مختصر السيرة النبوية العطرة

ح 80

الأرضة تمحو ما كتب في صحيفة مقاطعة بني هاشم

 

 

 

وكان هذا الحصار يمثل ضغطًا نفسيًا كبيرًا جدًا على رسول الله ﷺ، وفي الحصار كان الكفار ينظرون إلى النبي ﷺ على أنه السبب فيما هم فيه. لقد جعنا، وتعبنا، وماتت أطفالنا بسببك يا محمَّد؛ لذلك طلب النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه الهجرة الثانية إلى الحبشة - سنأتي على ذكرها بالتفصيل - ضغط نفسي كبير على رسول الله ﷺ، ثلاث سنوات كاملة لا يصل إليهم طعام، إلا ما يُهَرَّبُ إليهم من خلال بعض المتعاطفين معهم، وخصوصًا ممَّن تربطهم بهم صلة النسب من قريش، وبعض الرجال فيهم نخوة ورجولة.. كانوا لا يرضون بهذه المقاطعة، ولكن لا يستطيعون رفضها؛ لأنها بمثابةِ إجماعٍ على رأي واحدٍ في قريش.

 

فقام رجال ممن عندهم نخوة من قريش وهم: زهير، وهشام، والمطعم بن عدي، وأبو البختري، وزمعه، فذهبوا إلى زعماء قريش، وكان من بينهم أبو جهل، فقالوا لهم: إلى متى نأكل، ونشرب، وبنو هاشم يموتون جوعاً؟؟ والله لا نهدأ حتى تمزق هذه الصحيفة!!

 

وإذا بأبي طالب، وعمره قد تجاوز الثمانين يقبل عليهم، واندهشت سادة قريش.. أبا طالب؟؟ ما الذي جاء به؟؟ لقد اعتزل قريشًا منذ زمن!! فقد كان أبو طالب جالسًا يشكو إلى النبي ﷺ هذا الضيق، والحصار، فقال ﷺ: «لا عليك يا عم، إن صحيفتهم الظالمة قد أرسل الله عليها الأرضة».

 

والأرضة حشرة تأكل الخشب، والصحيفة من جلد، ولكنها آية من آيات الله، فَمَحَتْ كُلَّ مَا كُتِبَ فيها إلا ذكرَ اللهِ، وكان مكتوبًا على رأس الصحيفة: "باسمك اللهم". ... يتبع مع نقض صحيفة المقاطعة... صلوا وسلموا على هادي الأمم.

 

وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا، وَحَبِيبِنَا، وَعَظِيمِنَا، وَقَائِدِنَا، وَقُدْوَتِنَا، وَقُرَّةِ أَعْيُنِنَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير الأستاذ محمد النادي