- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
حملة التخويف ضد الروهينجا تدمر التضامن الإسلامي
(مترجم)
الخبر:
حدثت موجة من رفض اللاجئين المسلمين الروهينجا في مناطق عدة في أتشيه. لقد جاء هذا الرفض نتيجة لتدفق اللاجئين الروهينجا إلى المقاطعة ابتداءً من منتصف تشرين الثاني/نوفمبر بسبب تفاقم الوضع الأمني في مخيم كوكس بازار للاجئين في بنغلادش. وقد أثار هذا الرفض جدلاً عاماً على وسائل التواصل الإلكتروني. فالمجتمع منقسم إلى قسمين؛ بين من يؤيد رفض وصول اللاجئين من ميانمار، وبين من يدعم استقبالهم.
موقف أهالي أتشيه ليس بدون أساس؛ حيث اشتكى مؤخراً سكان أتشيه من سلوك اللاجئين الروهينجا في المنطقة. وقد تم التبليغ عن رؤية العديد من الروهينجا يقومون برمي المساعدات الغذائية في البحر، وكذلك هروب بعضهم من مخيمات اللاجئين، أو عدم الامتثال للحكمة المحلية الموجودة.
ومع ذلك، بغض النظر عن الأحداث التي وقعت في الميدان، هناك تأثيرات سلبية وانتشار للمعلومات الخاطئة والشائعات وحتى خطابات الكراهية على عدة منصات تواصل فيما يتعلق بلاجئي الروهينجا في إندونيسيا، وتمتلك تأثيراً كبيراً. وفقاً لتقرير حصلت عليه سي إن إن إندونيسيا من مصدر في الأمم المتحدة، فإن رواية الكراهية بشأن اللاجئين الروهينجا بدأت في 21 تشرين الثاني/نوفمبر. وقد أظهر تحليل شبكة التواصل "درون إمبريت" أن المعلومات الخاطئة ورواية الكراهية ضد الروهينجا على وسائل التواصل تم نشرها عمداً عبر حسابات مشجعين أو منتديات غالباً ما تكون مجهولة الهوية وغير واضحة المرسل. ووفقاً لمؤسس "درون إمبريت"، إسماعيل فهمي، هذه الطريقة لها تأثير كبير في زيادة حجم الحوارات، ما يجعلها تجذب بسهولة الاهتمام الوطني.
التعليق:
الصراع الأفقي مثل هذا لم يحدث من قبل. في السنوات السابقة، كانت الأخبار التي نسمعها غالباً هي أن أهالي أتشيه، خاصة الصيادين، كانوا معروفين بصدقهم واستعدادهم لمساعدة الروهينجا المسلمين، حتى وإن كانت لديهم مرافق متواضعة. لذا يجب أن نعترف بأن الوضع هذا العام غريب إلى حد ما والمشاعر السلبية التي تظهر تبدو غريبة. وعلاوة على ذلك، حدث هذا في وسط تيار قوي من الرأي الداعم لفلسطين.
هناك تأكيد بأن هناك أطرافا تقوم بنشر المعلومات الخاطئة عن طريق حسابات مزيفة تنتمي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والعديد من الحسابات التي تفتقر لوضوح هويتها تنشر سرديات الكراهية ضد الروهينجا؛ ما يعزز الشكوك في وجود محاولة متعمدة لإضعاف تضامن المسلمين وتشتيت انتباه الأمة المتوحدة تجاه القضية الفلسطينية. من يستفيد من هذا الفوضى بين أهالي أتشيه والروهينجا؟ بالطبع، أولئك الذين لا يحبون تماسك ووحدة المسلمين، بما في ذلك أولئك الذين يكرهون دعم المسلمين الإندونيسيين لفلسطين.
فيما يتعلق بأزمة الروهينجا، يجب ألا يتحملها فقط شعب أتشيه، بل يجب أن يكون هناك دور للبلاد الإسلامية في منحهم حق اللجوء الكامل، أي حقوق الجنسية، وليس مجرد مساعدة مستهجنة من خلال وضعهم في مخيمات للاجئين من دون حقوق للتعليم والصحة والأمان. هذا هو جذر مشكلة الروهينجا، حيث لم تكن أي من البلاد الإسلامية؛ بنغلادش، وماليزيا، ولا إندونيسيا، على استعداد لمنحهم وضعية مواطنة واضحة، لمدة تقارب عقدين من الزمان. لذلك الآن نحن نتعامل مع جيل ثانٍ من الروهينجا الذين وُلِدوا في مخيمات للاجئين غير صالحة للسكن، بلا تعليم، ومعلمين، وبدون مستقبل لائق. إذاً، ما الذي يمكننا توقعه من أخلاقهم، ومستوى القراءة والسلوك؟
الفوضى الأخيرة المتعلقة بالروهينجا هذه المرة ترتبط بشكل كبير بالوضع الهش في كوكس بازار في بنغلادش، وهو أحد الأسباب المتصلة التي تجب معالجتها. وهذا يجب أن يكون واحداً من النقاط التي يجب النظر فيها، بدلاً من قبول الرواية الوحشية التي تزيد من الصراع الأفقي بين أهالي أتشيه الصادقين والروهينجا المسلمين.
في ضوء أوضاع كوكس بازار، يستغل المهرِّبون أيضاً هذا الوضع عبر تقديم خدمات سفر إلى إندونيسيا أو ماليزيا. صرَّح مدير مشروع أراكان، كريس ليوا، بأن العديد من اللاجئين يشعرون باليأس إزاء الوضع الأمني في هذه المخيمات الموجودة في منطقة الحدود بين بنغلادش وميانمار، والذي يزداد سوءاً. وقد جعل تزايد اتجاهات الجريمة في شكل عصابات تهريب البشر والمخدرات والصراعات بين العصابات، جعل حوالي 1.2 مليون شخص من الروهينجا الذين يعيشون في 34 مخيماً في كوكس بازار في وضعٍ يجعلهم عُرضة للتهديدات الأمنية الفردية والجماعية بشكل كبير. كما استغل المهرِّبون هذا الوضع لتقديم خدمات العبور إلى إندونيسيا أو ماليزيا، حيث قيل إن اللاجئين دفعوا مبلغ 1100 دولار (حوالي 17.1 مليون روبية إندونيسية) للشخص الواحد مقابل هذه الرحلة.
الحالة الضعيفة لهذه المخيمات اللاجئين هي بطاقة يمكن استخدامها من جانب بعض القوى السياسية لمصلحتهم الجيوسياسية من خلال تنفيذ حملات تخويف ضد الروهينجا المسلمين. خلصت دراسة أجرتها جامعة هارفارد بعنوان "الاستراتيجيات الجيوسياسية لمخيمات اللاجئين"، إلى أن "الدول النامية التي تستضيف اللاجئين إلى جانب الدول المتقدمة، إما تركز اللاجئين في مخيمات سيئة الأوضاع بالقرب من الحدود أو تنتشر بهم في أماكن متعددة في بلد الأصل، اعتماداً على اختلافات في مصالحهم الجيوسياسية. في معظم الحالات، استخدموا الظروف المعيشية الفقيرة المعروفة في هذه المخيمات المزدحمة البائسة لتحريض الحروب الأهلية (أو الصراعات الأفقية) في المنطقة لصالحهم.
نتيجة لذلك، من المهم أن يفهم المسلمون أولا جذور مشكلة الروهينجا والمآسي المختلفة التي حلت بالمسلمين في أنحاء أخرى من العالم.
علاوة على ذلك، يجب على المسلمين أن يكونوا أكثر حذراً في استهلاك الأخبار ونشرها، لأن الله تعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. فيكا قمارة
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير