مختصر السيرة النبوية العطرة

ح 97

استقبال قريش خبر الإسراء والمعراج (2)

يقول النبي ﷺ: «فكربت كربة لم أكرب مثلها من قبل لقد أُسري به في الليل، وعلى البراق، ثم عرج به إلى السماء». ودهش صلى الله عليه وسلم بالأنوار.. فهل فرغ أن يحفظ كم بابًا، وكم عامودًا للمسجد؛ ليصفه لأبي جهل؟

يقول ﷺ: فإذا بجبريل يقف أمامي، فيضرب الأرض بجناحه حتى استوت، ثم قرب لي بيت المقدس - وكان سيدنا جبريل يصور للنبي المسجد الأقصى، وكأنها صور من الكاميرا - حتى أن بيت المقدس أصبح أمامه. قال: فأخذت أنظر إليه، وأصفه بابًا بابًا، وساريةً ساريةً حتى عُمدَان المسجد وصفها لهم.

يقول الصحابة: كلما قال رسول الله ﷺ وصفـًا قالت قريش: "اللهم قد صدق، اللهم قد صدق"، فلما انتهى من الوصف قال أبو جهل: أما الوصف فنعم، ولكن أخبرنا يا محمَّد إن لنا قافلة قادمة من الشام هل مررت بها؟ أخبرنا عن قافلتنا ما شأنها؟ أين هي؟ متى تصل إلينا؟ فقال النبي ﷺ: نعم، لقد مررت بها، إن لكم قافلتان: أما القريبة عند التنعيم، والأخرى عند بئر الروحاء. أما قافلتكم عند التنعيم يتقدمها جمل لونه بين أبيض وأسود قالوا: متى تصل القافلة إلينا؟؟ فقال - وكان ذلك يوم الاثنين - قال: تصل إليكم يوم الأربعاء عند شروق الشمس، فقال: أبو جهل وسادة قريش: إذاً موعدنا شروق شمس يوم الأربعاء. فرجع النبي ﷺ إلى داره، وانفض الناس، وليس لهم حديث إلا الإسراء به إلى بيت المقدس، حتى إذا كان يوم الأربعاء الفجر، وقبل شروق الشمس أرسلوا إلى النبي ﷺ فجاءهم، فوقفوا ينظرون فقال أبو جهل: هذه الشمسُ قد أشرقت يا محمَّد، وإذا برجل آخر من قريش يصيح يقول: وهذه العيرُ قد أقبلت والله، فأقبلت العير مع شروق الشمس، كما قال النبي ﷺ تمامًا، وأسرع أبو جهل، ومعه سادة قريش إلى القافلة، فسألوا القافلة: هل كان بالأمس الأول عندكم من حدث؟ قالوا: أجل لمّا كان الثلث الأخير من الليل قبل الفجر مر بنا ريح شديدة فإذا هو محمَّد!!

صدق قول الرسول ﷺ ووصفه كله، فماذا قال أبو جهل؟ وقف أمام النبي ﷺ وقال: أشهد أنك لساحر. يتبع إن شاء الله...

وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا، وَحَبِيبِنَا، وَعَظِيمِنَا، وَقَائِدِنَا، وَقُدْوَتِنَا، وَقُرَّةِ أَعْيُنِنَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير الأستاذ محمد النادي