- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
تركيا تقتحم الفناء الخلفي للجزائر، لمصلحة من؟!
الخبر:
زودت تركيا القوات العسكرية المالية بنحو 20 طائرة مسيّرة من نوع بيرقدار، موجهة لما أسمته قيادة السلطة العسكرية الحاكمة في البلاد، للحرب على الإرهاب وملاحقة الجماعات المسلحة، وهو ما يشير إلى الفصائل الأزوادية المسلحة في شمال البلاد، بما فيها تنظيم نصرة الإسلام والمسلمين، الأمر الذي يعتبر تجاوزا تركيّا للدور الجزائري في جارتها الجنوبية، وإجهاضا نهائيا لاتفاق السلم والمصالحة المالية الذي ترعاه منذ العام 2015، وتعزيزا لموقف المجلس العسكري الحاكم الذي رحب بالأتراك والروس والصينيين وتجاهل الجزائر تماما.
واستلم رئيس المجلس العسكري الحاكم في مالي والقائد الأعلى للقوات المسلحة العقيد عاصمي غويتا نحو عشرين طائرة مسيّرة، من بينها طائرات مسيرة من طراز "بيرقدار تي بي 2" تركية الصنع، في الجناح الرئاسي بمطار الرئيس موديبو كيتا الدولي. وترأس غويتا حفل التسليم الرسمي للطائرات العسكرية بحضور رئيس مجلس الوزراء ورئيس المجلس الوطني الانتقالي ووزير الدفاع والمحاربين القدامى وأعضاء الحكومة وسفير تركيا في باماكو إيفي جيلان. (العرب، 2024/01/07).
التعليق:
إن مالي هو بلد إسلامي، غالبية سكانه من المسلمين حيث تبلغ نسبتهم أكثر من 90%، احتلته فرنسا وأعلنت ضمه لها منذ عام 1904، ومنحته الاستقلال الشكلي عام 1960. وهو بلد غني بالثروات المعدنية من ذهب وفوسفات وكاولين وبوكسايت وحديد ويورانيوم وغيرها الكثير، استحوذت عليها فرنسا ردحا من الزمن. وموقعه في غرب أفريقيا يمنحه أهمية استراتيجية، إذ يشكل منطقة واحدة مع دول الساحل، تمنح الذي يسيطر عليه قدرة على وضع يده على غرب أفريقيا ووسطها. وقد عانى من تسلط فرنسا كما عانت الجزائر، والأصل أنهم يد واحدة على أعدائهم.
ولكن بعد الانقلابات العسكرية التي تسندها أمريكا في كل من مالي وبوركينا فاسو ثم في النيجر، تبخرت أحلام فرنسا من جهة وخسرت الجزائر ذات الولاء الأوروبي وخاصة البريطاني عمقها الاستراتيجي، فصارت منطقة الساحل الأفريقي منطلقا لسياسات أمريكا في القارة السمراء، ومرتعا لكل من تركيا وروسيا والصين، الذين تعودوا على نهش ما تبقى من جسد الفريسة التي ينقض عليها الوحش الأمريكي. في حين حافظت الجزائر على ولائها للإنجليز.
وفيما عوّدنا النظام التركي بنسخته الأردوغانية بالعزف على مقام استرجاع الإرث العثماني والدفاع عن المظلومين، فإننا لا نسمع ألحان هذه المعزوفة السمجة إلا حين يضبط السيد الأمريكي إيقاعها، ويُحدّد حركاتها وسكناتها...
وتزامنا مع تقارير أمريكية جديدة، تصر على إحراج الجزائر سياسيا وإعلاميا، فتارة تقول إنها تنتهك حقوق الإنسان وأخرى تقول إنها تنتهك الحريات الدينية، قفزت تركيا في غفلة من الجزائر، لتقتحم فناءها الخلفي وتغازل النظام العسكري في مالي بـ20 طائرة مسيّرة من نوع بيرقدار، فتجهض بذلك اتفاق السلم والمصالحة الذي كان ثمرة مفاوضات طويلة وجهود مضنية من الوساطة الجزائرية، وهو ما يعني إلغاء الدور الذي ظلت تلعبه الجزائر في المنطقة لسنوات طوال، ما يفتح الباب أمام أمريكا ويُكسبها مزيدا من الفرص السياسية التي لن تكون قطعا في صالح الإسلام والمسلمين.
فإلى متى سيستمر النظام التركي في ممارسة هذه الأدوار التوسعية المشبوهة هنا وهناك، تحت عناوين مضللة تتمسح بالإسلام ولكنها لا تخدم إلا أعداء الإسلام؟! أليس من الأجدر توحيد الشعوب والجيوش تحت راية التوحيد بدل شق الصفوف وتوجيه الطعنات ودق إسفين الفرقة بين المسلمين خدمة للكفار المستعمرين؟ متى سنعلنها خلافة راشدة تحرر البلاد والعباد؟ قال تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس وسام الأطرش – ولاية تونس