- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الذكاء الاصطناعي سلاحٌ ذو حدين يفتك بالدول الرأسمالية
الخبر:
أطلقت مجموعة من العلماء تحذيراً هو الأقوى والأخطر حتى الآن فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي ومخاطره، حيث حذّروا من أن هذه التكنولوجيا قد يتم استخدامها في صناعة وإنتاج الأسلحة البيولوجية، بما يهدد البشرية بأكملها، وقالت صحيفة واشنطن بوست "إن قادة الذكاء الاصطناعي الثلاثة، وأثناء شهادتهم في جلسة استماع بالكونغرس، حذّروا من أن التسارع الكبير في تطوير الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى أضرار جسيمة خلال السنوات القليلة المقبلة، تضاهي الإرهابيين الذين يستخدمون التكنولوجيا لصنع أسلحة بيولوجية"، ونقلت الصحيفة عن أستاذ الذكاء الاصطناعي في جامعة مونتريال والمعروف بأحد آباء علوم الذكاء الاصطناعي الحديثة يوشوا بنغيو قوله إن "الولايات المتحدة يجب أن تقود خطط التعاون الدولي لتقنين واستخدام الذكاء الاصطناعي وتنظيم استخدام التكنولوجيا النووية على مستوى العالم"، وحذّر الرئيس التنفيذي لشركة أنثروبيك الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي داريو أمودي من أن "الخوف من الذكاء الاصطناعي المتطور يكمن في إمكانية استخدامه لإنتاج فيروسات خطيرة وأسلحة بيولوجية أخرى في أقل من سنتين"، من جانبه، قال أستاذ علوم الكمبيوتر بجامعة كاليفورنيا في بيركلي ستيوارت راسل إن "الذكاء الاصطناعي من الصعب فهمه والتحكم في طريقة عمله بشكل كامل مقارنة بالتقنيات التكنولوجية الأخرى".
ووفقا للصحيفة، أظهرت جلسة الاستماع حجم المخاوف بشأن تجاوز الذكاء الاصطناعي للذكاء البشري والخروج عن نطاق السيطرة لإلحاق الضرر بالبشرية والذي قد أصبح واقعاً وليس خيالا علميا.
لكن في الأشهر الستة الماضية، بدأ عدد من الباحثين البارزين في مجال الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك بنغيو، بالتحرك لتحذير العالم من المخاوف المصاحبة له، وحثّ السياسيون على ضرورة الانتباه لهذه التهديدات باعتبارها أحد الأسباب التي تجعل الحكومات بحاجة إلى إصدار تشريعات.
يُذكر أن جلسة الاستماع تعقد بعد أيام من قيام شركات الذكاء الاصطناعي بما في ذلك "أوبن إيه أي" و"ألفابيت" التابعة لغوغل و"ميتا" بالتزامات طوعية للبيت الأبيض، الأسبوع الماضي، لتنفيذ تدابير مثل وضع علامة مائية على المحتوى الذي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي للمساعدة في جعل التكنولوجيا أكثر أماناً. (القدس العربي)
التعليق:
إن خطورة الذكاء الاصطناعي في تصنيع أسلحة بيولوجية هو جانب يسير جداً من مخاطره في ظل الرأسمالية، وما أدلاه الخبراء عن خطره هو بالفعل صحيح، لكنهم تجاهلوا حقيقة أن خطورته تكمن في غياب القيم الإسلامية النبيلة العادلة عن سدّة الحكم ورعاية الشؤون، فالرأسماليون الذين لا همّ لهم سوى السيطرة والهيمنة والاستعمار ونهب الشعوب والتنكيل بها، لا يُتصوّر توظيفهم للذكاء الاصطناعي لصالح البشرية ورفاهيتها، كما لم يفعلوا منذ الثورة الصناعية إلى يومنا هذا، ولم يستغلّوا ما توصّلت إليه العقول البشرية من تطور لمنفعتها، لذلك فإن مردّ تحذيرات الخبراء هو الواقع الذي نعيشه في ظل المبدأ الرأسمالي وحقيقة المتحكمين فيه.
إن الدول الرأسمالية التي تتبنّى المصلحة والمنافع المادية كمقياس لها، تُخضِع كل ما تطاله يديها إلى هذا المقياس، ليشمل كل ما توصّلت إليه البشرية من اكتشافات واختراعات، والمتحكمون هم حفنة ضئيلة جداً من الناس لا تتجاوز نسبتهم الواحد بالمائة، أكثرهم من الدول الغربية الجشعة، إن تمكنوا من أي تطور تكنولوجي وظّفوه لجني الثروات بالاحتكار أو الغبن الفاحش، حارمين أغلبية الناس من منفعة العقول البشرية، والمفارقة أنه غالباً ما تكون أصل هذه العقول من الشعوب الفقيرة المحرومة أيضاً. مثلاً التطور الذي توصلّت إليه البشرية في عالم الطب مذهلٌ جداً، مع ذلك فإن الحصول على الرعاية الصحية الممتازة في العالم صعبٌ للغاية، لا يستطيعه سوى حفنة من الأثرياء، وكذلك الأمر بالنسبة للذكاء الاصطناعي، فإن الغرب المستعمر سيوظّفه لمصلحة الحفنة ذاتها من الرأسماليين، ويحرم باقي البشرية من الانتفاع به، فمثلاً يتوقع أن يستبدل الذكاء الاصطناعي ما يصل إلى 80 بالمائة من الأيدي العاملة في السنوات القليلة القادمة، يعني تعطل معظم الناس عن العمل، حتى العاملين لدى شركات الرأسماليين لن يتمكنوا من الاستمرار في وظائفهم الحالية والتي هي وظائف أشبه بالعبودية.
نعم، إن مستقبل البشرية قاتم وسوداوي إن لم تتدارك أمرها، فهي إن أبقت على هذا النظام الرأسمالي الجشع فلن تزداد إلا بؤساً وشقاءً، لذلك وجب عليها، وفي مقدمتها الأمة الإسلامية، العمل لتحكيم النظام الإلهي الذي ينصف الناس ويحقق العدل بينهم، وينقذهم من جشع الرأسمالية ومغبة القضاء عليها من المتحكمين فيها، فقد جاء مثل هذا على لسان نائبة الرئيس الأمريكي، كامالا هاريس، في تصريحاتها أثناء مؤتمرٍ حول الأزمة المناخية الذي عُقد يوم الجمعة الماضي: "عندما نستثمر في الطاقة النظيفة والسيارات الكهربائية ونخفض عدد السكان، يمكن لعدد أكبر من أطفالنا تنفس الهواء النقي وشرب الماء النظيف"، بينما الدولة الإسلامية القائمة قريباً بإذن الله، ومن خلال تطبيقها لأحكام الإسلام العظيمة، فإنها ستوظف ثروات الكوكب الأخضر المكتشفة منها فقط - والتي تكفي ليعيش أكثر من 150 مليار إنسان برفاهية أهل اليابان - لصالح جميع الناس دون احتكار أو غبن، فهما محرمان شرعاً، كما ستقوم بالإشراف على الآلة الإنتاجية وتطور الإنتاج لينتفع الناس سواسية منها وبأقل جهد ممكن، فهي دولة رعاية وليست دولة جباية، وهي دولة تخدم صالح الناس لا صالح حفنة منهم.
إن تدارك خطر الذكاء الاصطناعي لا يمكن إلا بالعمل لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وكذلك الانتفاع من التطور التكنولوجي - ومنه الذكاء الاصطناعي - لا يتحقق بصورته المثلى إلا في ظل دولة الخلافة الراشدة، فهل بقي عذرٌ لمسلم أو غير مسلم لكي يظل متفرجاً على هلاك البشرية؟! ألا يجب على أصحاب العقول والمهتدين بالإسلام الأخذ بأيدي أمتهم والبشرية جمعاء إلى بر النجاة؟! ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ * إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغاً لِقَوْمٍ عَابِدِينَ * وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
بلال المهاجر – ولاية باكستان