الأحد، 22 محرّم 1446هـ| 2024/07/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
قراءة في انتخابات تركيا 2023

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قراءة في انتخابات تركيا 2023

 

 

 

الخبر:

 

جرت في تركيا يوم الأحد الرابع عشر من شهر أيار لعام 2023 انتخابات الرئاسة ومجلس الشعب في تركيا، وتقرر عقد جولة ثانية من الانتخابات الرئاسية يوم الأحد 28/5/2023 لعدم إحراز أردوغان أو منافسه كمال كليجدار أوغلو على ما يزيد عن 50% من الأصوات.

 

التعليق:

 

جاءت نتيجة الانتخابات بشكل عام لصالح حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه أردوغان بشكل حاسم فيما يتعلق بمجلس الشعب وبشكل غير حاسم فيما يتعلق بمنصب الرئيس. وقد شارك في الانتخابات نسبة عالية ممن يحق لهم التصويت بلغت تقريبا 87% أي ما يقرب من 56 مليون شخص، وهو رقم مرتفع جدا إذا قورن بالدول التي تعتمد النظام الديمقراطي لانتخاب الرئيس وممثلي الشعب في المجالس النيابية. مثلا آخر أربع انتخابات في أمريكا منذ عام 2008 وحتى 2020 لم تتجاوز نسبة المنتخبين 55% باستثناء سنة 2020 حيث وصلت 62% وذلك راجع للانقسام الواضح بين مؤيدي ترامب وبايدن.

 

واللافت للنظر أن الناخبين في تركيا انقسموا قسمين متقاربين من حيث النسبة في الأصوات، قسم يميل لمن يمثل النظرة القومية الصرفة مدعمة بعلمانية مصطفى كمال صراحة، وبين من يمزج بين القومية التركية بوصفه شعباً مسلماً، ويغطي العلمانية بمسحة من الدين الإسلامي ذي المظاهر الصوفية المشاعرية. وفي هذا الانقسام دلالات عدة يمكن أخذها بعين الاعتبار حين النظر إلى واقع ومستقبل تركيا:

 

أولا: إن الجمهرة الواسعة والعميقة ذات الأفق العلماني تراجعت بشكل واضح بعد أن وصلت ذروتها خلال حكم مصطفى كمال في عشرينات القرن الماضي والتي كادت تطغى على تركيا وحتى بعض الدول العربية.

 

ثانيا: التوجه نحو الإسلام خاصة ما يمس الناحية المشاعرية وناحية العبادات بدأ بالتزايد خلال العقدين الماضيين إلى أن وصل لنسبة تزيد قليلا عن العلمانية المتجذرة.

 

ثالثا: الخطاب الذي تميز به حزب العدالة والتنمية وعلى رأسه أردوغان ركز على الشريحة ذات التوجه نحو الإسلام ولو مشاعريا، دون إغفال شريحة العلمانيين وما تتمتع به من أعداد كبيرة ونفوذ قوي.

 

رابعا: كشف التحول في اتجاه الشعب التركي نحو الإسلام أن علمانية مصطفى كمال لم تقض على الإسلام في تركيا، وإنما غطته بقشرة من العلمانية، فظهرت تركيا على أنها علمانية التوجه. فكلما أزيلت طبقة من هذه القشرة ظهر تحتها إسلام كان مخفيا. وهذا ما تمت معاينته في البلاد التي غطاها الاتحاد السوفيتي بقشرة من الإلحاد والشيوعية، فما إن تكسرت وزالت هذه القشرة حتى عاد الإسلام يبرق من جديد سائغا للناظرين. وكذلك ما ظهر من سرعة توجه المسلمين في البلاد العربية الذين غطت إسلامهم القومية والإقليمية لردح من الزمن.

 

خامسا: سواء أكانت الأمة الإسلامية في تركيا أو البلاد العربية أو آسيا الوسطى أو شرق آسيا أو أفريقيا فإنها جميعها قد سقطت في الأحابيل والترهات نفسها، حيث إن المستعمر الكافر وعملاءه وأذنابه حين لم يقدروا على نزع الإسلام من عقول وقلوب المسلمين عمدوا إلى تغليفه بقشور من العلمانية والقومية والوطنية والاشتراكية والنفعية الآنية.

 

سادسا: أصبح الصراع اليوم يأخذ شكل السباق المحموم بين فئة تعمل مخلصة للوصول إلى اللب من شعوب المسلمين وإخراجه من قوقعة القشور المختلفة، وبين فئة استحوذ عليها الشيطان تعمل على إعادة تغليف الإسلام ولو بثوب مزيج من خيوط مختلفة الألوان والتوجهات والأفكار، ليبقى غير قادر على الإشعاع بنوره الساطع، وذلك إما عن طريق التدليس، أو تزيين الباطل، أو إلباس الحق باطلا.

 

سابعا: على الساعين لإعادة مجد الإسلام وحكمه ونوره للعالم أن يدركوا أن التغيير الذي يحصل في الأمة وإن كان بطيئا إلا أنه مستمر ومتصاعد، وأن هناك من يحاول أن يعيد تغليف الإسلام وإبقاءه بعيدا عن الحياة والواقع بثوب منسوج من مزيج من الإسلام والعلمانية والقومية والنفعية وغيرها، وتركيا خير دليل.

 

وأخيرا فإنه بغض النظر عن مآلات الحكم في تركيا، فإن الشاهد اليوم أقوى من أي وقت مضى أن الإسلام الذي حول الشعب التركي قديما وجعله جزءاً من أمة الإسلام حملته بدمائها وأرواحها، لا يزال ساكنا في أعماقه يظهر شيئا فشيئا إلى أن يأذن الله أن يسود دينه.

 

﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. محمد جيلاني

آخر تعديل علىالخميس, 25 أيار/مايو 2023

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع