- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
في زمن حيتان المبدأ الرأسمالي الغادر تحولت البحار إلى مقابر!
الخبر:
- استمرار عمليات البحث عن جثث الضحايا في البحر بمدينة درنة في ليبيا.
- واستمرار إبحار قوارب الموت من تونس ولبنان وغيرهما رغم مشاهد غرق أغلبية القوارب وفقد العديد من المسافرين غرقا أو تيها في البحر.
التعليق:
عشرة أيام مرت على مدينة درنة الليبية ذات الـ100 ألف نسمة والتي تعرضت للعاصفة "دانيال" وخلفت دمارا هائلا حيث اختفى ربع المدينة، خاصة بسبب انهيار السدين الموجودين على وادي درنة، اللذين يحتفظان بمياه الوادي الذي يعبر المدينة، فجرفت السيول القوية أحياء بأكملها بسكانها على جانبي الوادي، قبل أن تتدفق إلى البحر الأبيض المتوسط وأودت بحياة عشرات الآلاف معظمهم سحبتهم السيول إلى البحر، وتواجه فرق الإنقاذ والبحث صعوبات في العثور على جثثهم.
جثث عالقة بين الصخور وأخرى ابتلعها البحر، بعضهم غرقوا في سياراتهم التي تحطمت وهم فيها ولم تستطع فرق الإنقاذ إخراجهم منها، وتستمر عمليات البحث عن جثث الضحايا التي جرفها السيل إلى البحر والساحل في ظل ضعف الإمكانات لدى فرق البحث؛ ما يؤخر العثور على المزيد من تلك الجثث وانتشالها، فبقاء الجثث هكذا دون انتشالها ودفنها ينذر بكوارث بيئية وصحية.
إن السدين اللذَيْن انهارا في درنة لم تقم الدولة بصيانتهما ما أدى إلى انهيارهما عند أول فيضان، فقد شهد شاهد من أهلها وهو النائب العام الليبي الصديق الصور أن السدين اللذين أديا لوقوع الكارثة يعانيان من تشققات منذ عام 1998، وقد بدأت الأعمال فيهما عام 2010 من شركة تركية بعد سنوات من التأخير، ولكنها توقفت بعد بضعة أشهر في أعقاب الثورة الليبية عام 2011، ولم تستأنف منذ ذلك الحين!
ويقول الخبراء إن البنية التحتية المتداعية والإنشاءات المخالفة لقواعد التخطيط الحضري - على مدى العقد الماضي، وعدم الاستعداد لهذا النوع من الكوارث - زاد من بلاء الناس وتدمير بيوتهم وتشريد عشرات الآلاف في الشوارع، ويتوقع المزيد من القتلى والمفقودين قد يصل إلى ما بين 18 - 20 ألفاً، ونزح بسببها حوالي 30 ألفاً.
ومن الكوارث البحرية أيضا، هجرة الشباب فرادى أو مصحوبين بعائلاتهم هربا من حياة البؤس لعلهم يجدون ملاذاً في بلاد أخرى يستطيعون من خلالها تحسين معيشتهم، فالأزمات الاقتصادية والسياسية الحادة، وندرة الوصول إلى الخدمات الأساسية، وعدم الحصول على العمل الذي يحقق لهم الحياة الكريمة الآمنة، هي أهم الدوافع إلى الهجرة غير الآمنة ولا يدرون أنهم يقعون فريسة للعصابات المالية التي تبحر بهم في قوارب هشة خربة لا تتحمل الأمواج وتقلباتها فتنقلب بهم ويتحول البحر إلى مقابر لهم إن لم يكونوا طعاما للأحياء البحرية، وإن وصلوا إلى المكان المقصود فيعاملون أسوأ معاملة ويُطردون!
إن قوارب الموت في تونس لا تزال تقل مهاجرين غير نظاميين سرا، بل يتضاعف عددهم من سنة إلى أخرى بمختلف أجناسهم وجنسياتهم، رغم حوادث الغرق التي خلفت ضحايا كثيرين ممن انتهت رحلتهم في عرض البحر. وتمثل محافظة صفاقس جنوب تونس المنصة الأهم لانطلاق قوارب الهجرة غير النظامية نحو أقرب نقطة من السواحل الإيطالية في جزيرة صقلية. لكن إيطاليا باتت في الفترة الأخيرة ترحّلهم إلى تونس، ضمن السقف العددي الوارد في الاتفاقية المبرمة بينهما.
ولا تقتصر الهجرة على تونس وإنما لبنان أيضا منطلق آخر لقوارب الموت نحو أوروبا لأنهم عالقون بين جحيم لبنان وفقدان حقهم بالعودة إلى فلسطين، فيبيعون ممتلكاتهم ويستدينون لتوفير المبلغ من أجل السفر، وإن استطاعوا الإبحار دون عراقيل المنع من السفر، فهناك احتمالية أن تتيه بالمتوسط، فينتظر ركابها الإنقاذ أو يموتون غرقا، أو يدخلون أوروبا بصفة لاجئين.
لن ينقذ الأمة بل البشرية جمعاء سوى دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، حيث لا توجد فيها مناطق تحظى بالاهتمام أكثر من غيرها، فكل البلاد سوف تكون موضع اهتمام ورعاية كاملة، ولن يكون فيها تلاعب وحيتان للمال، وبالتالي لن تكون البحارُ فيها مقابر.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
راضية عبد الله