الخميس، 19 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/21م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
الهجرة لأوروبا وأزمة اللاجئين

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الهجرة لأوروبا وأزمة اللاجئين

(مترجم)

 

 

 

الخبر:

 

أفادت قناة الجزيرة في 16 تموز/يوليو بأن "تونس والاتحاد الأوروبي أنهوا اتفاقاً بشأن الهجرة. ووقعت بروكسل وتونس اتفاقاً حول شراكة استراتيجية تهدف إلى مكافحة المهربين وتعزيز العلاقات الاقتصادية".

 

التعليق:

 

عقدت المفوضية الأوروبية ورئيستها أورسولا فون دير لاين ورئيس وزراء هولندا مارك روته ورئيس وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني محادثات مع الرئيس التونسي قيس سعيّد. وفي كلمتها في قصر الرئاسة التونسية، قالت أورسولا: "ترتبط تونس والاتحاد الأوروبي بتاريخ وجغرافيا مشتركة، ونحن نتشارك في المصالح الاستراتيجية".

 

يتم توقيع هذا الاتفاق في وقت تشهد فيه أعداد المهاجرين من جنوب الصحراء الأفريقية وجنوب آسيا والشرق الأوسط زيادة كبيرة. ويرجع ذلك إلى عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي الذي تشهده هذه المناطق. وفي وقت تكون فيه السياسة الأوروبية مقسمة بشكل حاد حول هذه المسألة، وتواصل الجبهة اليمينية المتطرفة اكتساح الساحة السياسية الأوروبية، فإن توقيع هذا الاتفاق يظهر بوضوح الاتجاه الذي تتجه إليه أوروبا.

 

أشارت رئيسة المفوضية الأوروبية إلى التاريخ المشترك بين أفريقيا وأوروبا عندما قدمت حزمة مساعدات بقيمة 900 مليون يورو أمام رئيس تونس. إن التاريخ الذي أشارت إليه يحتاج إلى نظر أكثر دقة، ففيه تكمن جذور هذه المشكلة. مع أن الدول الغربية تكافح اليوم للتعامل مع أزمة الهجرة، إلا أنها تحتاج إلى النظر الأكثر عمقاً. لم يمضِ وقتٌ طويل منذ أن هبطوا على شواطئ شمال أفريقيا كمستعمرين. وكان لديهم هدف وحيد، وهو استعمار ونهب ثروات هذه المنطقة. لذا كان عليهم تمويل الثورة الصناعية التي تحدث في الغرب.

 

هذه القصة ليست جديدة، وليست محصورة في أفريقيا وحدها. فغالبية بلاد المسلمين تعاني من وباء الاستعمار على مدى القرون الثلاثة الماضية. وقد شهدوا استغلال بلادهم ومواردهم الطبيعية وثرواتهم الفكرية، وحتى مواردهم البشرية لبناء ما يسمى "الحضارة الغربية التقدمية والمتعددة الثقافات والإنسانية". ولم يتوقف هذا النهب حتى اليوم، بل تغيرت أشكاله ويظهر اليوم على هيئته الاستعمارية الجديدة. وبالتالي، لا يزال البرنامج الاقتصادي والسياسي الغربي يفرض على معظم دول العالم المستعمَرة من خلال حكام وأنظمة عميلة ونموذج اقتصادي رأسمالي فاسد ومؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. وبالتالي، لا يمكن فصل أزمة الهجرة عن البرنامج الاستعماري الجديد الذي ينتهجه الغرب بشكل ضار وعدائي.

 

تثير هذه الأزمة أيضاً انتباه مطالبات النمو السريع بالتقدم والتعدد الثقافي وحقوق الإنسان والشمولية التي يُطلقها الاتحاد الأوروبي والغرب بشكل متكرر. سواء أكانت حظر الحجاب والنقاب في فرنسا، أو حظر المسلمين لدى ترامب، أو حرق المصحف الشريف تحت غطاء حرية التعبير، أو التوترات العنصرية والعرقية في شوارع الغرب، فإن هذه الأمور جميعها تدل على وجود عنصرية وتعصب عميقة جذوره. ويُبنى ذلك على نواة يهودية - نصرانية لا تقتصر على النخبة العنصرية البيضاء. كما أُغرقت شمولية الحضارة الغربية الزائفة التي تعلن عن نفسها، في السواحل اليونانية الشهر الماضي، أغرقت مئات الرجال والنساء والأطفال، الذين كانوا ينتظرون بأنفاسهم الأخيرة قدوم إنسانية غير موجودة لإنقاذهم.

 

عندما نغوص بعمق في التاريخ المشترك بين أفريقيا وأوروبا، الذي أشارت إليه رئيسة المفوضية الأوروبية، نجد أن الفتح الإسلامي للأندلس والفترة التالية من الازدهار والشمولية تقف على تناقض واضح مع المأساة الاستعمارية. على مدى أكثر من 400 عام، ازدهر اقتصاد قائم على المعرفة في مدن إيبيريا مثل طليطلة وقرطبة وغرناطة. وعاش أتباع اليهودية والنصرانية والإسلام معاً في سلام ووئام. منذ بدايتها، كانت الحضارة الإسلامية التي تستند إلى القرآن وسنة النبي ﷺ حضارة حقاً عالمية. فقد استوعبت الإمبراطوريتين الفارسية والرومانية ضمن حضنها عندما امتدت. كما منحتهم هوية جديدة بوصفهم رعايا في الدولة الإسلامية. وتم استيعاب السكان المحليين في شبه القارة الهندية ووسط آسيا وأفريقيا كجسد واحد. ولم يكن هناك تعصب عنصري أو ثقافي أو عرقي. فقد كانت سمعة الخلافة العثمانية بحد ذاتها تجعل يهود إسبانيا والبرتغال يفضلون الهجرة إلى إسطنبول لإنقاذ أنفسهم من النصارى.

 

تمت تهيئة المكان لإحياء وانبعاث دولة إسلامية عالمية حقيقية، دولة الخلافة التي ستعيد إحياء الحضارة الإسلامية العالمية، التي تستند إلى الشمول الحقيقي والعدل والرحمة. كما ستفتح أبوابها أمام الناس من جميع الأديان والألوان والثقافات والخلفيات، دون تحيز أو ظلم في رعايتهم.

 

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

المهندس جنيد – ولاية باكستان

آخر تعديل علىالسبت, 29 تموز/يوليو 2023

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع