الجمعة، 20 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
أطفال يقتلون الأطفال: إدانة دامغة للثقافة الليبرالية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أطفال يقتلون الأطفال: إدانة دامغة للثقافة الليبرالية

(مترجم)

 

 

 

الخبر:

 

يوم آخر، جريمة قتل أخرى لشاب على يد شاب يافع في شوارع لندن. في 27 أيلول/سبتمبر، طُعنت إليان أندام، البالغة من العمر 15 عاماً، حتى الموت في محطة للحافلات في وضح النهار خارج مركز تسوق مزدحم في كرويدون، لندن، بينما كانت في طريقها إلى المدرسة. واتهم صبي يبلغ من العمر 17 عاما، يعتقد أنه معروف لها، بقتلها. هذه مجرد واحدة من سيل جرائم قتل الشباب التي يرتكبها الشباب والتي ابتليت بها بريطانيا. وبعد يومين فقط، تعرّض صبي يبلغ من العمر 16 عاماً للطعن حتى الموت في لوتون. وتمّ القبض على ثلاثة شباب يافعين بتهمة قتله. وأعقب ذلك حادث طعن مميت لشاب يبلغ من العمر 17 عاماً في برايتون في الخامس من تشرين الأول/أكتوبر. وتمّ القبض على فتى يبلغ من العمر 16 عاماً للاشتباه في ارتكابه جريمة قتل. يبدو أنه لا يمرّ أسبوع دون أن تظهر صورة شاب مقتول على صفحات الصحف في المملكة المتحدة. وفي حزيران/يونيو من هذا العام، تمّ العثور على صبي يبلغ من العمر 17 عاماً، يُدعى فيكتور لي، مطعوناً في قناة في غرب لندن. ومثُل ثلاثة صبية تتراوح أعمارهم بين 14 و15 و17 عاماً أمام المحكمة بتهمة قتله. كما تعرّض خالد صالح، وهو صبي يبلغ من العمر 17 عاماً، للطعن والقتل في وسط لندن في حزيران/يونيو، على يد صبي يبلغ من العمر 16 عاماً كما زُعم. وفي نيسان/أبريل من هذا العام، تعرض رينيل تشارلز، البالغ من العمر 16 عاماً، للطعن حتى الموت في صدره بالقرب من مدرسته، واتهم شاب يبلغ من العمر 16 عاماً بقتله. وفي العام الماضي، حُكم على صبي يبلغ من العمر 15 عاماً بالسجن لمدة 13 عاماً بتهمة قتل آفا وايت البالغة من العمر 12 عاماً في وسط مدينة ليفربول في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، وكان عمره 14 عاماً فقط في ذلك الوقت.

 

التعليق:

 

هناك جائحة من جرائم القتل بين الشباب تعاني منها بريطانيا. ففي الفترة من 2016 إلى 2018، كانت هناك زيادة بنسبة 77% في جرائم القتل المرتكبة بالسكاكين بين الأشخاص الذين تقلّ أعمارهم عن 18 عاماً، ومن 2012 إلى 2019، حدثت زيادة بنسبة 93% في عدد الأشخاص الذين تقلّ أعمارهم عن 16 عاماً الذين تمّ إدخالهم إلى المستشفى بسبب هجمات السكاكين. الحكومة والشرطة والسلطات لا تعرف كيف تضع حدّا لهذه القائمة التي لا تنتهي من المآسي. وقد دعا البعض إلى تحسين الشرطة ومنح صلاحيات أكبر للتوقيف والتفتيش للتعرّف على من يحملون السكاكين. واقترح آخرون فرض عقوبات أشدّ على من تثبت إدانتهم بحمل السكاكين أو الجرائم المتعلقة بالسكاكين، بالإضافة إلى زيادة الاستثمار في نوادي الشباب والمدارس والمشاريع المجتمعية لمحاولة منع الشباب من الانجرار إلى الجريمة. ومع ذلك، فإن كل هذا يفشل في تحديد ومعالجة الأسباب الجذرية وراء انخراط الأطفال في هذا القتل العرضي غير المبرر، أو في الإجابة على السؤال: ما الذي دفع الكثيرين في مثل هذه السّن المبكرة إلى وضع مثل هذه القيمة الضئيلة على قدسية الحياة؟ حياة الإنسان التي هم على استعداد لتوليها على أتفه الأمور، دون تفكير ثانية واحدة وأي اعتبار للعواقب على عائلة الضحية وأصدقائه، أو حتى حياتهم الخاصة؟

 

إن السبب الجذري لهذه المشكلة الرهيبة هو مجموعة من القضايا:

 

أولاً: عندما لا يتمّ بناء الطفل على فهم المسؤولية عن أفعاله أمام الخالق، أو دليل واضح للصّواب والخطأ، أو العواقب في الآخرة على أفعاله؛ فإن أفعاله ستكون مدفوعة بالمنفعة الذاتية والأهواء، حتى لو كان ذلك يعني قتل الحياة. علاوةً على ذلك، فإنهم إذا لم يؤمنوا بأن لكل حياة قدسية لأنها خلق الله، فإن ذلك يؤثر على القيمة التي يعطونها لحياة الإنسان. لقد همشت طريقة الحياة العلمانية الليبرالية الدين داخل المجتمعات وعزّزت فكرة الإيمان بالله باعتباره شيئاً متخلفاً وغير عقلاني، ما أدى إلى نبذ العديد من الشباب للدين والإيمان بالخالق.

 

ثانياً: لقد غذت الليبرالية عقلية أنانية وفردية بين العديد من "أنا ونفسي وأنا"، ما أدى إلى تركيز العديد من الشباب فقط على مصالحهم ورغباتهم وشهواتهم، متجاهلين تأثير أفعالهم على الآخرين.

 

ثالثا: نشأ العديد من الأطفال المتورطين في جرائم استخدام السكاكين في بيئات سامة من العنف والإساءة؛ سواء في أحيائهم أو في منازلهم. والبعض هم أنفسهم ضحايا للإساءة. وسيؤدي ذلك حتماً إلى إضعاف حساسيتهم للعنف، أو دفعهم إلى ارتكاب أعمال عنف بأنفسهم. هناك وباء من العنف المنزلي والجريمة داخل المجتمعات الليبرالية، ناجم عن تصرفات الأفراد بناء على أهوائهم ورغباتهم، دون أي اعتبار لعواقب أفعالهم على الآخرين.

 

رابعا: سمحت القيمة الليبرالية لحرية التعبير بتمجيد وتقديس العنف في الأفلام ووسائل التواصل الإلكتروني والموسيقى - سواء أكانت تدريبات أو غير ذلك - والتي ألقى الكثيرون باللوم عليها في المساهمة في عنف الشباب.

 

خامسا: أدت الحريات الجنسية إلى تسونامي من الأسر المفككة حيث ينشأ العديد من الأطفال دون أب في المنزل وبيئة من عدم الاستقرار وغياب الحماية والدّعم. علاوةً على ذلك، يوجد في العديد من العائلات نقص في وقت الوالدين الذي يقضونه مع الأطفال بسبب كفاح الأمهات العازبات من أجل إعالة أسرهن بمفردهن أو عمل كلا الوالدين لساعات طويلة. ونتيجة لذلك، هناك غياب لبيئة الرعاية وغالباً ما تكون العلاقات بين الوالدين والطفل متوترة أو غير موجودة. ونتيجة كل هذا هي أن العديد من الأطفال يشعرون بالإهمال أو التخلي عنهم وينضمون إلى العصابات بسبب الشعور بالانتماء أو الأخوّة أو شكل من أشكال الارتباط الأسري، بحثاً عن الاحترام والحماية والدعم والمكانة. وغالباً ما تكون جرائم قتل الشباب مرتبطة بالعصابات. علاوةً على ذلك، فإن غياب البيئة المنزلية الحاضنة والمحبة يؤدي في كثير من الأحيان إلى شعور بعض الشباب بأن حياتهم ليس لها قيمة أو هدف، وبالتالي فإن قضاء الوقت في السّجن لا يشكل رادعاً كبيراً للقتل.

 

وأخيراً: في المجتمعات الليبرالية الرأسمالية، أدّى الحرمان الاجتماعي والتفاوتات الهائلة في توزيع الثروة وضعف الوصول إلى التعليم الجيد، أدت إلى فقدان العديد من الشباب الأمل في أي مستقبل جيد أو مستوى معيشي جيد يمكن تحقيقه دون الانخراط في الإجرام، بينما يشعر آخرون أنّ المجتمع غير عادل، وبالتالي ينخرط في أعمال إجرامية بما في ذلك القتل للاستمتاع بنمط حياة غني، أو لمجرد المضي قدماً في الحياة. وهذا هو الحال بشكل خاص داخل المجتمعات التي تهيمن عليها المادية، ويتمّ تحديد المكانة من خلال الثروة والممتلكات. قال أحد الخبراء الأكاديميين في مجال جرائم الشباب: "إذا شعر الناس أن المجتمع غير عادل، فإنهم أقلّ ميلاً إلى اللّعب وفقاً للقواعد وأكثر عرضة للهجوم العنيف".

 

في نهاية المطاف، إن الليبرالية - عقيدتها ونظامها - هي المسؤولة عن خلق هذا الوباء من جرائم القتل بين الشباب، ويجب أن تكون في قفص الاتهام إلى جانب مرتكبي هذه الجريمة. عن أبي هريرة أن الرسول ﷺ قال: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يَدْرِي الْقَاتِلُ فِي أَىِّ شَىْءٍ قَتَلَ وَلاَ يَدْرِي الْمَقْتُولُ عَلَى أَىِّ شَىْءٍ قُتِلَ»، ويبدو كأننا نعيش في مثل هذا الزمن، في مجتمعات أصبحت فيها رغبات الإنسان هي معيار الصّواب والخطأ وليس قواعد وقوانين الذي خلق الإنسان.

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. نسرين نوّاز

مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

آخر تعديل علىالأربعاء, 11 تشرين الأول/أكتوبر 2023

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع