- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾
(مترجم)
الخبر:
صدر تحذير صريح من البنك الدولي قبل الدورة الانتخابية الجديدة في باكستان، مشيراً إلى أن باكستان تمرّ بأزمة حاسمة حيث يعيش 40 في المائة من السكان تحت خطّ الفقر. يظهر بوضوح أن المقرضين الدوليين وشركاء التنمية لا يمكنهم تقديم المشورة إلاّ من خلال التجارب الدولية للنجاحات وبعض التمويل، لكن الخيارات الصعبة وقرارات تصحيح المسار لا يمكن اتخاذها إلاّ داخل الدولة. (الفجر)
التعليق:
إنّ الفقر في باكستان ليس بسبب غياب القدرة لدى شعبها أو موارد أراضيها، بل بسبب العواقب التي نصحت بها القيادة ونفّذتها بوحشية باسم "قرارات تصحيح المسار". وهذا ما يتحمله شعب باكستان ويثبت عجز وجشع حكامه وأسيادهم الذين يعتمدون عليهم. ويعاني الناس بالفعل من ارتفاع يومي في الأسعار بينما تنشغل الحكومة في اتخاذ الإجراءات التي يمليها صندوق النقد الدولي لتلقي شريحة متفق عليها مسبقاً بقيمة 1.1 مليار دولار من قرض عام 2019. ويظلّ صندوق النقد الدولي، منذ إنشائه بعد الحرب العالمية الثانية باسم استقرار الاقتصاد العالمي، هو السبب الرئيسي لزعزعة استقراره. إن باكستان، إلى جانب العديد من البلدان المتضرّرة الأخرى، غنية بالموارد والمهارات، وهو ما يمثّل بوضوح تهديداً لهؤلاء المكتنزين الدّوليين.
أدّى الاستقطاب السياسي في باكستان إلى استقطاب مجتمعي، وبرامج مثل صندوق النقد الدولي تؤثر على الجماهير نظراً لوجود زيادة في الضّرائب واستمرار ارتفاع أسعار السلع الأساسية. يتم اختيار حكامنا وتنصيبهم علينا بالوصف الوظيفي لخدمة المصلحة الغربية أولاً، وإبقاء الناس هادئين، ومن ثم يكونون أحراراً لخدمة أنفسهم أيضاً. هذه النّخب الحاكمة مذنبة بالتهور وقصر النظر. ازدهرت النخب الباكستانية في الغالب خلال فترة الحكم البريطاني من خلال نهب وسلب الموارد العامة، والتعيينات في الإدارة الاستعمارية، ولم تستغرق الكثير من الوقت لترسيخ نفسها باعتبارها المتحكّم الوحيد لتوزيع الثروة الوطنية بشكل مبدئي لأنهم اختاروا أن يعيشوا اللحظة ويستمتعوا بها. ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾.
قال شامشاد أحمد، وزير خارجية باكستان السابق وممثله لدى الأمم المتحدة، في مقابلة أجريت معه: "أتمنى أن يعرف الحكام أساسيات الاقتصاد: القرض ليس رأس مال، بل التزام. والقرض الذي يقدمه صندوق النقد الدولي لدول مثل باكستان يهدف إلى إيقاعنا في ديون لا نهاية لها بناء على طلب الولايات المتحدة".
هؤلاء الحكام ليسوا حمقى، وهم يعرفون جيداً كيف يحمون ويديرون شؤونهم المالية. إنهم لا يعرضون ممتلكاتهم الدنيوية للخطر أبداً، حتى مع علمهم أن جميع أسلافهم الخائنين قد تركوا كل شيء وراءهم. ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ * الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ * كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِى ٱلْحُطَمَةِ﴾.
إن العالم كله في حاجة ماسة إلى الخلافة، لأنها النظام الوحيد الذي بعثه الله سبحانه وتعالى الذي يعلم احتياجات الإنسان وأوجه قصوره. إن نظامنا الاقتصادي الحالي يضر بنا على مستويات عدة، بدءاً من استغلال أحكام الله سبحانه وتعالى والعبث بالأجيال القادمة وحياتنا. إن الأمة الإسلامية لا تحتاج إلى أي نصيحة من أعداء الله، وتعلم أن الاقتصاد القائم على الربا مُحرّم، وقد جلب لنا اتباعه الذل الخزي في الدنيا، بينما عرّضنا حياتنا الآخرة للخطر أيضاً. إن رفض الرّبا على المستوى الفردي، وهو ما يفعله أغلب المسلمين، لا يمكن أن يحلّ هذا المرض الطائفي. إن الأمة تحتاج إلى إقامة دولة الخلافة التي تلغي الرّبا، وتحاسب الحكام الفاسدين الذين جلبوا هذا البؤس والإهانة لأمة النبي الكريم ﷺ. ﴿يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ﴾.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
إخلاق جيهان