- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الوقاية من الأمراض واجب
والتهاون في ذلك استهتار وتقصير في أداء الفرائض على وجهها
الخبر:
أطلقت منظمة الصحة العالمية أمس السبت شبكة مراقبة دولية للكشف السريع عن التهديدات المتعلقة بالأمراض المعدية الجديدة مثل (كوفيد-19)، وتبادل المعلومات للوقاية من الأوبئة، وقالت منظمة الصحة العالمية إن الشبكة الدولية لمراقبة مسببات الأمراض (آي بي إس إن (IPSN)) ستوفّر منصة تربط البلدان والمناطق لتحسين أنظمة جمع العينات واختبارها، ويُتوقع أن تسهّل الشبكة التعرفَ السريع على الأمراض المعدية وتتبّعها، بالإضافة إلى تقاسم المعلومات والتدابير الواجب اتخاذها من أجل منع الكوارث الصحية مثل جائحة (كوفيد-19)، وستعزّز البيانات التي يتم جمعها نظامَ مراقبة أوسع يهدف إلى تحديد الأمراض المعدية بهدف التدخل لمنع انتشارها، وتطوير العلاجات واللقاحات. (الجزيرة نت)
التعليق:
يُخيّل لقارئ الخبر أنّ منظمة الصحة العالمية مهتمة بالفعل بصحة الناس، وجادّة في سعيها لمكافحة الأمراض المعدية والأوبئة الفتاكة، بينما أثبتت جائحة كورونا للناس وللخبراء أن هذه المنظمة بنظمها الصحية وفروعها المنتشرة في مختلف دول العالم - منها الدول الكبرى - وبمؤسساتها وطواقمها الطبية، أثبتت أنها عاجزة وفاسدة ومخفقة، وأن سعيها منصب على تحقيق العائدات المادية واستغلال أوجاع الناس لمآرب أمنية وسياسية، وهي أبعد ما تكون عن رعاية مصالح الناس على الجانب الصحي.
على الرغم من تمكن المنظومة الصحية في مختلف دول العالم من الوصول إلى إمكانات الدولة الاقتصادية والإعلامية والثقافية، إلا أنها لم توظف هذه الإمكانات في أيسر الأمور وأهمها، وهو الوقاية من الأمراض والأوبئة ومنع انتشارها وظهورها ابتداءً، وذلك من خلال تثقيف الناس بأسس الوقاية من الأمراض ووضع القوانين والتشريعات التي تجبر على اتخاذ التدابير اللازمة. بل الأسوأ من ذلك، هو أن دول العالم استغلت جائحة كورونا ومفهوم الوقاية من الأمراض لفرض سياسات وتشريعات تحدّ من "حرية" الشعوب وحقها في محاسبة الحكومات الفاسدة، وتمكّن لشركات الأدوية والمستشفيات من استغلال مصائب الناس التي نجمت عن الجائحة في جني الأموال الطائلة.
لقد أوجب الإسلام على المسلم الاعتناءَ بصحته، وأوجب على الدولة رعاية الناس صحيّاً من خلال نشر الثقافة الصحية الصحيحة، وكما أن تقصير الدولة في هذا الجانب حرام وإثمه عظيم، فإنه يحرم على المسلم إهلاك جسده الذي ائتمنه عليه الله عز وجل، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ؛ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ»، وقال عليه الصلاة والسلام: «سَلُوا اللَّهَ الْيَقِينَ وَالْعَافِيَةَ، فَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ بَعْدَ الْيَقِينِ شَيْئاً خَيْراً مِنْ الْعَافِيَةِ، فَسَلُوهُمَا اللَّهَ تَعَالَى»، والاعتناء بالصحة هو غير التداوي المُختلف على حكمه بين الفقهاء من حيث الندب والإباحة والوجوب، فهو متعلق بأداء المسلم لواجباته والتزام ما فرضه الله عليه في هذه الحياة من الأخذ بالأسباب، ومنها الوقاية التي تحمي الجسم من الأمراض وتجنبه الضرر، قال رسول الله ﷺ: «لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ».
إن فساد المنظومة الصحية العالمية وفساد الطواقم الطبية العاملة فيها - إلا من رحم ربي - لا يعفي المسلم من مسؤولية الاعتناء بصحته والحرص على وقايتها من الأمراض، والاهتمام بها ليس تشبثاً بهذه الدنيا وحطامها، بل لأنّ هذا الجسد أمانة من الله، وبالاعتناء به يتقوّى المسلم على الطاعات والإتيان بها على أتم وجه، ومقولة "العمر واحد والقضاء مكتوب" تُحمّل ما لا تحتمل في هذا المقام، وهو استهتار ليس من سمة الشخصية الإسلامية والتفكير الجدي عند المسلم وواجب الأخذ بالأسباب، قال عليه الصلاة والسلام: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ».
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
بلال المهاجر – ولاية باكستان