإسلام.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد المجيد بهاتي

آخر تعديل علىالثلاثاء, 16 أيار/مايو 2023

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع