- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
من يبحث عن العدالة للمسلمين من الغرب ومؤسّساته يطارد الخيال
(مترجم)
الخبر:
ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية في 14 كانون الثاني/يناير أن "ناميبيا تنتقد الدعم الألماني لـ(إسرائيل) بشأن قضية الإبادة الجماعية التي أقرتها محكمة العدل الدولية". ويذكر المقال كيف يسجل التاريخ الاستعمار الألماني لناميبيا الذي قُتل فيه 70 ألف شخص من قبائل هيريرو وناما في "أول إبادة جماعية في القرن العشرين". وقال الرئيس الناميبي جينجوب إن "الحكومة الألمانية لم تكفّر بالكامل بعد عن الإبادة الجماعية التي ارتكبتها على الأراضي الناميبية".
التعليق:
في عمل مشين من النفاق، أعلنت ألمانيا في 12 كانون الثاني/يناير أن "الحكومة الفيدرالية ترفض بشدّة اتّهامات الإبادة الجماعية الموجهة ضد (إسرائيل)، ولا أساس لها من الصحة على الإطلاق. ولذلك سنتحدث كطرف ثالث في جلسة الاستماع الرئيسية أمام المحكمة (محكمة العدل الدولية)". حقق الألمان سمعة سيئة من خلال حملتين للإبادة الجماعية في القرن العشرين: الأولى ضدّ الأفارقة ثم ضدّ اليهود فيما يسمى بالهولوكوست. والآن، فإن ألمانيا، التي تأتي في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في توفير أسلحة القمع للكيان الصهيوني، سوف تتدخل في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا والتي تسعى إلى وقف المذبحة والدمار في غزة.
لقد قتل الألمان آلاف الأفارقة في معسكرات الاعتقال مثلما حوّل الكيان الصهيوني غزة إلى معسكر اعتقال منذ عقود. إن أوجه التشابه بين عقلية الألمان الاستيطانية الاستعمارية وعقلية الصهاينة عميقة. تمردت قبائل هيريرو وناما ضد المستوطنين الذين استولوا على المزيد من الأراضي والممتلكات من السكان الأصليين. وكذلك الأمر بالنسبة للصهاينة، وما زالوا يأخذون المزيد من الفلسطينيين. عندما عانى الهيريرو والناما من نهب مواردهم واستعباد شعبهم، تمرّدوا وذبحوا أكثر من 100 مستوطن ألماني. كان ذلك في الثاني عشر من كانون الثاني/يناير 1904. وبشكل فظ، أصدرت الحكومة الألمانية إعلانها الخسيس لدعم الكيان الاستيطاني الصهيوني بعد مرور 120 عاماً بالضبط على الانتفاضة ضدّ وحشيتهم الاستعمارية.
لقد فاجأتهم الثورة ضد المستعمرين الألمان تماماً واعتبرت إذلالاً كبيراً. وكما هو الحال اليوم، عندما يزبد الساسة في كيان يهود من أعلى المستويات الحكومية بشأن تدمير غزة بالكامل وقتل سكان غزة دون تمييز، كذلك كان المستعمرون الألمان يتباهون بوحشيتهم. حيث أصدر الجنرال الألماني تروثا إعلاناً مكتوباً، بعد أن روى كيف ذبح الهيريرو المستوطنين الألمان، "من يسلمني أحد الزعماء سيحصل على 1000 مارك، و5000 مارك لصموئيل ماهيريرو. يجب على أمة الهيريرو الآن مغادرة البلاد. وإذا رفضت، فسأجبرها على ذلك باستخدام "الأنبوب الطويل" (المدفع). سيتم إعدام أي فرد من قبيلة الهيريرو يتمّ العثور عليه داخل الحدود الألمانية، بسلاح أو ماشية أو بدونهما، لن أشفق على النساء ولا الأطفال، سأعطي الأمر بطردهم وإطلاق النار عليهم". إن روح الاستعمار عميقة الجذور، ولن تغير ذلك أي منظمات ومحاكم دولية.
يصادف اليوم مرور 100 يوم على الحرب على غزة (على الرغم من أن غزة لم تعرف سوى الحرب من المستعمرين الصهاينة)، وهذا اليوم مبشّر لسبب آخر. لقد بلغ عدد الشهداء في غزة، ومعظمهم من النساء والأطفال، ما لا يقل عن 23968 شهيداً، وهو ما يفوق عدد الذين قتلوا على يدّ الطاغية الروماني فلاد دراكولا عام 1462 عندما نهب أراضي بلغاريا العثمانية في تحدّ للسلطان محمد الفاتح. وقد تفاخر فلاد، المعروف أيضاً باسم فلاد المخوزق، أمام البابا بأنه قتل 23884 تركياً وبلغارياً، ولكن تم إرسال جيش تحت قيادة السلطان لوضع حدّ لطغيان فلاد. ولكن اليوم، لدى المسلمين جيوش ضخمة مقيدة في ثكناتها من قبل حكام تابعين هم دمى في يد الغرب. والأدهى من ذلك تكبيل العقول المتوجهة لطلب العدالة من الغرب والمؤسسات التي أنشأها ويسيطر عليها، بدلاً من مخاطبة الحكام العملاء والجيوش المسجونة. ومن يذهب ليشرب البحر لا يعود إلاّ أكثر عطشاً!
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. عبد الله روبين