السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
هل تتحوّل باكستان إلى روسيا؟ (مترجم)

بسم الله الرحمن الرحيم

 

هل تتحوّل باكستان إلى روسيا؟

(مترجم)

 

 

 

الخبر:

 

وقّعت باكستان وروسيا اتفاقية تجارية ثنائية تهدف إلى تسهيل وخفض تكاليف التجارة بين البلدين. وقد تمّ التوقيع على الاتفاق خلال مؤتمر اقتصادي للبلاد الإسلامية استمر ثلاثة أيام واختتم في 19 أيار/مايو 2023 في مدينة قازان الروسية. وجمع المؤتمر مشاركين من 85 دولة، ما عزز منبراً لتبادل الأفكار التجارية.

 

التعليق:

 

كانت هناك رواية تدور في باكستان مفادها أن روسيا هي الأنسب لتلبية مصالحها نظراً لقربها الجغرافي وأنها لا تفرض شروطاً على العلاقات مثل أمريكا وليس لديها اعتراض على نقل التكنولوجيا. يتمّ دفع هذه الرواية المدعومة من الجيش لتصوير استقلال باكستان في السياسة الخارجية وإخفاء خضوع القيادة العسكرية لإملاءات أمريكا.

 

تم تصوير الاتفاقية الاقتصادية الأخيرة الموقعة بين روسيا وباكستان كدليل على أن إسلام أباد تستعرض عضلاتها وتتحرّر من سيطرة الولايات المتحدة وعلى شجاعتها لأن روسيا تخضع لأنظمة عقوبات غربية قاسية بسبب عدوانها في أوكرانيا. ومع ذلك، بالنسبة للمراقب الجاد للجغرافيا السياسية، سيدرك المرء أن هذه الرواية خاطئة وبعيدة عن الحقيقة، وأن العلاقات الروسية الباكستانية تنسجم مع الخطط الأمريكية لباكستان وروسيا.

 

لم يكن لدى الولايات المتحدة أبداً مشكلة مع عملائها الذين يلعبون الكرة مع خصومها أو مع أولئك الذين وصفتهم بأنهم تهديدات لمصالحها الاستراتيجية. لكن تمّ القيام بذلك لتأمين مصالحها الاستراتيجية. الولايات المتحدة ليست سوبرمان، وبما أنها متوترة من الأزمات الداخلية والحاجة إلى نشر مواردها لخوض معارك أخرى، فلا مشكلة لها مع قيام روسيا بإقامة علاقات اقتصادية مع وكيلها الباكستاني، حيث يساعد ذلك في استقرار وكيلها ككابوس. السيناريو بالنسبة للولايات المتحدة هو انهيار باكستان، واستيلاء المسلمين المخلصين على السلطة وإقامة دولة الخلافة.

 

ومن هنا، فإن أمريكا تدعم عملاءها في إقامة علاقات مع خصومها، وفي هذه الحالة روسيا، من أجل أهدافها الاستراتيجية الخاصة، وفي هذه الحالة مساعدة الاقتصاد الباكستاني المتدهور وإخفاء خضوع إسلام أباد وسط الرأي العام المناهض لأمريكا في الشوارع الباكستانية.. يمكن رؤية قصة مماثلة تدور بين عملاء آخرين لأمريكا مثل السعودية ومصر، حيث تسعى كلتاهما للانضمام إلى منظمة بريكس، وهي منظمة تهيمن عليها الصين.

 

لم تكن خطة أمريكا لروسيا هي تدميرها أو ضمان انهيارها التام، لكنها عملت على تقييدها وضبطها عند الحاجة. استناداً إلى قراءات أهدافها الاستراتيجية للقوقاز وآسيا الوسطى، ليس لديها مشكلة مع وجود روسيا كقوة إقليمية لمنع ظهور فراغ أمني وإحباط الهيمنة الصينية على المناطق الاستراتيجية والجغرافية الاقتصادية الرئيسية. ومع ذلك، فهي مستعدة لمعاقبة روسيا عندما تخرج عن الخط كما فعلت في جورجيا وشبه جزيرة القرم، وفي ملفات أخرى مثل سوريا، ومن ثم كان أحد أهداف إغراء روسيا في أوكرانيا هو معاقبة روسيا لتجاوزها الخطوط الحمراء في سوريا. يفسر المذكور سبب عدم وجود مشكلة لأمريكا مع باكستان أو الهند في إقامة علاقات اقتصادية مع روسيا على الرغم من العقوبات الغربية على الأخيرة بسبب عدوانها على أوكرانيا. تسمح هذه العلاقات للدولة الروسية بالبقاء واقفة على قدميها والاستمرار في العمل كمرساة في المناطق الاستراتيجية الرئيسية.

 

في الختام، لا تعكس العلاقات الاقتصادية بين روسيا وباكستان تحولاً في سياسة إسلام أباد الخارجية ولا تدلّ على الاستقلال في صنع القرار، لكنها تتناسب مع الخطط الأمريكية لباكستان وروسيا. صحيح أن الاستقلال الاستراتيجي سيأتي عندما تنفصل المؤسسة العسكرية الباكستانية عن عباءة أمريكا وتعطي النصرة للمسلمين المخلصين الذين ينوون إعادة الخلافة ليس فقط من أجل تحرير باكستان ولكن من أجل جميع البلاد الإسلامية.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

محمد أبو داوود

آخر تعديل علىالإثنين, 29 أيار/مايو 2023

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع