- الموافق
- 1 تعليق
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
فشل الهندسة السياسية وفرصة التغيير الحقيقي
(مترجم)
الخبر:
قال عمران خان في أول خطاب علني له منذ إطلاق سراحه "ديمقراطيتنا اليوم معلقة بخيط رفيع"، واصفاً الذين لاحقوه بأنهم "مافيا". ولم يذع خطابه على شاشة التلفزيون. (الجارديان)
التعليق:
منذ أواخر الخمسينات من القرن الماضي، بدأ الضباط العسكريون في التلاعب بالنظام السياسي الباكستاني لتشكيل نتائج انتخابية تتناسب مع رغباتهم. وتسارعت الهندسة السياسية للوسيط السياسي الباكستاني خلال حكم ضياء الحق، لكنها ترسخت خلال حقبة الديمقراطية في التسعينات.
طوّر ضباط الجيش أدوات معينة مثل تهم الفساد والابتزاز والتعذيب والرشوة والاختطاف والاغتيال...إلخ لإدارة المشهد السياسي في البلاد، وبعد ذلك أصبحت هذه الأدوات أساليب وتدابير وتكتيكات معيارية لجلب الفاعلين المدنيين إلى السلطة، واستخدامها أثناء وجود السياسيين في السلطة، ومن ثم لتشويه سمعتهم وإزالتهم منها، بمجرد أن يحقق السياسيون هدفهم الذي أوكل لهم.
أتقن ضباط الجيش هذه الأساليب والتدابير والتكتيكات في عهد عائلة بوتو وسلالة شريف، حيث لعب أحدهم ضد الآخر. واعتادت مؤسسة الجيش على هذه الأساليب والإجراءات والتكتيكات، ووافق ضباطها على هذه الأدوات للسيطرة على فساد عائلتي بوتو وشريف مقابل حماية مصالح المؤسسة العسكرية. لذلك وبعد نجاح الأساليب في صياغة النتائج السياسية لمدة ثلاثة عقود، لم يفكر باجوا مرتين في استخدام مثلها للترويج لعمران خان ثم استبعاده.
ومع ذلك، رفض خان محاولة قائد الجيش السيطرة عليه وقاومه، خاصة بعد إقالته التي فضحت محاولات القيادة العسكرية لإسكاته وتشويهه. كما تسببت هذه المحاولات في إثارة الذعر في المؤسسة العسكرية وكذلك لدى عامة الناس؛ لأن الكثيرين ظنوا أن خان نظيفاً ومخلصاً نسبياً مقارنة بالفساد عميق الجذور في الطغمة الحاكمة والتدخلات المستمرة لقيادة الجيش في التلاعب بالمؤسسة العسكرية والسياسة عموما.
وعلاوة على ذلك، كان خان قادراً على الاستفادة من المشاعر المعادية لأمريكا الكامنة في أهل باكستان، وخصوصا بين الشباب الذين نشأوا في عالم ما بعد 9/11 واستاؤوا بشدة من الطبقة السياسية لتفشي الفساد، وكذلك بين ضباط الجيش لتقديم المؤسسة العسكرية الكثير من التنازلات من أجل حرب أمريكا على (الإرهاب).
اعتقد باجوا، وتلاه منير، أن الأساليب التي أتقنها ضباط الجيش في الهندسة السياسية ستفيدهم جيداً في إدارة حالة عمران خان، فقد استهانوا به وفي قاعدة دعمه الديموغرافية للشباب في المجتمع وفي أتباعه في كل من مؤسسة الجيش وبين الضباط المتقاعدين. ومن ثم، فإن البلاد الآن في حالة مجهولة. والأدوات المستخدمة في الهندسة السياسية لم تفشل فحسب، بل تسببت أيضاً في قلق المؤسسة العسكرية، وقد حرم هذا أيضاً منير من المرونة في احتواء خان. وعلاوة على ذلك، لا توجد معارضة قابلة للامتطاء باستثناء خان وحزبه لكي تكون الانتخابات العامة ذات مصداقية، وحتى يتمكن ضباط الجيش من تقديم معارضة كما كانوا يفعلون دائماً، وخلاف ذلك، لن يقبل الناس النتائج.
عندما كانت نتائج الهندسة السياسية تفشل في الماضي، كان الجيش يتدخل بفرض الأحكام العرفية. ولكن بالنظر إلى المعارضة القوية ضد ضباط الجيش، وفشلهم في إدارة خان والملحمة السياسية التي تلت ذلك، وفي ظل اقتصاد ضعيف جدا، فإن إعلان الأحكام العرفية ليس مجرد خطأ فادح، ولكن سينظر إليه الكثيرون على أنه محاولة يائسة من منير للتشبث في السلطة بأي ثمن، ودون معالجة لعدد لا حصر له من القضايا الخلافية.
إنه أيضاً مستقبل مجهول بالنسبة لخان، فقد أصبح أقوى من ذي قبل، بينما كان ميؤوساً منه عندما كان في السلطة، وارتكب مخالفات محرجة، وافتقر إلى برنامج شامل للتغيير، وكان محاطاً بسياسيين ومستشارين مشوهين ملطخين بالفساد مثل نظرائهم في حزب الشعب الباكستاني، لذلك، فإنه في الأيام والأسابيع المقبلة، سيظل الوضع السياسي في باكستان في حالة تغير مستمر، ما يوفر فرصاً ذهبية للذين يعملون للتغيير الجذري، وهو التغيير المتأصل في الإسلام، والذي يسعى إلى قلب النظام السياسي الحالي وإعادة العزة والكرامة إلى أرض باكستان الطاهرة.
﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد المجيد بهاتي