- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الدولار أداة لأمريكا وليس غاية لها
الخبر:
غوتيريش: حان الوقت لإصلاح مجلس الأمن ونظام "بريتون وودز" بما يتماشى مع الواقع في عالم اليوم. (موقع النشرة).
التعليق:
أمريكا دولة رأسمالية بل زعيمة الرأسمالية في العالم، قامت على أساس المبدأ الرأسمالي القائم على المصلحة أولاً وأخيراً ودائماً. فلا مقدس بحق في المبدأ الرأسمالي إلا المصلحة والمنفعة، وفي النظرة الرأسمالية للاقتصاد والمال فإن المصلحة هي كل ما يحقق المنفعة والقيم المادية بغض النظر عن أي قيم أخرى، بل تسخّر باقي القيم (الروحية أو الخلقية أو الإنسانية) وتجيّرها لخدمة القيمة المادية أي المنفعة، وهذا هو المال، وهكذا يزدهر الاقتصاد بحسب الفكر الرأسمالي.
أما غوتيريش هذا، ومجلس الأمن والأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وكل هذه المؤسسات فإنما هي أدوات أمريكية لبسط نفوذها على العالم. ولا يخرج تصريح من إحدى هذه الجهات بهذا العيار الثقيل دون ترتيب أمريكي مسبق ودون قبول أمريكي به أصلاً.
وحتى معظم الدول التي توصف بأنها من أصحاب الاقتصاديات الناشئة فإن واقعها السياسي وواقع أوساطها السياسية الحاكمة، لا يخرج عن أن تكون دولاً عميلة أو تدور في فلك أمريكا في التبعية والسياسات والولاء. فلا يتصور أن تكون سياساتها واتفاقياتها الدولية وتصريحاتها فيما يتعلق بالدولار وحتى الإصلاحات في مجلس الأمن؛ لا يتصور أن يكون تمرداً مبدئياً وجاداً ضد أمريكا وأدواتها ومؤسساتها ومصالحها.
ومن مقتضيات المصلحة والبراغماتية في الفكر الرأسمالي أن تدور الدولة وسياساتها وخططها حيث تدور المصلحة. فإذا كانت المصلحة بتقوية أحد التبع وتصويره مناضلاً عمالياً ونصيراً للمظلومين وعدواً لأمريكا، فلا ضير! وإذا اقتضت المصلحة أن يبرم مع أحد العملاء اتفاقية نووية ترفع عنه العقوبات الدولية المفروضة عليه سابقاً بغية رفده بالمال والنفوذ لتنفيذ أجندات سحق تحركات شعبية في مكان ما فلا ضير في ذلك أيضاً! وكذلك إذا لزم الأمر التخلي عن الدولار في التجارة البينية بين أحد التبع ودولة أخرى بغية تحريك العجلة الاقتصادية في الدولة التابعة وتعزيز إمكانيات الوسط السياسي العميل في تنفيذ الأجندات الأمريكية الموكلة إليه فكذلك لا ضير في ذلك.
والدولار في مبدئهم وسيلة تحقق غاية المنفعة ومصلحة بسط النفوذ. فالمقدس عند أمريكا هو المصلحة وإذا ما رأت أمريكا أن الدولار يعيق مصلحتها ويعطل منافعها في الربح والكسب، وإذا وجدت أن مضاره عليها تفاقمت وأنه لا بد من تحميل العالم خسائرها، فلا ضير في التخفيف من فرض الدولار عالمياً وحتى التخلي عنه بسلة عملات أو عملة رقمية أو أي مخرج وخيار آخر.
ولذلك فإن الإصلاحات في مجلس الأمن ونظام بريتون وودز، نظام الدولار، وأي حديث عن ذلك إذا لم يكن من منطلقات مبدئية مغايرة لمنطلقات المبدأ الرأسمالي النفعي الذي تقوده أمريكا، وإذا لم يكن لهذا المبدأ دولة مستقلة وقوية تحمله فلا يكون الحديث خارجاً عن الخيارات والمباحات والترتيبات الأمريكية نهائياً. وعملياً وواقعياً لا يوجد أي مبدأ يحمل نظام حياة ونظام حكم ونظاماً اقتصادياً يستطيع مواجهة الجشع الرأسمالي الأمريكي إلا مبدأ الإسلام ونظام حكم الخلافة والأحكام الشرعية المتعلقة بتدبير شؤون المال التي تطبق في دولة الخلافة.
﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ياسر أبو خليل – ساوباولو (البرازيل)