- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
تصريحات بلينكن الأخيرة تُشكّك بقدرة كيان يهود على تحقيق أهداف الحرب
الخبر:
حذّر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الأحد 2024/05/12 من "أنّ هجوما (إسرائيليا) واسعا على رفح سيزرع الفوضى ولن يؤدي إلى قضاء (إسرائيل) على حركة حماس"، وأكّد بلينكن في مقابلة مع محطة إن بي سي التلفزيونية الأمريكية "أنّ الخطة (الإسرائيلية) الحالية في رفح قد تلحق أضرارا هائلة في صفوف المدنيين من دون حل المشكلة"، وتابع قائلا: "سيبقى آلاف العناصر المسلحين من حماس حتى مع حصول هجوم في رفح"، وقال: "رأينا حماس تعود إلى مناطق سيطرت عليها (إسرائيل) في الشمال حتى في خانيونس المدينة الجنوبية القريبة من رفح". وأضاف: "ناقشنا معهم طريقة أفضل بكثير للتوصل إلى نتيجة دائمة".
وكرّر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن معارضته لشن هجوم عسكري واسع على رفح، وقال: "إنّ (إسرائيل) هي من سيتحمل مسؤولية التمرد الدائم دون خروج من غزة وخطة حكم ما بعد الحرب".
وأكّد "أنّ (إسرائيل) ليست لديها خطة ذات مصداقية لحماية نحو 1.4 مليون مدني فلسطيني في رفح"، وقال بلينكن إنّ "(إسرائيل) تسير في مسار يحتمل أن يفضي إلى تمرد إذا استمر وجود العديد من مقاتلي حماس المسلحين، أو إذا تركت فراغا من الفوضى من المحتمل أن تملأه حماس"، وأضاف: "أنّ مقاتلي حماس يعاودون بالفعل أدراجهم إلى مناطق شمال غزة التي قالت (إسرائيل) إنها قضت على المسلحين به"، وأشار بلينكن إلى "أنّ (إسرائيل) لم تضع أيضا خطة ما بعد الحرب للأمن والحكم وإعادة إعمار غزة"، مضيفا: "أنّ الولايات المتحدة تعمل مع حكومات عربية وغيرها على مثل هذه الخطة".
التعليق:
لطالما تحدّث المسؤولون الأمريكيون كثيراً عن ضرورة وضع كيان يهود لخطة واضحة المعالم لفترة ما بعد الحرب، ودائماً ما أكّدوا على أن تلك الخطة يجب أنْ تكون مقبولة على الأطراف المعنية وذات مصداقية، غير أنّ نتنياهو وائتلافه الحكومي دائما ما كان يرفض وضع مثل تلك الخطة، لأنّ وضعها بكل بساطة سيُفضي بالضرورة إلى إسقاطه من السلطة، ومُحاكمته، وإنهاء حياته السياسية.
وتصريحات وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن الأخيرة فيها من التحذير والتخويف الشيء الكثير، وفيها أيضاً شيء من استشراف واقعي سلبي على كيان يهود فيما يتعلق بمُستقبل الحرب، وهو ما يُؤكّد فشل حكومة نتنياهو في تحقيق أهدافها من الحرب، فبلينكن عندما يقول إنّ "(إسرائيل) تسير في مسار يحتمل أن يفضي إلى تمرد إذا استمر وجود العديد من مقاتلي حماس المسلحين، أو إذا تركت فراغا من الفوضى من المحتمل أن تملأه حماس"، فهو هنا يرسم لنتنياهو - إن هو رفض التزام الخطة الأمريكية - مساران شاقان أحلاهما مُر؛ فإمّا التمرد الداخلي، وإمّا الفراغ وعودة حكم حماس للقطاع، وكلاهما فشل مُروّع لنتنياهو وحكومته.
والحل الذي يعرضه بلينكن على نتنياهو هو حل سياسي وليس حلاً أمنياً، وخلاصته في النهاية قبول كيان يهود بالخطة الأمريكية التي تقضي بانسحاب الاحتلال من غزة، وإشراك الدول العربية والسلطة الفلسطينية في هذا الحل، وأنّ أوّل هذا الحل يقتضي إبرام صفقة مع حماس للإفراج عن المُعتقلين والوصول إلى وقف إطلاق النار بشكل دائمي.
ولكن نتنياهو مصمّم على أن يتهرّب من هذا الحل ليحافظ على ائتلافه اليميني، وعلى مُستقبله الشخصي، ويستمر في خوض حرب مجنونة بلا أفق سياسي، وبلينكن نفسه يرى أنّ استمرار هذه الحرب لن تُحقّق أهداف نتنياهو المُعلنة بتحقيق النصر المُطلق في القضاء على حماس وإطلاق سراح الأسرى من خلال الضغط العسكري، وهو ما عبّر عنه بلينكن باحتمالية وقوع تمرد على نتنياهو بسبب عجزه المُتوقع في القضاء على حماس، أو حصول فراغ من الفوضى تملأه حماس، وكلا الخيارين سوداويان على نتنياهو.
وبين توقعات بلينكن بفشل نتنياهو، وبين رفض نتنياهو لكل أشكال الحل السياسي للصراع، تبقى المنطقة تغلي على صفيح ساخن، وتستدعي أهل القوة في جيوش المسلمين للتحرك العاجل، والقيام بتغيير الواقع تغييراً جذرياً.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أحمد الخطواني